انطلاق المفاوضات بين الخرطوم والحركة الشعبية في أديس أبابا

22 ابريل 2014
نازحة سودانية في مخيم بجمهورية إفريقيا الوسطى (ميغيل مدينا/getty)
+ الخط -

 

انطلقت في العاصمة الاثيوبية، أديس أبابا، اليوم الثلاثاء، أولى جلسات المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية ـ قطاع الشمال، في ظل الوساطة الأفريقية برئاسة رئيس جنوب أفريقيا السابق، ثامبو امبيكي.

واندلعت حرب أهلية بين الحركة الشعبية والحكومة المركزية في الخرطوم في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، قبل أكثر من عامين. وبدأ رئيسا الوفدين، عن الجانب الحكومي، ابراهيم غندو، وعن جانب الحركة الشعبية، ياسر عرمان، مفاوضات ثنائية، اليوم الثلاثاء، اقتصرت على الرجلين فقط.
وقالت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" إن امبيكي طلب من رئيسي الوفدين عند انطلاق المفاوضات الجلوس سوياً لتقريب وجهات النظر، وتحديد نقاط الخلاف بشكل دقيق، والاطلاع على المسودة التي طرحها على الطرفين في المفاوضات المنتهية في مارس/ آذار الماضي.
وأكدت المصادر نفسها إصرار الوسيط الأفريقي على احداث اختراق في الجولة الحالية، بإقناع الطرفين على توقيع اتفاق لوقف اطلاق النار، ولو بشكل مؤقت، قبل انتهاء المهلة التي منحها مجلس السلم الأفريقي بالوصول الى اتفاق سلام بين الطرفين قبل حلول الثلاثين من أبريل/ نيسان الجاري. وأشارت الى أن امبيكي أجرى بعض التعديلات على المسودة التي طرحها على وفدي التفاوض أخيراً.

من جانب آخر أعلن "الجيش الشعبي" في دولة جنوب السودان، اليوم الثلاثاء، أن لديه أدلة تثبت تورط الميليشيات السودانية من "الجنجاويد" و"المسيرية"، إلى جانب المتمردين من قبيلة "نوير" بقيادة ريك مشار، في ارتكاب مجزرة داخل إحدى المساجد في مدينة بانتيو، الأسبوع الماضي، وذلك غداة إعلان الأمم المتحدة أن المئات قتلوا بسبب انتمائهم العرقي.

وجدد المتحدث الرسمي باسم "الجيش الشعبي"، فيليب أقوير، لـ"العربي الجديد" اتهام قبيلة المسيرية السودانية، والميليشيات السودانية التي تعرف بـ"الجنجاويد" بالقتال "إلى جانب قوات ريك مشار ومساعدته في السيطرة على مدينة بانتيو الأسبوع الماضي". وأشار إلى تورط تلك الميليشيات في قتل التجار السودانيين، الذي قال إنهم ينتمون إلى إقليم دارفور في غرب السودان. وتابع أن "الجنجاويد" و"المسيرية"، هم من أقدموا على قتل الأبرياء من أبناء دارفور الموجودين في بانتيو.

من جهته، كشف المسؤول البارز في برنامج المساعدات الإنسانية ببعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، توبي لانز، أن "أكواماً وأكواماً" من الجثث تكدّس الكثير منها في مسجد، بعدما استهدف مسلحون أطفالاً وعجائز في جنوب السودان.

وقال لانز لوكالة "أسوشيتد برس"، إن عمليات القتل التي جرت على أساس عرقي "من المحتمل تماماً أن يغير قواعد اللعبة" في الصراع المحتدم منذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول، والذي أظهر العداوات العرقية القائمة منذ فترة طويلة.  وأضاف أنها "المرة الأولى التي ندرك فيها أن محطة راديو محلية كانت تنشر رسائل كراهية تحرض الناس على الاشتراك في أعمال القتال. وأسرعت بالفعل بانحدار جنوب السودان إلى وضع أكثر صعوبة يتعين عليها الخروج منه".

وقال محققون في الأمم المتحدة في وقت متأخر أمس الإثنين، إن مئات المدنيين قتلوا الأسبوع الماضي بسبب انتمائهم العرقي بعد استيلاء متمرّدين على مدينة بانتيو. وهؤلاء المتمردون من قبيلة "النوير"، وهي نفس الجماعة العرقية التي ينتمي اليها نائب الرئيس السابق ريك ماشار.

ونقل لانزر روايات لناجين من المجزرة، تقول إن السكان ظنوا أن بدخولهم مسجد المدينة سيكونون آمنين، بعدما دخلت قوات المتمردين بانتيو الأسبوع الماضي، لكنهم تعرضوا للسرقة قبل أن يقوم المتمردون بارتكاب المجزرة داخل المسجد.

وأشار المسؤول الأممي إلى أن آلاف المدنيين يتدفقون الآن على مقر الأمم المتحدة في بانتيو، لأن كثيراً منهم يعتقد أن المزيد من أعمال العنف ستقع في المستقبل. ويُؤوي المقرّ خمسة وعشرين ألف شخص حاليا، لكن لا يتوافر فيه إلا لتر واحد من الماء في اليوم لكل شخص، وهناك مرحاض واحد لكل 350 شخصا فقط. وأوضح لانزر أن "احتمالات وقوع أزمات في الصحة العامة في قاعدتنا هائلة".

وعلى إثر المجزرة، أعلنت حكومة جنوب السودان أن محادثات السلام مع المتمردين تأجلت مرة أخرى. وقال وزير الإعلام مايكل مكوي لوكالة "رويترز": المحادثات تأجلت. وأضاف "السبب الذي قدّمه (الوسطاء) هو أنه (التأجيل) سيعطيهم فرصة لإجراء مزيد من المشاورات".

إلى ذلك، شدد فيليب أقوير، على أن الجيش الشعبي يعمل حالياً على إعادة تنظيم صفوفه لاستعادة المناطق كافة، التي استولت عليها المعارضة المسلحة. وكشف عن هجوم وقع صباح اليوم في مقاطعة أجو بولاية جونقلي، لكن قواته طردت المتمردين منها. ونفى تماماً سيطرة قوات مشار على مدينة الرنك في ولاية أعالي النيل. وبالنسبة لمقاطعة ميوم، أكد أقوير أن الجيش الجنوبي انسحب منها كإجراء تكتيكي، وأنه يستقر قريباً منها.

في غضون ذلك، تتقصى اللجنة الإفريقية الخاصة بالتحقيق في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان في دولة جنوب السودان، حول الانتهاكات التي ارتكبت أثناء اندلاع النزاع المسلح في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وأمهلت مفوضية الاتحاد الإفريقي اللجنة ثلاثة أشهر لتقديم نتائج التحقيق أمام مجلس السلم والأمن الإفريقي.
وبدأت لجنة التحقيق الإفريقية برئاسة الرئيس النيجيري السابق أولوسانجو أوبسانجو اليوم الثلاثاء، سلسلة لقاءات مع المسؤولين في دولة الجنوب، بينهم الرئيس سلفاكير ميارديت، إلى جانب وزراء الأمن والدفاع والداخلية والرعاية الاجتماعية، ونواب برلمانيين ومسؤوليين أمميين في جوبا. وأكد الاتحاد الإفريقي في بيان أن اللجنة ستلتقي أيضاً مع قادة المعارضة المسلحة، وفي مقدّمتهم ريك مشار ومجموعته.