انشقاقات معسكر حفتر... بويصير يكشف وثائق لفساد مالي

25 ديسمبر 2017
اتهام حفتر بـ"سرقة" أموال البنك المركزي (فيليب يوجازر/فرانس برس)
+ الخط -
انتقلت الخلافات والانشقاقات التي يعاني منها معسكر اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، إلى العلن، وانتشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مرفقة بمستندات تكشف حجم الفساد المالي والسقوط السياسي في تحالفه.

وقد انفجر الخلاف هذه المرة بين حفتر ومستشاره السياسي المقيم في واشنطن، محمد بويصير، الذي كان معروفا بدعمه اللامحدود للواء المتقاعد ولمساعيه العسكرية والسياسية في الدوائر الغربية، بحكم صلاته ببعض الساسة الغربيين التي كوّنها أثناء إقامته في أميركا ودول غربية أخرى كمعارض لنظام معمر القذافي طيلة أربعة عقود.

ومنذ أغسطس/ آب الماضي، بدت تصريحات بويصير تسير باتجاه تغير مواقفه السابقة الداعمة لحفتر، ليطفو على السطح مؤخرا حديث عن انتهاء العلاقة بينهما خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وبدء موجة من الصراع وكشف الأوراق، سيما بعد أن صرح بويصير، خلال الشهر ذاته، بأن حفتر على مفترق طرق بعد حادثة مجزرة الأبيار في بنغازي، التي راح ضحيتها 38 مدنيا، مطالبا حليفه السابق بمغادرة البلاد قبل أن يصبح مصيره كمصير الجنرال الصومالي محمد فرح عيديد، الذي قتل سنة 1996 في هجمات مفاجئة على يد أحد خصومه.

وفي آخر تطورات العلاقة بين الرجلين، نشرت صفحات مقربة من حفتر صورا لوثائق تحمل اسم بويصير، يبدو أنها مقدمة منه كمقترح للعمل على بناء مؤسسة للترويج لسياسات حفتر في دوائر القرار الأميركي، متهمة إياه بالسعي من خلالها للحصول على أموال لبناء هذه المؤسسة تصل إلى نصف مليون دولار.

وفي أولى صفحات الوثيقة، التي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها، تظهر عبارة "غير مقنع وتحفظ" بتاريخ 19 إبريل/ نيسان 2017، في إشارة إلى عدم موافقة حفتر على المقترح.



من جهته، كشف بويصير مزيدا من الحقائق حول الوثيقة، مشيرا، في تدوينة على صفحته الرسمية على "فيسبوك"، إلى أن الوثيقة خضعت للتزوير من أعوان حفتر، خاصة ما يتعلق بتاريخها، كما أشار إلى تغيير تأشيرة حفتر عليها من الموافقة إلى عدم الموافقة، مؤكدا أن مقترحه قدم في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، وأن الوثيقة تحدثت عن أجواء الانتخابات الأميركية التي حدثت في 2016، و"من غير الطبيعي أن يتحدث المقترح عن الانتخابات الأميركية بعد نهايتها"، مستدلا بأن "الشطب واضح على التاريخ الأصلي للوثيقة".

وأضاف المتحدث ذاته: "مقترحي الذي تقدمت به لحفتر كان التعاقد مع مؤسسة ترويج في واشنطن أو إنشاء جماعة غير ربحية حسب القانون الأميركي، تقوم بهذا العمل، وتزيد من عدد المؤيدين لتلك الحرب في واشنطن. وبعد نقاش طلب حفتر دراسة عن الاختيار الثاني"، مشيرا إلى أن المبلغ المطلوب لتمويل الخيار الثاني الموضح في المقترح المنشور هو 400 ألف دولار.

وفيما أكد بويصير أن حفتر حول المقترح إلى نجله عقبة المقيم في فرجينيا بأميركا لتنفيذه، أشار إلى أن المقترح قوبل بالرفض من قبل ابن اللواء الليبي.

وكشف المتحدث ذاته عن أن حفتر تعاقد، في بداية عام 2016، بملبغ 6 ملايين دولار، مع رجل المخابرات الإسرائيلي اري بن مناشي، صاحب شركة علاقات عامة في كندا، للمهمة ذاتها التي كان بويصير سيعمل عليها.

وكان "العربي الجديد" قد كشف في تحقيق مطوّل أسرار علاقة حفتر بالمخابرات الإسرائيلية (انقر هنا)  عن طريق تطوير علاقته برجل المخابرات الإسرائيلي بن مناشي، الذي عرف شرق ليبيا منذ العام 2015 عن طريق زعامات التيار الفيدرالي.

تعرّف إلى خيوط علاقة حفتر وبن مناشي الإسرائيلي وصفقة تقسيم ليبيا في الـ "إنفو فيديو" التالي:

ورفع حليف حفتر السابق من مستوى هجومه عليه إلى حد التهديد بالقول إن "المرحلة الأخيرة من قصة الجنرال حفتر ستكون قريبة"، معتبراً أن "قدراته المحدودة ستقوده إلى مصير الجنرال راتكو ملاديتش ( لقائد السابق لجيش الصرب في البوسنة) أو الجنرال عيديد".

وخلص بويصير، في تدوينته الأخيرة، إلى أن حفتر وأعوانه "في حالة انهيار، فلم يعودوا قادرين إلا على فتح باب الحرب، ولشعورهم بالضعف لا يتورعون عن الكذب والتزوير".

ويبدو أن الرجل الذي كان مقربا من حفتر والمطلع على أسراره يتوفر على العديد من الملفات التي يمكن أن تنهي مصير الجنرال الطامح لحكم ليبيا. فخلال تدوينة له الأسبوع الماضي على صفحته الرسمية، طالب بويصير بالكشف عن مصير ملايين الدولارات التي سرقها اللواء الليبي المتقاعد من خزائن المصرف المركزي في بنغازي.

وإن لم يشر بويصير إلى زمن هذه "السرقة"، إلا أن حديثه بشأن اتصاله بمحافظ البنك المركزي بالبيضاء، علي الحبري، الموالي لحفتر، ومطالبته له بالخروج للعلن لتوضيح قصة سرقة هذه الأموال، يشير إلى أنها قضية جديدة.

تدوينات بويصير التحذيرية من حفتر، أو لحفتر، تعكس تخبطا كبيرا يعيشه تحالف الجنرال المتقاعد، فاتجاهه لـ"الاستيلاء على أموال بمقر البنك المركزي"، بحسب حليفه السابق، يكشف عجزا ماليا تعانيه قواته، قبل أن يهاجم بويصير، مرة أخرى، في تدوينة جديدة، كاشفا عن معاناة حفتر على الصيعد السياسي، إذ شدد على أنه يعمل على خطة يصبو لتنفيذها في ديسمبر/ كانون الأول الجاري، للاستيلاء على السلطة وتعطيل المؤسسات القائمة، من خلال إطلاق مكون جديد سيعرف باسم "مجلس الاجتماع الوطني"، مؤكدا أن اجتماعات تعقد في أروقة قيادة حفتر للتحضير للخطة التي سيجري تنفيذها بالتزامن مع عدد من الإجراءات، بينها إغلاق موانئ النفط وإيقاف التصدير.

المساهمون