بات الحديث حول ضرورة وضع حلول ناجعة لمنع الموظفين في العراق من استغلال ساعات العمل في الانشغال بالهواتف المحمولة أكثر وضوحاً، إذ يعتبرها كثيرون أحد أسباب تراجع أداء الموظف وتأخر معاملات المواطنين في مختلف الدوائر والمؤسسات.
وكشف مسؤول في وزارة التخطيط العراقية لـ"العربي الجديد" أن آخر مسح ميداني أظهر أن عدداً كبيراً من الموظفين يسرقون من أوقات العمل ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً من خلال الألعاب أو التطبيقات أو منصات التواصل والدردشة، مبيناً أن الهواتف تلهي الموظفين عن العمل، وسبب رئيس في تعطل مصالح المراجعين، وأن الرجال أكثر استخداماً للهاتف من النساء خلال أوقات العمل.
وأضاف المسؤول الحكومي أن "الظاهرة انتقلت من المؤسسات المدنية والخدمية إلى المؤسسات العسكرية، فمعدل استخدام الجنود وعناصر الأمن في الثكنات والمقرات الأمنية ومراكز الشرطة وحواجز التفتيش للهاتف يتصاعد أيضاً".
وقال إن "الحكومة لم تضع ضوابط عقابية، لكن تركت التصرف لكل مدير، وهناك مؤسسات وضعت أجهزة تشويش على شبكة الهاتف المحمول، وأخرى قررت عقوبات تصل إلى خصم أيام من الراتب الشهري، غير أن تلك الإجراءات لم تحل المشكلة بالكامل".
ويشكو أغلب مراجعي الدوائر الحكومية العراقية من عدم إنجاز معاملاتهم من قبل الموظفين في الدوائر بسبب انشغالهم بتطبيقات الهواتف الذكية، وقال خالد، وهو مدرس من بغداد، إنّ "دوائر مديريات التربية لا تنجز المعاملات، وموظفيها منشغلون بالهواتف طوال ساعات العمل".
وأوضح لـ"العربي الجديد": "منذ عشرين يوماً أراجع دائرة من دوائر وزارة التربية على معاملة لصرف مستحقات مالية، لكني لم أحصل عليها بسبب الموظفين. كل يوم يبلغني الموظف أن معاملتي في البريد، أو في مكتب رئيس القسم، أو في مكتب معاون المدير العام. اضطررت للتواصل مع أحد الموظفين عن طريق قرابة تربطني به، وبحثنا عن معاملتي فوجدناها في المهملات".
وأكد أنّه "لا يوجد مبرر لتعطيل المعاملة عدا إهمال الموظفين، إذ إنهم طوال اليوم يقلبون بالهواتف وكأنهم يجلسون في المقاهي وليس في دوائر حكومية. استمرار العمل بهذه الطريقة سيعطل الحياة في الدوائر بشكل كامل".
وقال رئيس قسم في وزارة الزراعة، لـ"العربي الجديد"، إن "الموظفين في كافة الدوائر منشغلون بالهواتف، ولا أحد يقوم بالعمل. طالبنا المدير العام بإصدار قرار بمنع استخدام الهواتف في أوقات الدوام الرسمي، إلا أن المدير لم يستطع أن يتخذ القرار خوفاً من رفض الموظفين الذين يرتبطون بجهات حزبية وسياسية. الموضوع أصبح آفة خطيرة تنحر مؤسسات الدولة، وتحتاج إلى قرار حكومي".
ويختلف الحال في الدوائر الحكومية عنه في المؤسسات الأهلية التي أصدر أصحابها قرارات بمنع الاستخدام المفرط للهواتف إلّا ضمن حدود العمل، وقال سالم الجنابي، وهو مسؤول في أحد المصارف الأهلية ببغداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المواطنين يفضلون المصارف الأهلية على الحكومية، إذ يسير العمل فيها بشكل جيد، فالموظفون يخشون من العقوبات في حال استخدموا الهواتف بشكل يؤثر على العمل".
وأكد أنّ "خوف الموظف في الدوائر الأهلية من عقوبات الإدارة، والتي تصل أحياناً إلى الطرد من العمل، وراء نجاح عمل المصارف والمؤسسات الأهلية على حساب الحكومية، وإذا لم يتم تفعيل مبدأ العقوبات في دوائر الدولة فإنها ستصاب بشلل كامل، فالموظفون يستغلون عدم وجود عقوبات".