كان واضحاً منذ انطلاق الاجتماع وجود نية لدى كتلة "الوفاء المقاومة" (حزب الله) بتفجير الجلسة، إذ أكد الوزير، حسين الحاج حسن، لدى دخوله القاعة، أنّ "حضور الجلسة هو للبحث بالمراسيم التي صدرت من دون توقيع كل الوزراء عليها، مما يمسّ التفاهم داخل الحكومة". وشدد على "عدم التحجج بأي موضوع آخر لتأجيل البحث في هذا الموضوع"، في حين كان كل الوزراء يتحدثون عن ملف النفايات والمناقصة التي أعلن نتائجها وزير البيئة، محمد المشنوق. حتى أنّ وزيري تكتل التغيير والإصلاح (الكتلة النيابية والوزارية للنائب عون)، جبران باسيل والياس بو صعب، تناولا هذا الملف عند دخولهما الجلسة، وتشاركا والوزراء الموقف نفسه حول المناقصة، التي أتت بأسعار مرتفعة وخيالية، ستكبّد البلديات اللبنانية والمواطنين مبالغ طائلة. ولو أنّ التكتل يعتبر نفسه الخاسر الأكبر والمتضرر الأول من موضوعي "الشراكة وآلية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء"، لكن التفجير أتى من حليفه الرئيسي، حزب الله.
اقرأ أيضاً دروس تظاهرات بيروت: إدارة الاحتجاجات حاجة ملحّة
وعليه، فرض وزيرا حزب الله، حسين الحاج حسن ومحمد فنيش، موضوعي "الشراكة الوطنية" و"آلية عمل الحكومة"، الذي قالت مصادر وزارية لـ"العربي الجديد"، إنه "أخذ ما يزيد عن ساعتين ونصف ساعة من النقاش". وقال الحاج حسن لدى انسحابه من الجلسة، إنّ "هذه الخطوة جاءت بسبب الإصرار على تجاوز مبادئ الشراكة، وآلية عمل الحكومة، ودرس التفاهمات".
وأشار إلى "أننا أصررنا خلال مداخلتنا على موضوع الشراكة والآلية، ولكنه تبيّن أن 70 مرسوماً وُقّعت من دوننا، وهناك اتجاه لنشرها. لذلك أمام إصرارهم على قصة الشراكة كان لنا هذا الموقف". كما كان لباسيل وبو صعب الموقف نفسه، من خلال التأكيد في مداخلتهما على "وجوب الاستماع إلى المكوّن المسيحي وإعطائه حقوقه في التمثيل واتخاذ القرار".
وأشارت مصادر في التيار الوطني الحرّ، إلى أنّ "الحلفاء يدرسون الخطوات التي يمكن اتخاذها إزاء تمادي الفريق الآخر بالاستئثار بالسلطة والتفرّد بالقرارات"، ومن جملة الاقتراحات الممكن اللجوء إليها "تعليق المشاركة في جلسات الحكومة" أو "الاعتكاف" وصولاً إلى خيار "الاستقالة".
وفي حال تسجيل استقالة الوزراء الستة، يُمكن للحكومة أن تتابع جلساتها بشكل عادي، باعتبار أنها ستحتفظ بأكثر من ثلثي أعضائها، لكنها قد تكون بعد ذلك أمام مواجهة سياسية مع حزب الله وعون، اللذين لا يزالان يلوّحان بإمكانية اللجوء إلى الشارع.
وبانتظار صدور موقف واضح بهذا الخصوص عن عون وحزب الله، تابعت الحكومة اجتماعها بشكل طبيعي بعد خروج الوزراء الخمسة، فأسقط المجتمعون مشروع المناقصة التي أدارها وزير البيئة، محمد المشنوق، وتمّ الاتفاق على إعادة وضع ملف النفايات بيد اللجنة الوزارية المصغرّة، المُنتظر أن تستأنف اجتماعاتها يوم الثلاثاء المقبل بدعوة من سلام. وكانت المناقصة قد منحت ست شركات ملف إدارة النفايات، وتراوحت الأسعار بين 151 دولاراً أميركياً و215 دولاراً لرفع ومعالجة الطون الواحد، وفقاً للمناطق. مع العلم بأن كل شركة من الشركات الست محسوبة على زعيم أو حزب سياسي.
وفي محاولة لفتح باب لإنهاء هذا الملف، تقدم وزراء تيار المستقبل بإمكانية تخصيص منطقة لجمع وطمر النفايات في عكار (محافظة شمالي لبنان)، فاستكمل النقاش في هذا الطرح بشكل غير مباشر، من خلال إقرار الحكومة تخصيص عكار بمبلغ قيمته 100 مليون دولار، تُقدّم على مدى ثلاث سنوات من خلال الهيئة العليا للإغاثة.
وأشار وزير الإعلام، رمزي جريج، بعد الجلسة، إلى أنّ هذا المبلغ هو من أجل "تنفيذ مشاريع إنمائية ورفع المستوى المعيشي في تلك المنطقة المحرومة". وأضاف: "من خلال اعتماد المشاريع التنموية نستطيع ان نتواصل مع هذه المنطقة، لمساعدتنا لإيجاد حل سريع لموضوع النفايات"، الأمر الذي ترى فيه الأوساط محاولة الدولة شراء ذمم بعض النواب والمسؤولين في عكار بمبلغ 100 مليون دولار، لفتح المجال أمام دخول كل الأضرار البيئية والصحية إلى سهول وبيوت منازل هذه المنطقة المحرومة أصلاً، والتي لم تنل طوال السنوات العشر الماضية سوى مبلغ 7 ملايين دولار لدعم التنمية والبنى التحتية فيها.
اقرأ أيضاً: إسقاط طوائف لبنان