انسحابات روسية صينية من قطاع الطاقة الإيراني

13 ديسمبر 2018
مدير "روسنفت" إيغور سيتشين (Getty)
+ الخط -

ذكرت صحيفة "فيدوموستي" الروسية في عددها الصادر اليوم الخميس، أن أكبر شركة نفط في روسيا "روسنفت" قررت العدول عن الاستثمار في إيران بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، بينما رجح خبير مالي أن هذا القرار يندرج أيضا ضمن سعي موسكو لإقامة تحالف مع السعودية. كما أفادت مصادر بأن مؤسسة البترول الصينية الوطنية علقت استثماراتها في حقل بارس الجنوبي للغاز بضغط أميركي.

ونقلت الصحيفة الروسية عن مصدر مقرب من إدارة الشركة الحكومية قوله، إن المفاوضات باتت متعثرة منذ الصيف الماضي على خلفية التهديدات بفرض العقوبات الأميركية على إيران والتي دخلت حيز التنفيذ في 6 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وشملت قيودا على تصدير النفط الإيراني.

وأوضح مصدر آخر أنه من بين أسباب انسحاب "روسنفت" من إيران، تغيير إستراتيجية الشركة التي قررت التركيز على النمو داخل روسيا.

وأضاف مصدر ثالث أن "روسنفت ليست لها التزامات أمام الجانب الإيراني، ولم تستثمر الشركة الحكومية أي أموال، فلن تتكبد خسائر".

وسبق لرئيس "روسنفت"، إيغور سيتشين، أن صرح في نهاية العام الماضي بأن الشركة الروسية وشركة النفط الوطنية الإيرانية قد تحققان مشاريع مشتركة في مجال إنتاج النفط باستثمارات تصل قيمتها إلى 30 مليار دولار، وقد تم التوقيع على "خريطة الطريق" لتحقيق مشاريع إستراتيجية آنذاك في قطاع النفط والغاز.

من جهته، وصف رئيس قسم الشركات بوكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، دميتري مارينتشينكو، قرار "روسنفت" بأنه "خطوة عقلانية" من وجهة نظر الإستراتيجية الجديدة للشركة وتنامي المخاطر السياسية والعقوبات.

ونقلت "فيدوموستي" عن مارينتشينكو قوله: "قد يعود العدول عن التعاون بدرجة ما إلى سعي روسيا لإقامة تحالف سياسي مع السعودية التي لها علاقات سيئة مع إيران".


يُذكر أن "روسنفت" ليست أول شركة عالمية تعدل عن خطتها في إيران على خلفية العقوبات الأميركية، إذ سبق لشركة "توتال" الفرنسية أن باعت حصتها البالغة 50.1% بحقل "فارس الجنوبي" لشركة "سي.إن.بي.سي" الصينية.

تعليق مشاركة الصين في مشروع "بارس" العملاق

وفي سياق الضغوط الأميركية المتصاعدة على إيران، نقلت وكالة "رويترز" عن 3 مسؤولين تنفيذيين حكوميين في قطاع النفط بالصين أن "مؤسسة البترول الوطنية الصينية" علقت استثماراتها في مشروع حقل بارس الجنوبي للغاز الطبيعي الإيراني بسبب ضغوط أميركية وبغية خفض التوترات في ظل محادثات تجارية بين بكين وواشنطن.

وحقل بارس الجنوبي هو أكبر حقول الغاز الطبيعي في العالم. ويوجه تجميد استثمارات مؤسسة البترول الوطنية الصينية ضربة لمساعي طهران الرامية للحفاظ على تمويل مشروعات الطاقة، في ظل إعادة فرض عقوبات أميركية على قطاع النفط الإيراني في وقت سابق من العام الجاري.

وقالت إيران في 25 نوفمبر/تشرين الثاني إن مؤسسة البترول الوطنية الصينية حلت محل شركة "توتال" في تشغيل المرحلة 11 من مشروع حقل بارس الجنوبي، بعد انسحاب الشركة الفرنسية من المشروع خشية انتهاك العقوبات.

أحد المصادر، وهو مسؤول تنفيذي مطلع مباشرة على المسألة، قال إن تجميد الاستثمارات جاء بعد 4 جولات من المحادثات في بكين، منها جولة عُقدت في أكتوبر/تشرين الأول مع مسؤولين أميركيين كبار حثوا المؤسسة على الامتناع عن ضخ تمويل جديد في إيران.

وأفادت المصادر بأنه لم يتضح ما إذا كانت الحكومة الصينية أعطت أوامر مباشرة بوقف الاستثمارات، لكن المصادر أضافت أن الأمر منطقي في ظل المفاوضات التجارية بين الصين والولايات المتحدة.

مسؤول مطلع على الاستراتيجية العالمية للمؤسسة الصينية، قال: "تعتبر الصين أن علاقتها مع الولايات المتحدة أهم من أي شيء آخر. ونظرا لأن مؤسسة البترول الوطنية الصينية كيان مملوك للدولة، فإنها ستظل بمنأى عن التسبب في أي متاعب لا داعي لها في هذه العلاقة مع المحادثات التجارية الجارية بين الولايات المتحدة والصين".

وطلبت المصادر عدم نشر أسمائها لأنها غير مخولة بالحديث إلى وسائل الإعلام، وقال أحدها إن إيران أمامها 120 يوما لمراجعة دور مؤسسة البترول الوطنية الصينية في حقل بارس الجنوبي واتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستبقي الشركة الصينية مستثمرا خاملا أو ستلغي الاتفاق.

وفي طهران، لم يؤكد وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه أن مؤسسة البترول الوطنية الصينية انسحبت من المشروع، لكنه قال إن الانسحاب سيمثل انتهاكا لبنود العقد.

ونقل التلفزيون الرسمي عن زنغنه قوله: "عندما انسحبت توتال، كان من المفترض أن تحل الشركة الصينية محلها بموجب العقد. وإن لم تفعل، فسيكون هذا خرقا لبنود العقد وسنتعامل مع الأمر وفقا لحقوقنا التعاقدية".

الهند تمنع مصفاة مملوكة لشركة روسية من شراء النفط

في جانب آخر، كشف زنغنه أنه نتيجة للعقوبات الأميركية، رفضت الهند السماح لمصفاة هندية مملوكة لشركة روسية باستخدام الخام الإيراني الذي حصلت عليه نيودلهي بموجب إعفاءات.

وكان زنغنه يرد على أسئلة خلال مقابلة مع التلفزيون الإيراني عن السبب وراء عدم شراء طهران مصاف في الخارج، مضيفاً أن هناك حاجة لاستثمارات كبيرة وأن المصافي ستكون خاضعة للدولة المضيفة.


تسوية اتهامات شركة بانتهاك عقوبات إيران

في إطار آخر، قالت وزارة الخزانة الأميركية، أمس الأربعاء، إن مجموعة "يانتاي جيريه" لخدمات الحقول النفطية، ومقرها الصين، وافقت على دفع ما يزيد عن 2.7 مليون دولار لتسوية اتهامات بتنفيذ أنشطة أعمال مع الصين، منتهكة بذلك العقوبات الأميركية المفروضة على الجمهورية الإسلامية.

ورصدت وزارة الخزانة 11 حالة "واضحة" لنقل مواد مرتبطة بحقول النفط، مثل قطع الغيار والأنابيب والمضخات، ووصفتها "بحالة فاضحة"، حيث أن "يانتاي جيريه" لم تفصح عن الانتهاكات طواعية، فيما لم يتسن الحصول على تعليق من الشركة.

وزارة الخزانة قالت في إشعار على موقعها الإلكتروني: "تتضمن الانتهاكات الواضحة التصدير أو إعادة التصدير، ومحاولة التصدير أو إعادة التصدير لمنتجات من منشأ أميركي لتصل في نهاية المطاف إلى مستخدمين في إيران من خلال الصين".

المساهمون