وبحسب مصادر مقربة من قيادة قوات حفتر، فإن الأخير أُبلغ خلال زيارته الأخيرة للقاهرة بانزعاج أطراف دولية من وجود عناصر مسلحة متطرفة في صفوف قواته، ولا سيما مقاتلي التيار المدخلي.
وكشفت المصادر التي تطابقت شهاداتها، أن البلاغ الأخير "ليس الأول، فكثير من ضباط قوات حفتر أبدوا تحفظهم على تنفذ مقاتلي وقادة التيار المدخلي ومشاركتهم بشكل فاعل في القتال"، وقال أحد المصادر لـ"العربي الجديد"، إن "بعضهم أبدى عدم ثقته في المداخلة بسبب انقسامهم وإمكانية تغير مواقفهم المرتبطة بفتاوى شيوخ التيار المدخلي بالسعودية".
لكن حفتر، بحسب المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها، لم يتخذ موقفا حتى الآن على خلفية التحفظات الجديدة على المداخلة المسلحين الذين يصفهم ضباط بالجيش (قوات حفتر) بـ"الوهابية المقاتلة".
وفيما أكدت المصادر أن حفتر يرغب في الإبقاء عليهم واستمرار استفادته من مقاتليهم شديدي الولاء له بسبب فتاوى شيوخ المداخلة الذين يعتبرونه "ولي أمر شرعي"، لكنه في الوقت ذاته يعطي اعتبارا لانزعاج بعض حلفائه كمصر التي أبلغته عن تحفظ أميركي أيضا على منح حفتر السلاح للمداخلة.
ويبدو أن تحفظات حلفاء حفتر لا تتوقف عند هذا الحد، فحتى الجانب الروسي أبدى تحفظا سابقا على وجود "السلفية المسلحة" في صفوف حفتر، فتروي المصادر أن "عبد الباسط البدري، السفير الليبي في الرياض والمبعوث الشخصي لحفتر لدى موسكو، أبلغ حفتر في وقت سابق، رفض مسؤولين روس مقابلته".
وبتفصيل أكثر، أكدت المصادر أن الرئيس الشيشاني رمضان قديروف المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رفض تكليفا من بوتين للقاء البدري لمناقشة إمكانية مشاركة قوة شيشانية خاصة في عمليات خاصة كان حفتر يرغب في تنفيذها أثناء معاركه السابقة في بنغازي ودرنة، مؤكدا أن قديروف قال بالحرف الواحد إنه "لا فرق بين مقاتلي حفتر الوهابيين والإرهابيين الذين يقاتلونهم".
وتبرز المصادر بعضا من مخاوف حفتر التي تواجهه إزاء ضغوط حلفائه لإقصاء المداخلة أن المملكة السعودية هي التي تمول حربه الحالية على طرابلس، كما أن أبرز أبنائه المسيطرين على قوات ضاربة في صفوفه، وهو خالد، ينتمي للتيار المدخلي السلفي كقائد للكتيبة 106، والتي عين فيها مقاتلين بارزين من المداخلة كمساعدين له.
ويعتمد حفتر على مقاتلي السلفية المدخلية منذ مطلع 2015، إثر إعلان زعيم السلفية المدخلية في السعودية الشيخ ربيع المدخلي اعتبار حفتر "ولي أمر شرعي" ويتوجب على السلفيين القتال في صفوفه، كما مكن حفتر السلفيين من منابر المساجد للدعوة له، وتأسيس دار للإفتاء تابعة لمجلس نواب برلمان طبرق، يترأسها عيسى أبودويرة المشهور بأبي عيسى المرجاوي، أحد تلاميذ ربيع المدخلي المباشرين.
وبالإضافة لاعتماد حفتر على الكتائب المدخلية في حروبه المختلفة، يبدو أن له أهدافا أخرى بشأن إمكانية الاستفادة من دعمهم لحملته الحالية على طرابلس ومصراته.
ففي طرابلس لا تزال كتيبة الردع الخاصة المعروفة بانتماء قادتها ومسلحيها للتيار المدخلي، وتسيطر على قاعدة امعيتيقة، أهم قواعد طرابلس العسكرية، على حياد ولم تشارك ضمن قوات الحكومة التي تقاوم تقدمه في طرابلس، كما أن الكتيبة 604 مشاة، وهي من أبرز كتائب قوات البنيان المرصوص في مصراته والتي برزت بشكل فاعل في القتال ضد تنظيم داعش في سرت عام 2016، رفضت الذهاب إلى طرابلس ضمن قوات مصراته للقتال ضد حفتر.
ومن أبرز الكتائب المدخلية المقاتلة في صفوف حفتر:
- الكتيبة 210 مشاة، وهو الاسم العسكري الجديد لكتيبة التوحيد السلفية التي شكلها أشرف الميار، أحد جنود القوات الخاصة، وشاركت في عملية الكرامة في بنغازي منذ مطلع العام 2015، قبل أن يعيد حفتر تشكيلها ونقل تبعيتها لكتيبة طارق بن زياد التي يقودها نجله "صدام"، لكنها لا تزال ذات فاعلية كبيرة في كل معارك حفتر، ولا تزال تعسكر في مرتفعات الأصابعة، غرب طرابلس، بعد انتقالها إثر انتهاء معارك حفتر في الجنوب.
- كتيبة الخليل، إحدى كتائب القوات الخاصة، وعلى علاقة مباشرة بالقيادي البارز محمود الورفلي، المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، وتاجد حاليا في تراغن، جنوب البلاد، بعدما كلفتها قيادة حفتر بتأمينها، وبحسب آخر الأنباء فهي تستعد للتوجه للالتحاق بالكتيبة 201 مشاة.
- سرية سلوق المقاتلة في بنغازي والتي يقودها السلفي المتشدد قجة الفاخري، وبالإضافة للعمليات القتالية، فأهم أعمالها تنفيذ عمليات قذرة، كتنفيذها لمذبحة الأبيار في بنغازي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي راح ضحيتها 36 مدنياً من المعتقلين في سجون حفتر، والاعتقالات آخرها اعتقال اللواء أحمد العريبي من بيته في بنغازي في الشهر ذاته.
-الكتيبة 302 بقوات الصاعقة بقيادة السلفي المتشدد محمد القابسي، من أجدابيا، وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أيام، فيديو يظهر أحد قادتها السلفيين وهو يعلن استعداد الكتيبة للتوجه إلى طرابلس.
- القوات الخاصة البحرية، التي نفذت إنزالا بحريا فاشلا في مقر الأكاديمية البحري بجنزور، غرب طرابلس، في الخامس من الشهر الجاري، قبل أن تتراجع بواسطة زوارقها التي أبحرت من مناطق مجاورة للعاصمة.
Facebook Post |