يشكو حسن اليازجي مالك إحدى مزارع الدواجن في غزة من تذبذب أسعارها وانخفاضها مقارنة بالتكلفة الإنتاجية والنفقات التي يتحملها طوال الفترة الماضية، نتيجة لعدة عوامل من أبرزها ضعف القدرة الشرائية لدى ما يزيد عن مليوني مواطن يعيشون أوضاعاً اقتصادية وإنسانية متردية في القطاع المحاصر من الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2006.
وشهدت أسعار الدواجن خلال الشهور الخمسة الماضية انخفاضاً ملحوظاً مقارنة بالفترة ذاتها من الأعوام الماضية، الأمر الذي انعكس بالسلب على مربي وأصحاب المزارع بفعل الخسائر المالية التي لحقت بهم.
وزاد الفائض في السوق المحلي في ظل عدم القدرة على تصديره إلى الخارج، إلى جانب وجود كميات كبيرة من البيض المخصب الخاص بالتفريخ من مأزق أصحاب المزارع.
ويقول اليازجي لـ "العربي الجديد" إن بداية الأزمة تعود لما بعد موسم عيد الأضحى، حينما أقدمت وزارة الزراعة في غزة على إدخال كميات كبيرة من المجمدات وأطراف الدواجن المجمدة، وهو ما انعكس بالسلب على أسعار الدواجن إلى جانب إدخال كميات كبيرة من البيض المخصب.
ويوضح أن انعكاسات القدرة الشرائية للمواطنين في القطاع بفعل تقليص رواتب موظفي السلطة الفلسطينية إلى 50%، وعدم انتظام رواتب موظفي حكومة غزة السابقة، وتردي الأوضاع المعيشية، كلها عوامل تضاف إلى سلسلة من العوامل التي تنعكس بالسلب على سوق الدواجن في القطاع.
وإجمالي سعر الكيلو الواحد من الدجاج الحيّ يتراوح حالياً ما بين 7.5 إلى 8.5 شواكل (الدولار يساوي 3.7 شواكل) في أفضل الأحوال، بينما يرى اليازجي أن السعر المقبول بالنسبة للتجار والمربين يجب أن يتراوح ما بين 9 إلى 10 شواكل خلال فترة الخريف، ويرتفع السعر قليلاً خلال فصل الشتاء نظراً للنفقات الإضافية التي يتحملها أصحاب المزارع والمربون والذي يتطلب توفير عوامل تدفئة واحتياطات إضافية لحماية الدواجن.
ووفقاً لتقديرات وزارة الزراعة في غزة، فإن إجمالي ما يحتاجه القطاع خلال الفترة الحالية مع تراجع القدرة الشرائية وضعفها يتراوح ما بين 1.7 و1.8 مليون دجاجة شهريا، في الوقت الذي كان يصل خلال الأعوام الماضية إلى أكثر من مليوني دجاجة شهرياً.
ويقول سلمان شيخ العيد، الذي يعمل في مجال تربية الدواجن في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ أصحاب المزارع والمربين تكبدوا خلال الفترة الحالية خسائر مالية فادحة.
ويوضح شيخ العيد أنّ الكثير من التجار باتوا يتعاملون اليوم بالشيكات المؤجلة في عملية شراء الدواجن بفعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي وصل إليها القطاع مع طول مدة استحقاقها، وهو ما ينعكس بالسلب على المربين وأصحاب المزارع.
ويطالب بضرورة تدخل الجهات الحكومية والعمل على ضبط الأسواق بشكلٍ يحفظ حقوق التجار والمواطنين على حدٍ سواء ولا يساهم في مفاقمة الأزمات، خصوصاً أن الكثير من التجار وأصحاب المزارع باتوا مهددين بالسجن على خلفية التزاماتهم المالية.
وبات الكثير من أصحاب المزارع يميلون إلى سياسة تجميد المال، عبر بيع ما لديهم من دواجن بسعر التكلفة الأصلي من أجل تسديد ما عليهم من التزامات، وفق شيخ العيد.
بدوره، يؤكد مدير دائرة الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة بغزة طاهر أبو حمد، أن الواقع غير المستقر للقطاع معيشياً واقتصادياً جعل الكثير من الخطط والبرامج التي وضعت لتنظيم وضبط قطاع الدواجن ينتهي بالفشل نتيجة حالة التذبذب في القدرة الشرائية من فترة إلى أخرى.
ويقول أبو حمد لـ "العربي الجديد" إن هناك تراجعاً واضحاً في قدرة المواطنين الشرائية وتحديداً للدواجن، حيث كانت تتجاوز في الوضع الطبيعي معدل 2.5 مليون دجاجة شهرياً، أما اليوم فهي تتراوح فقط ما بين 1.7 و1.8 مليون دجاجة شهرياً.
وانخفض معدل دخل الفرد اليومي خلال الآونة الأخيرة إلى دولارين أميركيين يومياً، في الوقت الذي تعتمد 80% من العائلات على المساعدات الإغاثية التي تقدمها الجهات الأممية، فيما ذكر البنك الدولي في تقرير له في سبتمبر/أيلول الماضي أن معدل البطالة بين السكان، الذين يغلب عليهم الشباب، وصل إلى أكثر من 70%، أما معدل النمو فقد بلغ بالسالب 6% في الربع الأول من العام الجاري 2018.
ويشير مدير دائرة الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة، إلى أنّ السياسات التي وضعتها وزارته لم تؤد النتائج المرجوة، نتيجة لحالة التذبذب في السوق المحلي ووجود كميات إضافية من الدواجن يصعب تصديرها إلى الخارج، إلى جانب عدم وجود تقنية التبريد والتجميد لهذه الكميات الكبيرة من لحوم الدواجن في القطاع حتى اللحظة.
ولجأت وزارة الزراعة لمنع إدخال أجزاء الدجاج المجمد خلال الفترة الماضية لضمان عدم تدهور الأوضاع في سوق الدواجن بشكل أكبر مما هو عليه الآن، إلى جانب وضع شروط وضوابط لعملية إدخال البيض المخصب إلى القطاع، وفق أبو حمد.
ويقدر عدد مزارع الدواجن في قطاع غزة بنحو 1500 مزرعة، إلى جانب وجود 19 شركة تفريخ ومصنعين خاصين بالأعلاف، بحسب إحصائيات وتقديرات وزارة الزراعة والجهات الحكومية المختصة.