أكدت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب في تقريرها الشهري ارتفاع معدل الانتهاكات خلال شهر فبراير/شباط 2016 مقارنة بالأشهر السابقة، على ضوء تلقيها 25 ملفاً متعلقاً بأنواع مختلفة من الانتهاكات ارتكبها أعوان السلطة العمومية بحق مواطنين.
وأوضح التقرير أن السلطات الأمنية استغلت حالة الطوارئ، وارتكبت انتهاكات ضدّ أشخاص يشتبه في مخالفتهم لأحكام التجول ليلاً، لافتة إلى أن المصابين من جراء اعتداءات أعوان الأمن اضطروا لتلقي العلاج على نفقتهم الخاصة رغم فقر بعضهم.
وأشار إلى استعراض بعض أعوان الأمن قوتهم، مرتكبين اعتداءات أثناء حملات التثبت من هوية المواطنين، ومحاولين تلفيق التهم للشبان الرافضين للممارسات المهينة وأولئك الذين يطالبون الأعوان المدنيين بإبراز بطاقاتهم المهنية. ولفت إلى ارتكاب رجال الأمن أثناء بعض المداهمات فظاعات بحق العائلات، من تخويف وإضرار بالممتلكات وسلب بعض الأغراض الثمينة في غياب أية محاسبة.
اقرأ أيضاً: أمنيو تونس يهددون بالإضراب لتحصيل حقوقهم
ونقل التقرير أيضاً شكاوى بعض السجناء من ضعف الرعاية الطبية، خاصة من يعاني منهم من أعراض نفسية أو عصبية، مشيراً إلى شكاوى الأسر من ظلم العقوبات التأديبية التي تطاول أبناءها ومن بينهم تلاميذ، والضغط عليها لإجبارها على التراجع عن شكواها ضد الأمنيين.
وأشار التقرير إلى شهادات سجناء أكدوا استمرار العمل داخل السجون بما يسمى "السيلون" وهي غرف مظلمة انفرادية كانت معتمدة خلال نظام بن علي، لافتة إلى أن استعمال السيلون لا يزال معتمداً بسجن المرناقية في العاصمة، حسب شكوى السجينين فاروق الشريف وعمر الحمداني عن معاناتهما من تلك العقوبة القاسية التي سببت لهما أضراراً صحية.
وأوصت المنظمة بضرورة فتح تحقيقات جدية بكل الانتهاكات، ورفع الضرر عن الضحايا، وتمكينهم من حقوقهم العاجلة في العلاج والرعاية النفسية، بالإضافة إلى إلزام أعوان الدوريات بالتعامل المهني مع الأفراد والحالات الصعبة، وعدم الانجرار إلى أعمال العنف المجاني، وتحسين الرعاية النفسية والعصبية للسجناء الذين يعانون من تلك الأعراض ومتابعة حالاتهم من قبل مختصين.
ونبهت المنظمة إلى مسؤولية رؤساء الدوريات بضرورة الحفاظ على ممتلكات العائلات، وعدم إهدار كرامة أفرادها خلال المداهمات، وتحسين معاملة الأسر والموقوفين، مع حماية صغار السن من الانتهاكات داخل السجون ومراكز الاحتجاز.
اقرأ أيضاً: القضاء التونسي في دائرة الاتهام
ودعت المنظمة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والسريعة ضدّ الأعوان المتلبسين بأعمال تعذيب، وإيقافهم عن العمل، وتمكين ضحايا التعذيب من تقديم تقارير طبية تثبت الانتهاكات التي تعرضوا لها.
من جهته، أكد وزير الداخلية التونسي الهادي المجدوب في تصريح إلى "العربي الجديد" في معرض تعليقه على نتائج التقرير، إن وزارة الداخلية التونسية بعد الثورة تعمل لتوفير المزيد من العناية بالموقوفين، وحماية حقوقهم، وأصدرت عدداً من البرقيات منذ 2011 لأعوان قوات الأمن الداخلي لتحسين علاقاتهم بالمواطن، والتزامهم التام بالإجراءات القانونية المتعلقة باحترام حرمة الجسد، مع تحسين ظروف الاعتقال لجهة الإقامة والإعاشة والنظافة وحفظ الصحة.
ولفت الوزير إلى التعاون والانفتاح على الجمعيات والمنظمات الوطنية والدولية لتحسين معايير حماية حقوق الإنسان، مشيراً إلى إتاحة الوزارة لتلك المنظمات مراقبة غرف الاحتجاز، ومنها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، منظمة هيومن رايتس ووتش، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، بهدف الاطلاع على بيئة الاحتجاز والتحدث مع المعتقلين، وظروف معاملتهم.
وأوضح الوزير أن نظاماً داخلياً أنشئ لمعالجة الشكاوى والعرائض ذات الصلة بانتهاكات حقوق الإنسان، من مصادرها المختلفة، ومؤكداً إرساء تعاون وحوار بناء مع المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، وإيلاء الأهمية القصوى للبلاغات التي تلقتها الوزارة من المنظمة المذكورة، تتضمن دعاوى بتعرض أصحابها لمزاعم انتهاكات وسوء معاملة من طرف أعوان الأمن سواء داخل المراكز الأمنية أو خارجها، وفتح تحقيقات بشأنها، والرد عليها كتابياً".
اقرأ أيضاً: "شرطة الجوار" مقاربة جديدة للأمن التونسي