انتهاء أزمة الوزارات العراقية الشاغرة: تسوية بلا خاسرين

25 يونيو 2019
أخفق عبد المهدي بتمرير مرشحته لوزارة التربية (Getty)
+ الخط -
نجح رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في تمرير ثلاثة وزراء بعد شد وجذب استمر لأكثر من ثمانية أشهر، بسبب خلافات بين المعسكرين السياسيين الرئيسيين في بغداد على أسماء المرشحين لشغلها. وبعد جلسة برلمانية سبقتها اجتماعات مغلقة لعدد من قادة الكتل السياسية، مرر البرلمان العراقي، أمس الإثنين، ثلاثة أسماء من أصل أربعة قدمها عبد المهدي لشغل وزاراته الشاغرة، وهي الدفاع والداخلية والعدل، في وقت أخفق بتمرير مرشحته لوزارة التربية بسبب اعتراضات وخلافات داخل القوى العربية السنية. ورغم ترحيل البرلمان التصويت على مرشح منصب وزارة التربية، وهي آخر الوزارات المتبقية من أصل 22 حقيبة وزارية في حكومته، فإن مراقبين اعتبروا أن الازمة انتهت عملياً، حتى لو لم تمرر الوزارة الأخيرة في جلسة الخميس المقبل، كون الخلاف الأساسي بين القوى السياسية العراقية، كان على وزارات الدفاع والداخلية والعدل.

وصوّت البرلمان العراقي على ياسين طه الياسري وزيراً للداخلية، وعلى نجاح الشمري وزيراً للدفاع، وفاروق أمين شواني وزيراً للعدل. وتم خلال الجلسة حل الإشكال القانوني على المرشحة لحقيبة وزارة التربية شيماء الحيالي، والتي تمت تسميتها وزيرة للتربية نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، قبل أن يُطعن في اختيارها مجدداً من قبل البرلمان بعد أيام بسبب اكتشاف انتماء أحد أشقائها الى تنظيم "داعش"، ما دفع برئيس الوزراء إلى تعطيل أدائها اليمين الدستورية. وصوت البرلمان في جلسة، أمس الاثنين، على إقالتها قبل أن يفتح باب التصويت على المرشحة سفانة الحمداني من دون أن تنجح في العبور بعدد الأصوات بسبب خلافات بين القوى السنية داخل البرلمان عليها. وقررت رئاسة البرلمان ترحيل فقرة استكمال التصويت على حقيبة وزارة التربية حتى الخميس، وذلك على أمل أن يقدم رئيس الحكومة اسماً جديداً للبرلمان.

وخلال الجلسة ذاتها، أدى الوزراء الجدد اليمين الدستورية، لتنتهي واحدة من أكثر المشاكل التي واجهتها الحكومة العراقية الحالية، خصوصاً وأن الفراغ كان يتعلق بوزارات سيادية ومهمة وحساسة، كالدفاع والداخلية والعدل. ويمثل الوزراء الجدد، عدا عن أهميتهم في حكومة عبد المهدي، أكثر الوزراء تخصصاً، إذ إن الثلاثة عملوا في الوزارات التي اختيروا لقيادتها. وزير الدفاع العراقي الجديد نجاح حسن علي الشمري، ضابط في الجيش، من أهالي بغداد، وولد في العام 1967، وتخرج من الكلية العسكرية في 1987، وحصل على الماجستير في التخطيط الاستراتيجي للأمن الوطني في العام 2007، واستمر في الخدمة العسكرية حتى العام 2018، حيث أحيل على التقاعد بناءً على طلبه. وشغل الشمري عدة مناصب، منها آمر لواء العمليات الخاصة بين 2003 و2004، وقائد فرقة العمليات الخاصة بين 2004 و2007، ونائب قائد قوات مكافحة الإرهاب بين 2007 و2009، ومدير أقدم في كلية الدفاع الوطني بين 2009 و2011، ومدير مركز التنسيق المشترك للمناطق المتنازع عليها بين 2011 و2012، وأمين عام سر المتابعة في وزارة الدفاع.



أما وزير الداخلية الجديد ياسين طه حسن الياسري (مواليد 1958)، فهو من أهالي بغداد أيضاً، وحاصل على البكالوريوس في العلوم الأمنية من كلية الشرطة ببغداد، ودكتوراه في فلسفة القانون العام من بغداد. وشغل مدير جنسية محافظة واسط، ومدير إدارة الأفراد في الوزارة، ومعاون المدير العام للشؤون الإدارية والمالية في الوزارة، والمشرف العام على الشركات الأمنية الخاصة وإجازات السلاح، ومستشاراً في وزارة الداخلية حتى اختياره وزيراً. ويعتبر وزير العدل الجديد فاروق أمين عثمان محمد الشواني (مواليد 1957) أول وزير تخصصٍ يتسلم مسؤولية الوزارة منذ حكومة إياد علاوي في 2004، وهو عراقي كردي من أهالي محافظة كركوك، حاصل على البكالوريوس في القانون والسياسة، والدبلوم العالي في العلوم القضائية، وقد تولى بين 1993 و2003 رئاسة المحكمة في الأنبار وذي قار وكركوك.

وقال النائب عن تحالف "سائرون" سلام الشمري، لـ"العربي الجديد"، إنه "يمكن اعتبار أزمة استكمال الحكومة انتهت وباتت خلف ظهرنا"، مضيفاً "مرشح وزارة الدفاع كان من قبل تحالف إياد علاوي (الوطنية) والداخلية كان من قبل هادي العامري (تحالف الفتح)، ومرشح العدل بطبيعة الحال من الأكراد". وأوضح أن "البرلمان كان يعتزم التصويت على الوزراء الأربعة، لكن المرشحة لوزارة التربية أخفقت في نيل الأصوات اللازمة، كون رئيس الوزراء أعاد طرح نفس الاسم، رغم أنها أخفقت في جلسة تصويت سابقة". وأوضح النائب عبد الأمير المياحي أن "تمرير الوزراء الثلاثة كان ضمن توجه عام من قبل البرلمان لحسم الموضوع وتأييد الكتل كونه أخذ وقتاً أكثر من اللازم"، مبيناً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الانتهاء من هذا الملف المهم يعني المضي في حسم ملفات أخرى عالقة تتعلق بالمواطنين والبرنامج الحكومي".

وكشف مسؤول في الحكومة العراقية أن "تمرير الأسماء الثلاثة جاء بتوافق كامل من قبل قادة الكتل السياسية، التي وافقت بدورها على إبقاء فالح الفياض في منصب مستشار الأمن الوطني ورئيس هيئة الحشد الشعبي، وسحب ترشحه لمنصب وزارة الداخلية"، مؤكداً أن "ملف الدرجات الخاصة والمناصب الشاغرة الثانوية، كوكلاء الوزراء ورؤساء الهيئات وغيرها، ساعد على إقناع القوى السياسية بتمرير الوزراء". واعتبر الخبير بالشأن السياسي العراقي رعد هاشم أن "إكمال التشكيلة الوزارية يعتبر أفضل المستطاع في الوقت الحالي، رغم أنه جاء بطريقة قد لا تكون مرضية للشارع ككل". وقال إن "جميع الوزراء الجدد جاءوا من رحم الكتل والقوى السياسية العراقية، وشاهدنا في جلسة الإثنين كسر عادة متعارف عليها منذ 2003، وهي أن وزارة الدفاع للسنة والداخلية للشيعة ضمن المحاصصة ما بعد الاحتلال، حيث تم ترشيح وزير دفاع من خارج المكون السني ضمن مسعى ربما يكون لكسر القاعدة وتقديم مبادرة من نوع ما". وقال، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "حل المشكلة بهذه السرعة، بعد أكثر من 8 أشهر، يطرح تساؤلات حول ماهية الاتفاقات أو الصفقات التي عقدت وأنهت الأزمة، وهل صحيح ما يروج أن فالح الفياض سيكون نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية".

المساهمون