انتقادات ليبية للتقرير الأممي عن الانتهاكات: منحاز لأغراض سياسية

06 سبتمبر 2014
التقرير تجاهل حقائق في طرابلس وبنغازي (محمود تركية/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

يثير التقرير، الذي صدر الأول من أمس، الخميس، عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، حول الانتهاكات التي حدثت خلال المعارك، التي تشهدها البلاد بين الكتائب المسلحة، جدلاً واسعاً بين المراقبين الليبيين.
ويؤكد التقرير أن الانتهاكات تتضمن القصف العشوائي، والهجوم على الأهداف المدنية، وقصف المستشفيات، واختطاف المدنيين، والتعذيب، والقتل غير المشروع. كما يصف التقرير، بالتفصيل، روايات الضحايا المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال والأجانب.
ويعتبر المحلل السياسي، أنس الفيتوري، أن التقرير منحاز بشكل سافر لطرف سياسي بعينه، وهو الطرف المؤيد لعملية الكرامة، التي يقودها اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، منذ مايو/أيار الماضي في بنغازي، إذ ورد ذكر قوات "فجر ليبيا"، التي تقاتل قوات حفتر، في التقرير أكثر من أربع مرات وفي مواضع متعددة، فيما ذُكرت كتائب الصواعق والقعقاع مرة واحدة.

ويضيف الفيتوري في حديث مع "العربي الجديد" أن التقرير تجاهل الكثير من الحقائق على الأرض في طرابلس وبنغازي، في حين ركّز على أخرى تخدم أغراضاً سياسية رمى إليها واضعو التقرير. ويوضح أن التقرير يشير إلى عمليات انتقام شملت تدمير ونهب للزنتان ومقار الحكومة، ومنها منزل رئيس الوزراء، عبد الله الثني.

وذكر التقرير احتلال مستشفى الجلاء من قبل أنصار الشريعة لأسابيع عدة، ولم يشر إلى أية ملابسات مرتبطة بالحادث، واعتبر الفعل انتهاكاً لحقوق الإنسان. كما حصر وقصر الاختطاف على الهوية على قوات "فجر ليبيا".

ووفقاً للفيتوري، لم يوثّق التقرير قتل 20 شاباً في طرابلس من قوات "فجر ليبيا"، الذين سقطوا ضحايا القصف الإماراتي المصري، أو ضحايا قصف مدينة درنة. كما تغافل عن الأضرار المادية، التي تعرضت لها مباني المعهد العالي والجامعة في بنغازي.

ولم يتضمن التقرير الأممي أية إشارة إلى اعتقال عضو المؤتمر الوطني، المستشار سليمان زوبي، ولم يأت على قضية اعتقال وتعذيب وقتل بن عيسى بودلال وعادل الفيتوري في بنغازي على أيدي قوات مؤيدة لخليفة حفتر.

ونوّه الفيتوري، أيضاً، إلى أن التقرير المشترك بين بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، لم يتحدث عن السجون التابعة لحفتر، والخارجة عن شرعية الدولة، في مناطق عدة في شرق ليبيا، أشهرها سجن قرنادة سيىء السمعة، والمعتقلين لدى قوات الصاعقة. ولم يتطرق التقرير إلى أي ذكر لهم على الرغم من توثيق حالات عديدة لانتهاكات حقوق الإنسان، ومنها القصف العشوائي.

ويهمل التقرير الحديث عن التحريض، الذي قامت به قناة "الدولية" بنشرها خبراً كاذبا لاقتحام قناة النبأ والتحريض الصريح ضد القناة. ولم يتطرق التقرير إلى منع القنوات الفضائية والمراسلين من تغطية الأحداث في المناطق الخاضعة لعملية الكرامة.
وتناسى عمليات انتهاك ممنهجة تعرض لها مشايخ وعلماء معتدلون عارضوا عملية الكرامة، وقد أدت معارضتهم إلى القتل، مثل الشيخ طارق الدرسي، الذي قُتل في مدينة المرج، شرقي ليبيا، فضلاً عن مقتل منصور البرعصي، الذي كان له دور في الحوار وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف في مدينة بنغازي.

كذلك  يرى متابعون للشأن الليبي أن التقرير الأممي يعبّر عن توجهات بعض الدول الكبرى في التعاطي مع الأحداث الجارية في ليبيا، ومحاولتها تقوية طرف سياسي على آخر، ومحاصرته تدريجياً، عبر هذه النوعية من التقارير، التي قد تفضي حسب رأيهم إلى اتخاذ إجراءات مستقبلية ضد قوات "فجر ليبيا" و"مجلس شورى ثوار بنغازي".

إلا أن محللين آخرين يبدون ارتياحهم للتقرير الأممي، معتبرين أنه سيتيح الضغط على جميع الأطراف المتقاتلة للخضوع إلى الحوار بدل لغة السلاح، باعتبار أن أغلب الوسائل التفاوضية المحلية والدولية فشلت في إنهاء الأطراف المتصارعة في ليبيا للاقتتال الداخلي بينها.

ويوضحون أن الدول الكبرى تبعث برسائل مبطنة مفادها أنها قد تستعمل كل الطرق السلمية وغير السلمية، حتى يوقف الجميع عملياته العسكرية في غرب البلاد وشرقها، ومحاولة تهدئة الاندفاع المصري الإماراتي في اتجاه تأزيم ليبيا، بعد إشارة مسؤولين أميركيين إلى تورط الدولتين في قصف مواقع في العاصمة الليبية طرابلس.

المساهمون