وقع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في حرج شديد بسبب سماحه لشركة الأسلحة الروسية المملوكة للدولة "روسوبورون"، والتي قامت بتزويد النظام السوري بطائرات مروحية هجومية، وقاذفات قنابل يدوية، بحضور معرض "فارنبورو" الجوي الدولي، الذي سيحضره كاميرون هذا الأسبوع. وسيعلن فيه عن عزم المملكة المتحدة إنفاق 1.1 مليار جنيه إسترليني على قدراتها الدفاعية.
ويعود حرج كاميرون، بحسب ما ذكرت صحيفة "ذي غارديان" إلى التناقض الذي أبدته حكومته باستقبال الشركة الروسية من جهة، ودعوة كاميرون للتدخل العسكري لوقف وحشية النظام السوري ضد المدنيين من جهةٍ ثانية.
وأعلن مسؤولون حكوميون بريطانيون أن الحكومة لم تشجع الحضور الروسي في المعرض، وأنها لم تصدر أي دعوات إلى ممثلي الشركة الروسية بعدما تم تعليق التعاون العسكري بين بريطانيا وروسيا عقب النزاع في أوكرانيا. ولكن ما حدث، بحسب المسؤولين، أن الأمر كان "مسألة تجارية" بالنسبة لمنظمي المعرض.
وقال مصدر حكومي بريطاني إن "معرض فارنبورو الدولي للطيران حدث تجاري، تديره فارنبورو الدولية المحدودة، والحكومة لا تلعب أي دور في تحديد الشركات التي يتم دعوتها لحضور المعرض". وأضاف "إنها مسألة تجارية تخص المنظمين، وقد قامت الحكومة البريطانية بتعليق تعاونها العسكري مع روسيا في أعقاب أحداث أوكرانيا، ما يعني عدم تلقي أي ممثل للحكومة الروسية دعوات ملكية لحضور معرض إلى فارنبورو الجوي هذا العام".
من جهتها، قالت وزارة الخارجية إن المملكة المتحدة تعمل على كبح قدرة كل من النظام السوري، والجماعات المتطرفة، في الحصول على الأسلحة التي تؤدي إلى الموت والدمار، وستدعم المملكة المتحدة حظراً على الأسلحة من أجل تحقيق هذه الأهداف، إذ قامت الحكومة البريطانية باتخاذ إجراءات جدية لإزالة روسيا من قائمة البلدان المؤهلة لاستخدام تراخيص التصدير المفتوحة.
وعلّقت "الحملة ضد تجارة الأسلحة" على المسألة، بالقول: "إن مورّد الأسلحة الرئيسية لنظام الأسد، وشركات تصنيع الأسلحة الإسرائيلية هنا، لتعلن عن بضاعتها. الجميع سيحضر. وبدلاً من السعي إلى الحد من أنشطة هذه الشركات فإن الحكومة ترعى معرضاً لتسهيل أعمالهم، وسيتم دعوة المشترين من الأنظمة الوحشية الأخرى للاطلاع على بضاعتهم".
ووفقاً لموقع "روسوبورون"، فإن الشركة "هي الوسيط الحكومي من أجل تزويد السوق العالمية بمجموعة كاملة من صادرات الأسلحة المسموح بها، والمعدات العسكرية التي طورتها الشركات في المجمع العسكري - الصناعي الروسي".
و"روسوبورون" هي الشركة التي زودت النظام السوري بالجزء الأكبر من الدبابات، والمقاتلات، والصواريخ، وطائرات الهليكوبتر، التي تم استخدامها في الحرب، التي أودت بحياة أكثر من 170 ألف شخصاً، وفقاً لـ"المعهد الدولي لبحوث السلام" في استوكهولم. بينما ذكر أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي أن "روسوبورون" قامت بتزويد النظام السوري بأسلحة، بحوالي 1 مليار دولار عام 2011، تضمنت المتفجرات شديدة الانفجار، ومدافع الهاون، وبنادق القنص، والمروحيات، التي استخدمتها قوات النظام السوري في قتل المدنيين.
وكان الرئيس التنفيذي للشركة، أناتولي إيسيكين، قد صرح، العام الماضي، أن "الشركة ستواصل توريد الأسلحة إلى سورية في ظل غياب عقوبات دولية، ما يجعلنا مضطرين للوفاء بالتزاماتنا التعاقدية". وأضاف في حينه "لكن هذه ليست أسلحة هجومية، فنحن في الغالب نقوم بتصدير منظومات الدفاع الجوي ومعدات الاصلاح التي تحتاجها مختلف فروع القوات المسلحة".
ولكن في رسالة تم تسريبها لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" ظهر أنه في مارس/آذار من العام 2013، وجهت القيادة العليا للجيش السوري رسالة إلى "روسوبورون"، لتزويد الجيش السوري بالآلاف من بنادق الكلاشنيكوف، والمدافع الرشاشة، وقاذفات القنابل، والذخيرة.
وأوضح رئيس وفد الشركة، سسيرجي كورنيف، أن الشركة سوف تستغل معرض الطيران للترويج لطائراتها المقاتلة، والمروحيات القتالية. ومن المزمع تقديم عروض تجريبية أمام وفود من الشرق الأوسط، وأميركا اللاتينية، وجنوب شرق آسيا.
في هذه الأثناء، أبدى كبار مصنعي الأسلحة البريطانيين عدم ارتياحهم لحضور "روسوبورون" المعرض، إذ صرح أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في واحدة من أكبر شركات الدفاع في بريطانيا، قائلاً: "الكل سيكون هنا، ومنهم الروس والصينوين، ومن غير المناسب تواجدهم هنا جنباً إلى جنب مع الشركات ذات السمعة الطيبة، التي نشعر بالقلق البالغ حول أين ينتهي المطاف بمنتجاتها".