وأشار قنيدي، في لقاء تلفزيوني، ليل البارحة الثلاثاء، إلى قرب انعقاد اجتماع بمشاركة قيادات عسكرية، بعد يومين، للاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة قبل الإعلان عنها، مؤكداً أنّ حكومة "الوفاق" "لا تقدم أي مساعدات للمقاتلين مثل مضادات للطائرات أو أسلحة نوعية مكتفية بإصدار البيانات".
وشدد قنيدي بقوله "لا بد من حكومة حرب ورجالها جاهزون وعلى مجلس الدولة والنواب العمل على ذلك"، مشيراً إلى أّن المراكز العسكرية بحكومة "الوفاق" "يرأسها أزلام النظام السابق، والمجلس الرئاسي لديه حلقة من النظام السابق تدور حوله".
وفيما رفض قنيدي مطالب وقف إطلاق النار، شدد على ضرورة "تشكيل الحكومة الجديدة دون الالتفات بمن يعرف بها أو يرفضها"، مضيفاً أنّه "لم يعد هناك شيء اسمه حكومة الوفاق".
وتواجه حكومة "الوفاق"، التي أفرزها الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية في ديسمبر/ كانون الأول عام 2015، انتقادات متزايدة بشأن إدارتها لمعركة الدفاع عن طرابلس ضد قوات اللواء خليفة حفتر، فقد دعا مفتي الديار الليبية الصادق الغرياني، في عدة تصريحات له "الثوار" إلى "الضغط من أجل تغيير الحكومة".
واتهم الغرياني، في تصريح، نهاية يوليو/ تموز الماضي، حكومة "الوفاق" بـ"الضعف والتخاذل" إزاء عدم اتخاذها "موقفاً واضحاً وإجراءات عقابية ضد فرنسا بعد فضيحتها في مدينة غريان ودعمها لمجرم الحرب خليفة حفتر".
وفي مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، دعا الغرياني، في مقال نشره موقع قناة "التناصح" المقربة منه، " قادة المحاور للضغط باتجاه تغيير وزاري في حكومة الوفاق يواكب التضحيات التي يقدمها الجيش الليبي في ميادين القتال"، واصفاً أداء الحكومة بأنّه "أقرب منه إلى دعم العدو حفتر".
وأضاف "ولا أدل على إعراض الحكومة عن الإصلاح من تمسكها بالأداء الوزاري المتدني الذي هو إلى دعم العدو أقرب منه إلى دعم من يموتون دفاعاً عن طرابلس، على الرغم مما يرونه بأعينهم من العجز والتخاذل، وعلى الرغم من المطالبات الكثيرة بالتغيير التي لم تتوقف".
"هوة كبيرة"
وحسب الباحث الليبي في الشؤون السياسية مروان ذويب، فإنّ سيناريو الإطاحة بالحكومة "بات مرجحاً بشكل كبير، فالهوة كبيرة أصلاً بين المقاتلين على الأرض والحكومة التي ترفض حتى الآن مطالب تعيين وزير للدفاع، وهو أقل عناصر إدارة المعركة بشكل جيد".
وأشار ذويب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ تلك "المساعي التي يبدو أنّ تصريحات قنيدي تؤكدها وصلت لتحركات فعلية لم تكن جديدة، فتصريحات وبيانات أجسام سياسية كالمجلس الأعلى لمًحت لها".
واتهم رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في تصريحات خلال سبتمبر/ أيلول الماضي، حكومة الوفاق بـ"الفشل في إدارة الأزمة"، مشبراً إلى أن الاتفاق السياسي منح للمجلس الأعلى "صلاحية بعض الإجراءات، منها سحب الثقة من حكومة الوفاق، إضافة إلى صلاحية استبدال رئيس الوزراء، وتحديد صلاحيات قائد الجيش، والمناصب السيادية في الدولة".
كما توالت تصريحات بعض أعضاء المجلس الأعلى، خلال الفترة الماضية، باتهام الحكومة بـ"الخيانة". وندد عبد الرحمن الشاطر عضو المجلس الأعلى للدولة، بموقف الحكومة "العاجز الغامض من عدم قدرتها على إدانة دول كالإمارات تشارك في قصف الليبيين".
وتساءل الشاطر، في تغريدات على "تويتر"، عن "لزوم وجود حكومة الوفاق في المشهد السياسي الليبي، إذا لم تنتصر للمتضررين من العدوان الإماراتي"، على حد قوله.
وفي تدوينة أخرى كتب الشاطر "ألا تشعر حكومة الوفاق بأنها تخون مواطنيها بامتناعها عن قطع العلاقات مع الدول المعتدية؟ كل التقارير دانتهم إلا حكومة المتضررين من العدوان، ما لزومها سلطة تحكمهم ولا تنتصر لهم"؟
Twitter Post
|
وأضاف أنّ "رئيس حكوة الوفاق فايز السراج هو الذي يُقر ميزانية الدولة ويصرفها دون رقابة تشريعية، وهو الذي يدير معركة العدوان دون أن يعقد اجتماعات بمجلسه أو حكومته، ولا يشكل حكومة حرب ولا يعين وزيراً للدفاع".
خدمة لحفتر؟
لكن ذويب من ناحية أخرى يبين مخاطر تغيير الحكومة كونها "تمتلك اعترافا دوليا وتشكل ظهيرا سياسيا قويا للقوات على الأرض رغم ضعفها"، مشيرا إلى أن الذهاب بهذا الاتجاه يمكن أن يقدم خدمة لأنصار حفتر، سيما في مجلس النواب الذي لا يزال يمتلك الشرعية التشريعية لتشكيل حكومة توالي حفتر.
من جانبه، يعتبر الناشط السياسي الليبي عبد الحميد المنصوري، أنّ الحكومة "خطت خطوات مهمة على الصعيد السياسي لدعم موقفها ضد هجوم حفتر، وتمكنت من الاستفادة من تغير موازين ومواقف دولية لصالحها".
واعتبر المنصوري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، أنّ "زيارة وفد الحكومة الممثل في وزيري الداخلية والخارجية، انتهى بانتزاع موقف أميركي واضح بيّنه بيان وزارة الخارجية التي طالبت حفتر بضرورة وقف هجومه على طرابلس".
ويرى المنصوري أن الموقف الدولي بدأ في التطور لصالح الحكومة، مشيرا إلى أن موافقة دول فاعلة وداعمة بشكل واضح لحفتر للانضمام لمشاورات دولية لعقد قمة في برلين "دليل واضح على ذلك".
وذكر المنصوري أن الحكومة "تعاملت بدبلوماسية عالية مع الموقف الروسي رغم وضوح دورها الداعم لحفتر على تخوم طرابلس، فاختارت أن تتصل بها بشكل مباشر وتمنحها عقودا اقتصادية، وأثر ذلك واضح في ظهور صراع داخل الكرملين الروسي وميل لصالح دعم المسار السياسي التصالحي بدلا من دعم حفتر بالسلاح".
وأكد المنصوري أن تخلي قادة قوات "بركان الغضب" عن الحكومة وتشكيل غيرها "سيعد انقلابا عسكريا ضدها، ولن يختلف موقفه عن مشروع حفتر العسكري عندها، وسيخسر مقاتلو بركان الغضب ظهيراً سياسياً معترفاً به دولياً تكون نتائجه عكسية لصالح حفتر، أو قد تجر البلاد لأتون صراع دامٍ طويل".
وختم تصريحاته بتساؤل مفاده "ما الذي يضمن توافق قادة الفصائل المسلحة المختلفة التي تتشكل منها جبهة بركان الغضب حاليا إزاء أي تشكيل حكومي جديد"؟