انتفاضة الأقصى هل هناك أمل؟

21 مايو 2018
+ الخط -
كانت الانتفاضات الفلسطينية سابقا تجد لها صدى في مختلف الشوارع العربية والإسلامية ويتجاوز مداها شوارع أوروبا وشوارع العالم، كانت القضية التي تدلل على مدى عدالة النظام الدولي، وكان كل هذا الزخم حول العالم هو الحاضنة السياسية والشعبية لمسار التحرر الفلسطيني ويساهم بقدر كبير في الدفع نحو اتفاق ولو كان منقوصا، فهو تأكيد على الثوابت الفلسطينية واعتراف دولي بحقوق الشعب الفلسطيني..

هذه الحاضنة تبدو غائبة تماما في انتفاضة الأقصى الأخيرة والتي اندلعت منذ إعلان ترامب تحويل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها كعاصمة أبدية لإسرائيل ليست لها حظ مثل حظوظ انتفاضة الحجارة في تسعينيات القرن الماضي.. ما الذي تغير؟.. ماذا ينقص هذه الانتفاضة من مقومات النجاح؟


فلسطينيا ساهم فشل مسار المصالحة الفلسطينية وانقسام السلطة بين الضفة وغزة في فقدان القضية الفلسطينية لبريقها في الداخل الفلسطيني فالفعل الانتفاضي الذي عرفته غزة اليوم لم يرافقه رد فعل قوي من مدن الضفة الغربية التي تعرف سابقا تاريخا انتفاضيا كبيرا
عربيا بدت الجامعة العربية جسماً مشلولاً عن الحركة في ظل الانقسام العربي والخليجي، بدت الأنظمة الرسمية العربية بعيدة كل البعد عن الحدث بل الغريب والجديد أن هناك منها من انخرط في حلف متآمر على القضية الفلسطينية، أما أنظمة ما بعد ثورات الربيع العربي فهي منهكة نتيجة الصراعات السياسية والإيديولوجية والقبلية كل هده التحولات منعت بروز زخم احتجاجي شعبي مساند للقضية الفلسطينية..

فأين الشارع العراقي وأين الشارع السوري اللذين ربّيا على أنظمة المقاومة والوحدة العربية؟ وأين الشارع الليبي واليمني اللذين انقسمت أواصرهما إلى أحلاف قبلية سياسية؟ وأين الشارع التونسي والمصري اللذين أنهكا بقضايا التنمية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والتي قضت الثورات المضادة على أحلامهما؟

فقدت هذه الشوارع بريقها المعهود في أيام الانتفاضات الفلسطينية فقد كانت صدى وحاضنة سياسية كبيرة، بل حتى الأحزاب القديمة منها والثورية لم تعد قادرة على تحريك هذه الشوارع كما غاب الإعلام العربي رغم الثورة الاليكترونية الكبيرة الذي عرفها عن لعب دوره المساند والمحايد، ألم تكن أغاني وين الملايين وموطني تلهب هذه الشعوب وتنمي لديها روحا ووعيا مقاوما؟

دوليا وفي ظل غياب عربي رسمي وشعبي وتنظيمي تبرز تركيا وإيران كأبرز المساندين لانتفاضة الأقصى في حين تبدو أوروبا وروسيا عاجزتين عن لعب دور بعيد عن الدور الأميركي وهو ما يفسر مرور ترامب والكيان الصهيوني إلى السرعة القصوى، وكان الأمر فرصة ربما لا يتيحها التاريخ مرة أخرى، نحو فرض صفقة القرن على الجميع..

فهل تنجح انتفاضة الأقصى في إجهاض ما خططته أميركا وإسرائيل رغم غياب الأدوار واللاعبين؟ لا نملك إلا أن نساند فلسطين المقاومة بالقلم والكلمة والدعاء وشحذ الهمم، لنكون بذلك أقل عجزا من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي أنهى خطابه بالدعاء "ربنا يستر".
38E6EE49-3F75-4D64-8BD0-A739F3F9C88E
خليل كمون

أستاذ تعليم ثانوي بتونس.. مهتم بالشأن السياسي بالعالم العربي والقضايا الدولية.