انتعاش مبيعات الكتاب المدرسي بالمغرب مع بدء الدراسة

16 سبتمبر 2015
شارع لبيع الكتب المستعملة في المغرب (أرشيف/Getty)
+ الخط -

سيدة في عقدها الخامس، تسأل عن كتاب السنة الثانية ثانوي الخاص بالكيمياء، يجيبها بائع الكتب المستعملة، بعد أن يسأل عن أحوال أسرتها، بأن طلبها غير متوفر، لكنه يعدها بأنه سيوفره في الأيام المقبلة، ويتصل بها هاتفياً. ثم يجيب شاباً يسأل عن مقرر الرياضيات الخاص بالبكالوريا.

بدت تلك السيدة معتادة على زيارة محلات الكتب. وعندما سألتها "العربي الجديد"، عن ذلك، ردت، مشترطة عدم ذكر اسمها، بأنها ألفت التردد على هذه المحلات، بمناسبة كل دخول مدرسي. هي موظفة صغيرة، ولا يتيح لها أجرها مواجهة مصاريف توفير الكتب الجديدة لأطفالها الثلاثة. هذا ما يدفعها للبحث عن الكتب المدرسية المستعملة.

تحول المحلان الوحيدان بسوق القريعة الشهير بالدار البيضاء، إلى قبلة بعض الأسر الراغبة في توفير المقررات المدرسية المستعملة لأبنائها. بالكاد يستطيع الكتبي بوسف بورة، التقاط أنفاسه. منهمك في ترتيب الكتب المستعملة، حسب التخصصات، حتى يتأتى له الاستجابة لطلبات الزبائن بسلاسة، ويتصدى للإجابة على تساؤلاتهم. ويبدي الكثير من التعاطف معهم.

هو يؤكد أنه رغم السعر المنخفض مقارنة بالكتب الجديدة، فإن كثرة ما يطلب من التلميذ يكلف الأسر كثيراً.

فاطمة أو يحيى، سيدة في عقدها الخامس، أم لثلاثة أبناء، تحلو لها المقارنة بين الأيام التي كانت فيها تلميذة وزمن فلذات كبدها. تؤكد أن أبناء الأسر الواحدة كانوا يستعملون نفس المقررات لأعوام، " يتوارثونها" فيما بينهم، ما يساعد الآباء على توفير مصاريف كثيرة وقت الدخول المدرسي.

تستغرب السيدة كيف أن بعض الكتب تتشابه من حيث المحتوى، غير أن الوزارة تلح على بعض التفاصيل الشكلية التي تميزها، تفرض على الأسر شرائها، إن توفر مقرّر مماثل لديها سبق أن استعمله أحد أبنائها.

وتضرب لذلك مثلاً بأن هناك تنويعات في عنوان مقرر الكيمياء، حيث يفرض على التلميذ شراء المقرر الذي يحمل عنوان "المفيد" وإن توفرت لديه نسخة تحمل عنوان "الواضح"، رغم كون المحتوى واحداً. تبدي الكثير من الاستغراب، وترى أن الكتب المدرسية، أضحت تثقل على موازنة الأسر.

اقرأ أيضاً: مغاربة يحلمون بأسواق مثل الأزبكية وشارع المتنبي

الدخول المدرسي فرصة ينتظرها الكثير من باعة الكتب المستعملة. تلك فترة يستعدون لها طيلة فصل الصيف. يشترون المقررات، ويخزنونها، في انتظار بداية إقبال الأسر عليها.

ويشير مصدر من شركة تعمل في توزيع المقررات الجديدة، إلى أن الأسعار في القطاع غير ثابتة، حيث تعرف ارتفاعاً كبيراً من عام لآخر، هذا ما يجعل الأسر في حيرة من أمرها، حيث لا يمكنها وضع موازنة محددة لمواجهة مصارف الدخول المدرسي.

ويؤكد المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن كلفة اللوازم المدرسية الجديدة للطالب تدور في المغرب حول 60 دولاراً، إلا أنها تزيد أحياناً، موضحاً أن تلك التكلفة تختلف حسب ما إذا الأمر يتعلق بالتعليم الذي ترعاه الدولة أو التعليم الذي يشرف عليه القطاع الخاص، الذي يتضمن عروضاً مختلفة، حيث يمتد من التعليم الخاص العادي إلى تعليم البعثات الأجنبية‬.

صاحب مكتبة من مدينة أكادير، فضل عدم ذكر اسمه، يؤكد في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن فترة الدخول المدرسي، تدر عليه أرباحاً تتيح له الحصول على إيرادات يؤمن بها قوت به لمدة عام، فهو يشدّد على أنه لا يمكنه التعويل على أصناف الكتب الأخرى التي يبيعها في بقية أيام العام، حيث لا يجني من بيعها سوى 5 دولارات في اليوم.

ويعتبر أن الأسعار التي يعتمدها لبيع الكتب المستعملة، تقل بحوالى 20% عن تلك المقررات المدرسية الجديدة. تلك أسعار، تستجيب في تصوره للقدرة الشرائية للأسر، التي تتحمل مصاريف كبيرة بمناسبة الدخول المدرسي.

في بعض الأحيان لا تبذل الأسر المال من أجل توفير بعض الكتب المدرسية لأبنائها. فالكثير من أصحاب المكتبات منفتحون على استبدال كتب استعملها تلاميذ في العام الدراسي السابق، بمقررات توافق المستوى الدراسي الذي بلغوه في العام الدراسي الحالي.

تقول فاطمة أو يحيى إنه في جميع الحالات، يشكل بائع الكتب المدرسية ملاذاً للأسر التي لا تستطيع شراء الجديد منها، بينما يتيح إقبال الأسر على ما يقدمه، متنفساً له، في ظل ضعف الإقبال على أصناف الكتب الأخرى. هذا ما يؤكده صاحب مكتبة مدينة أكادير الذي يعتبر أن سوق الكتب المدرسية المستعملة، أنقذ الكثير من أصحاب المكتبات من التوقف عن ممارسة تلك المهنة.


اقرأ أيضاً: أسعار الورق والتزييف يهددان صناعة الكتاب في المغرب

دلالات
المساهمون