انتخابات المغرب: بين الشعارات الفضفاضة والوعود

25 اغسطس 2015
تهافت لدى الأحزاب لاختيار الشعارات الفضفاضة (فرانس برس، أرشيف)
+ الخط -

تتواصل في المغرب منذ الثاني والعشرين من أغسطس/ آب الحالي، حملات المرشحين ‏للاستحقاقات المحلية والجهوية، التي ستجري في الرابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، وسط شعارات ‏يرى مغاربة أنها تتكرر عقب كل استحقاق انتخابي، بل وتتجاوز ذلك أحيانا إلى خداع ‏المواطنين، وتقديم وعود تذهب أدراج الرياح مباشرة بعد الفوز بـ"المقعد".‏

أحمد بوز، أستاذ العلوم السياسية في كلية الحقوق السويسي بالرباط، اعتبر في حديثٍ لـ ‏‏"العربي الجديد" أن "الشعارات الانتخابية في المغرب، لا تعدو أن تكون خدعا انتخابية، متكررة ‏ومتشابهة، يسعى من خلالها المرشحون إلى استمالة الناخبين، وإقناعهم ببرامجهم الانتخابية".‏


المرشحون للانتخابات رفعوا شعارات مختلفة، بعضها يكشف عن ‏اتجاهات المرشحين وميولاتهم الإيديولوجية، فيما تكشف أخرى عن التناقض الصارخ بين شعار ‏الحزب وتوجهه العام، مثل"صوتنا فرصتنا لمواصلة الإصلاح"، "صوتنا فرصتنا للتغيير"، ‏و"روح المواطنة في خدمة المواطن"، و"لنعمل جميعاً من أجل التغيير".‏

وفي تعقيبه على هذه الشعارات ومضمونها، أكد بوز أن الشعارات التي ترفعها الأحزاب ‏السياسية، تركز في مجملها على الإصلاح والتغيير، وإنقاذ المدينة وخدمة المواطن ومحاربة ‏الفساد، وهي بذلك تتشابه فيما بينها، فمثلا شعار "الإصلاح في مواجهة الفساد" يدفعنا إلى ‏التساؤل هل هذا الفساد ليس من إنتاج الطبقة السياسية نفسها المشاركة بالانتخابات؟"‏.

هذا الانطباع العام لا ينفي، حسب بوز، وجود أحزاب سياسية جادة، تسعى إلى تطوير آليات عملها، وطرق تسويق برنامجها، والشعارات التي تُنافس بها، إلا أن هناك بالمقابل ‏نوعاً من التمييع والخلط على مستوى الشعارات التي تختارها بعض الأحزاب السياسية".

كما يرى أنّ هناك "سرقة للشعارات وأحيانا للخطابات، يظهر فيها التباين مع إيديولوجيات هذه الأحزاب ‏‏"فتجد أحزابا ليبرالية تتبنى شعارات تُحسب على أحزاب اليسار والعكس"، وهذا يسهم حسب ‏قوله في التشويش على الأحزاب الجادة، التي تنسجم شعاراتها مع برنامجها الانتخابي.

زينب، 26 عاما، مدرسة، تقول لـ"العربي الجديد" إن الشعارات التي ترفعها ‏الأحزاب السياسية المغربية خلال الانتخابات "لا تعدو أن تكون لعبة تُترك طيلة السنة لتستعمل ‏في الفصل الانتخابي"، كما تسميه.‏

أكثر من ذلك، ترى أن الأحزاب "تتهافت على اختيار شعارات فضفاضة لا تعكس إلا الرؤية ‏الجوفاء لهموم المواطن المغربي"، وهو ما يدفعها للتصويت العقابي في الانتخابات الجماعية ‏المغربية "سأدلي بصوت أبيض، لا حزب إلى الآن يحمل برنامجاً أو شعاراً صادقاً يمكن أن ‏يقنعني به".

اقرأ أيضاً: محمد السادس للمغاربة: "صوتوا حتى لا تشتكوا"‏

عدم الثقة هذه، يفسرها أحمد بوز بكون الانطباع العام السائد لدى عموم المواطنين يذهب إلى ‏القول بأن الأحزاب السياسية المغربية، لم تنجح في خلق تغيير حقيقي داخل هياكلها ينعكس على ‏برنامجها الانتخابي، و"الدليل على ذلك أن القاعدة العريضة غير المسيسة أيضاً، لا تصدق ‏في الوعود ولا الشعارات الانتخابية لهذه الأحزاب".‏


الانتخابات المنتظرة في المغرب، يرسمها توجه يبدو تفاؤلياً لدى البعض، ويثير أكثر من علامة ‏استفهام، لدى البعض الآخر، ويتعلق الأمر بمشاركة أحزاب يسارية قاطعت لسنوات الانتخابات ‏كحزب الاشتراكي الموحد.‏

هذه المشاركة، تعتبر نبيلة منيب، الأمينة العام للحزب الاشتراكي الموحد، أنها تأتي ‏‏"لمواجهة الانحرافات المسجلة في المشهد السياسي المحلي، وللتعريف بمشروع اليسار وتوعية ‏السكان"، وهو الخيار الذي بات يهدد وحدة البيت الداخلي للحزب، حيث أعلنت شبيبته مقاطعة ‏الانتخابات متهمة قيادة الاشتراكي الموحد بـ"الانحياز إلى الطرح المخزني عبر التهافت على ‏المشاركة في انتخابات فاسدة ومحددة النتائج سلفاً"‏‎.‎

في هذا الصدد قال أشرف مسياح، الكاتب العام لحركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، إن ‏‏"المشاركة في الانتخابات وفق الظروف السياسية الحالية والقوانين التنظيمية، التي ‏تجري فقها الانتخابات الحالية، ليس لها أي معنى وليس هناك أي تغيير يشجع القوى ‏الديمقراطية التقدمية على المشاركة في العملية الانتخابية".‏

على الضفة الأخرى، هناك مقاطعة راسخة للانتخابات من قبل جماعة العدل والإحسان، التي ما زالت تنأى عن دخول الساحة السياسية المغربية، وتدعو ‏منخرطيها إلى مقاطعة الانتخابات "بسبب فساد أساسها الدستوري والسياسي وشكلية مؤسساتها ‏المنتخبة واستبداد آلياتها القانونية والتنظيمية"، حسب بيان لها.‏


اقرأ أيضاً المغرب: وزارة العدل تصدر قائمة بمحظورات الانتخابات المحلية