هناك صورة معروفة للسويد؛ لم تتبلور خلال العامين الماضيين فحسب؛ من خلال الترحيب باللاجئين السوريين باسم "السويديون الجدد"، أو التاريخ الطويل الذي يربطها بالذاكرة الفلسطينية والعربية، حين كانت شبيبتها تتجه بالحافلات نحو مخيماتهم في سورية ولبنان. بل لأن للسويد مواقف رسختها صورة أولف بالمه، رئيس وزرائها، الذي اغتيل وهو يمشي على قدميه بلا حراسات لمشاهدة عرض فيلم سينمائي في ستوكهولم في 28 فبراير/شباط 1986.
تلك صورة طُبعت في ذاكرة جيل كامل، فسار على نهج بالمه، على الأقل في تفهمه المبكر للقضايا العربية، وعدم رضوخه للضغوط الأميركية والإسرائيلية، حتى أثناء محاولات توسطه في الحرب العراقية الإيرانية.
وفي هذه الأيام، وقبل ستة أسابيع من الانتخابات العامة في السويد، تبرز أصوات تقطع مع إرث أولف بالمه ووزيرة الخارجية آنا ليند، التي لم يكن قد مرّ على انتقادها للعلاقات الأميركية الإسرائيلية وقت طويل، قبل قتلها طعناً في إحدى مجمعات ستوكهولم التجارية.
يبرز في "سويد ما بعد بالمه"، أصوات تستعيد خطاب "الإسلاموفوبيا"، ليكون مدخلاً لبث الكراهية ضدّ كل هؤلاء "السويديون الجدد"، وصوت جيمي أوكيسون واحد منها.
أوكيسون، هو رئيس حزب "السويديون الديمقراطيون"، يحذّر في خطاباته الانتخابية من "تدفّق المهاجرين واللاجئين"، ويعتبر أنّ "هذا التدفق مثل الفيل في غرفة خزف، لا أحد يريد الحديث عنه". ولكنه، مثل زملائه الدنماركيين من المتطرفين اليمينيين في حزبي "الشعب" و "الليبراليين"، يقول، إنّ "الإسلاموية هي في أيامنا هذه مثل النازية والشيوعية".
اللافت في انتقاد أوكيسون للإسلاميين أنّه "شعبوي"، كما يسميه مراقبون، وهم يلاحظون تصاعد لهجة اليمين قبل الانتخابات المقبلة. ويعوّل هو وأمثاله من خلال هذا الخطاب العنصري على حصد أصوات ناخبي الأحزاب المحافظة التقليدية؛ المتقاعدون وكبار السن معجبون بخطاب يدغدغ مشاعرهم؛ خطاب يقول "علينا أن نعطي المزيد لمتقاعدينا، بدلاً من صرف موازنتنا على اللاجئين". لكن غير ذلك الخطاب، ليس لدى جيمي أوكيسون وحزبه "الديمقراطيون السويديون"، أيّ برنامج.
وفي خطاب استمع إليه المئات في معقله سولفيسبورغ في بليكنغه، راح أوكيسون يردّد: "علينا أن نجد تمويلاً ضريبياً لكم ولشركاتكم، وعلى هؤلاء الإسلاميين في سورية والعراق أن يبقوا حيث هم"، مضيفاً أن مهمة حزبه "حماية مسيحيي العراق".
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة غوتيبورغ يوناس هانيفورس، عن خطاب أوكيسون، إنّه ليس "خطاب منفلت بلا تفكير؛ يقوم، وعن قصد بعرض المسيحية والإسلام في موقف التعارض والتصادم؛ ثقافتان وشعبان. وأنّ حرب ثقافية تجري ضدنا من خلال الهجرة إلى بلدنا". ويضيف "يريد جيمي وحزبه القول إنّه ليس عنصرياً ولا هو ضدّ الهجرة، لكن من يريد أن يكون في السويد عليه أنّ يصبح مسيحياً سويدياً؛ أنه يحدد مسبقاً مفهوم للسويدية مرتبط بتعريف ديني لتبرير خطاباته المعادية للمهاجرين".
يقدّم أوكيسون نفسه كـ"قومي ديمقراطي واجتماعي محافظ"، وتعطيه الاستطلاعات ما بين 8 و11 في المائة من الأصوات. غير أنّ معسكر الاشتراكيين يبقى قوياً، ومن المستبعد أن يصبح هذا الحزب بيضة القبان في الانتخابات المقبلة للفصل بين كِفة المتنافسين من الكتلتين المسمتين هنا "الزرقاء" و"الحمراء".