لا تبدو الحماسة الانتخابية طاغية لدى الناخبين الفرنسيين، في انتخابات الأقاليم، التي تجري اليوم الأحد في جولتها الأولى، والأحد المقبل في جولتها الثانية، إذ يشكك غالبيتهم في تأثيرها على المستوى المعيشي والحياة اليومية القاسية للمواطنين. مع العلم أن للحزب الاشتراكي رغبة شديدة في استغلال الانتخابات من أجل حفظ ماء الوجه، بعد الهزيمتين الانتخابيتين، البلدية والأوروبية، اللتين تلقّاهما العام الماضي. وتجلّت هذه الرغبة، في الانخراط المباشر لرئيس الوزراء مانويل فالس، وخلفه الرئيس فرانسوا هولاند في معركة الانتخابات.
صحيح أن هذه الانتخابات تُعتبر أقل أهمية من الانتخابات البلدية والبرلمانية والأوروبية، ولكنها تشكّل نوعاً من الديمقراطية المحلية، التي يعيرها اليمين التقليدي أهمية قصوى. ولم يخفِ رئيس المجموعة اليمينية في البرلمان الفرنسي، كريستيان جاكوب، الإقرار بأن "الهدف منها هو استعادة الأراضي"، في إشارة إلى تعبيد الطريق لانتخابات 2017 الرئاسية.
كما يراها قادة يمينيون آخرون، بمثابة علامة إضافية على ابتعاد الفرنسيين عن الحزب الاشتراكي الحاكم، الذي لا يزال مسيطراً على مجلس النواب، والحكومة. وبالنسبة إلى حزب "الجبهة الوطنية" اليمينية المتطرف، فإن الانتخابات المرتقبة، ليست سوى فرصة إضافية، بعد تصدّره لائحة السياسة الفرنسية في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، للانغماس في المشهد السياسي والاجتماعي الفرنسي. ويستند حزب "الجبهة" إلى استطلاعات رأي تؤكد رضى الفرنسيين عن تسييره أعمال المدن والبلدات التي تتحكم فيها، بِنِسَب تفوق بكثير الأحزاب السياسية الأخرى.
وإذا كان حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية"، المدعوم في كثير من المناطق، من حلفائه في الوسط ومن حزب الموديم، في مناطق أقلّ، يتنازع مع "الجبهة الوطنية" الصدارة في هذه الانتخابات، وفقاً لاستطلاعات الرأي، فإن الحزب الاشتراكي يتقدم في الانتخابات معزولاً عن حلفائه في كثير من المناطق.
اقرأ أيضاً: فرنسا: اليسار في انتظار الضربة الكبرى في انتخابات الأقاليم
ويُنذر هذا الوضع بغياب كبير وتاريخي للحزب الشيوعي والخضر من المشهد الانتخابي ـ السياسي. وتكفي مقارنة الوضع الحالي للقوى السياسية الكبرى في فرنسا، وخصوصاً الحزب الاشتراكي وحلفاءه وكل الاتجاهات اليسارية الأخرى، عشية هذه الانتخابات، بانتخابات سابقة، لمعرفة ما ينتظره من هزيمة مؤكدة. وقد منحت استطلاعات الرأي الآن، الاشتراكي، ما بين 32 و35 في المائة، في مقابل 49 في المائة منذ أربع سنوات، في وقتٍ كان فيه اليمين يحصل فيه بالكاد على نسبة 32 في المائة.
وإذا كانت النسب متساوية تقريباً في الدورة الأولى من الانتخابات، بين الكتل السياسية الثلاث؛ اليمين التقليدي وحلفائه، واليمين المتطرف، واليسار بكل فروعه، فإن الدورة الثانية ستكون حاسمة لجهة التحالفات التي سترجح كفة على أخرى.
ولن تكون التحالفات التي ستستجدّ بعد الدورة الأولى سهلة، بل يجب التعامل مع كل حالة على حدة، إذ إن الموقف السياسي الرسمي لا يحظى بالقبول من قبل بعض النواب، الذين يُفضّلون عقد صفقات تتجاوز موقف الحزب إلى مستقبل الشخص السياسي وطموحه.
وإذا كان اليسار يفضل عادة، التصويت لمرشح اليمين ضد مرشح اليمين المتطرف، في الدورة الثانية، إذا لم يكن له مرشح، وفق مبدأ "الجبهة الجمهورية"، فإن عدداً كبيراً من مرشحي اليمين يفضلون التصويت ضد المرشح اليساري أو الامتناع عن التصويت، وهو ما يستفيد منه مرشح "الجبهة الوطنية".
وفي السياق، جاء موقف رئيس حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، الذي يدعو إلى "عدم التصويت لأي من الطرفين، الحزب الاشتراكي والجبهة الوطنية"، مشيراً إلى أن "هناك تحالفاً موضوعياً بينهما، لأن الحزب الاشتراكي يستخدم، منذ العام 1981، اليسار المتطرف للإساءة للوسط ولليمين الجمهوري الفرنسي". ويعتمد الاشتراكي في الانتخابات، على بعض النقاط الإيجابية التي بات يشهدها الاقتصاد الفرنسي، وانخفاض نسبة البطالة في الشهر الماضي.
كما يستند الاشتراكيون إلى حيوية ودينامية رئيس الوزراء مانويل فالس، الذي استخدم كل الأسلحة المتوفرة لديه لإقناع الفرنسيين بجدية الحكومة في معالجة قضايا المواطنين وللحدّ من حجم الهزيمة المعلنة. وظهر فالس على كل وسائل الإعلام للدفاع عن مرشحيه، ولم يتردد في استخدام أسلوب جارحٍ ومهين أحياناً، إلى درجة أن رئيس الوزراء السابق، فرانسوا فيون، وصف محاولاته بـ"حملة هستيرية، مُوجَّهة لرفع نسبة الأصوات المتطرفة".
وطالت سهام فالس حزب "الجبهة الوطنية"، ووصفه بأنه "حزب غير جمهوري"، وانتقد موقف ساركوزي الذي قرّر، مبكراً، التخلي عما قيل إنه "الوحدة الوطنية"، بعد اعتداء صحيفة "شارلي إيبدو". كما استخدم فالس عنصر "التهويل" في حديثه عن "مخاطر غير مسبوقة تتهدَّدُ فرنسا"، وأن حكومته تفعل أقصى ما تستطيع لتوفير الأمن للفرنسيين، وبالتالي تستحق اعترافا من المواطنين.
ويصعب كثيراً، في ظل عدد المرشحين الكبير، أن يحصل مرشحٌ ما على نسبة 50 في المائة في الدورة الأولى حتى يحقق النجاح، ومن هنا فالدورة الثانية هي التي ستُغيّر المعادلات في التحالفات الجديدة، والتي كانت سبباً في خسارة حزب "الجبهة الوطنية" الكثير من الاستحقاقات الانتخابية في السابق. ويؤكد فيون، في هذا الصدد أن "الجبهة الوطنية لن ينجح في اكتساح إقليم واحد، رغم شعبيته، وفي حالة تصدره للانتخابات في الدورة الأولى، فإن الأمر سيُشكّل خسارة لهولاند وللحكومة ولفرنسا".
ومع ذلك، لا يبدو أن ساركوزي مطمئن للانتخابات، فعمد إلى البحث في اصطياد أصوات ناخبي "الجبهة الوطنية" في كل مكان، إلى درجة اتخاذه مواقف أزعجت حتى أقرب حلفائه ورفاقه، خصوصاً حين طالب بحظر الحجاب في الجامعات الفرنسية، ما جعل فيون يردّ عليه بأنه "لا يُمكن بجرة قلم معالجة مسألة الخيار الديني لملايين من المواطنين الفرنسيين، إذ يجب على العلمانية أن تحمي حرية الضمير لا أن تقمعها".
من جهته، قرر حزب "وحدة الديمقراطيين المسلمين في فرنسا" الانسحاب من الانتخابات، بسبب الضغوط التي يتعرض لها، أما حزب "المساواة والعدالة"، المتواجد في مدينة ستراسبورغ، فأكد أنه سيدفع بمرشحين له في بعض المدن الفرنسية للدفاع عن "مبادئ الدين الإسلامي".
اقرأ أيضاً: الإسلام وتحدياته يتصدران المعركة الانتخابية الفرنسية
صحيح أن هذه الانتخابات تُعتبر أقل أهمية من الانتخابات البلدية والبرلمانية والأوروبية، ولكنها تشكّل نوعاً من الديمقراطية المحلية، التي يعيرها اليمين التقليدي أهمية قصوى. ولم يخفِ رئيس المجموعة اليمينية في البرلمان الفرنسي، كريستيان جاكوب، الإقرار بأن "الهدف منها هو استعادة الأراضي"، في إشارة إلى تعبيد الطريق لانتخابات 2017 الرئاسية.
كما يراها قادة يمينيون آخرون، بمثابة علامة إضافية على ابتعاد الفرنسيين عن الحزب الاشتراكي الحاكم، الذي لا يزال مسيطراً على مجلس النواب، والحكومة. وبالنسبة إلى حزب "الجبهة الوطنية" اليمينية المتطرف، فإن الانتخابات المرتقبة، ليست سوى فرصة إضافية، بعد تصدّره لائحة السياسة الفرنسية في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، للانغماس في المشهد السياسي والاجتماعي الفرنسي. ويستند حزب "الجبهة" إلى استطلاعات رأي تؤكد رضى الفرنسيين عن تسييره أعمال المدن والبلدات التي تتحكم فيها، بِنِسَب تفوق بكثير الأحزاب السياسية الأخرى.
اقرأ أيضاً: فرنسا: اليسار في انتظار الضربة الكبرى في انتخابات الأقاليم
ويُنذر هذا الوضع بغياب كبير وتاريخي للحزب الشيوعي والخضر من المشهد الانتخابي ـ السياسي. وتكفي مقارنة الوضع الحالي للقوى السياسية الكبرى في فرنسا، وخصوصاً الحزب الاشتراكي وحلفاءه وكل الاتجاهات اليسارية الأخرى، عشية هذه الانتخابات، بانتخابات سابقة، لمعرفة ما ينتظره من هزيمة مؤكدة. وقد منحت استطلاعات الرأي الآن، الاشتراكي، ما بين 32 و35 في المائة، في مقابل 49 في المائة منذ أربع سنوات، في وقتٍ كان فيه اليمين يحصل فيه بالكاد على نسبة 32 في المائة.
وإذا كانت النسب متساوية تقريباً في الدورة الأولى من الانتخابات، بين الكتل السياسية الثلاث؛ اليمين التقليدي وحلفائه، واليمين المتطرف، واليسار بكل فروعه، فإن الدورة الثانية ستكون حاسمة لجهة التحالفات التي سترجح كفة على أخرى.
ولن تكون التحالفات التي ستستجدّ بعد الدورة الأولى سهلة، بل يجب التعامل مع كل حالة على حدة، إذ إن الموقف السياسي الرسمي لا يحظى بالقبول من قبل بعض النواب، الذين يُفضّلون عقد صفقات تتجاوز موقف الحزب إلى مستقبل الشخص السياسي وطموحه.
وإذا كان اليسار يفضل عادة، التصويت لمرشح اليمين ضد مرشح اليمين المتطرف، في الدورة الثانية، إذا لم يكن له مرشح، وفق مبدأ "الجبهة الجمهورية"، فإن عدداً كبيراً من مرشحي اليمين يفضلون التصويت ضد المرشح اليساري أو الامتناع عن التصويت، وهو ما يستفيد منه مرشح "الجبهة الوطنية".
وفي السياق، جاء موقف رئيس حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، الذي يدعو إلى "عدم التصويت لأي من الطرفين، الحزب الاشتراكي والجبهة الوطنية"، مشيراً إلى أن "هناك تحالفاً موضوعياً بينهما، لأن الحزب الاشتراكي يستخدم، منذ العام 1981، اليسار المتطرف للإساءة للوسط ولليمين الجمهوري الفرنسي". ويعتمد الاشتراكي في الانتخابات، على بعض النقاط الإيجابية التي بات يشهدها الاقتصاد الفرنسي، وانخفاض نسبة البطالة في الشهر الماضي.
كما يستند الاشتراكيون إلى حيوية ودينامية رئيس الوزراء مانويل فالس، الذي استخدم كل الأسلحة المتوفرة لديه لإقناع الفرنسيين بجدية الحكومة في معالجة قضايا المواطنين وللحدّ من حجم الهزيمة المعلنة. وظهر فالس على كل وسائل الإعلام للدفاع عن مرشحيه، ولم يتردد في استخدام أسلوب جارحٍ ومهين أحياناً، إلى درجة أن رئيس الوزراء السابق، فرانسوا فيون، وصف محاولاته بـ"حملة هستيرية، مُوجَّهة لرفع نسبة الأصوات المتطرفة".
وطالت سهام فالس حزب "الجبهة الوطنية"، ووصفه بأنه "حزب غير جمهوري"، وانتقد موقف ساركوزي الذي قرّر، مبكراً، التخلي عما قيل إنه "الوحدة الوطنية"، بعد اعتداء صحيفة "شارلي إيبدو". كما استخدم فالس عنصر "التهويل" في حديثه عن "مخاطر غير مسبوقة تتهدَّدُ فرنسا"، وأن حكومته تفعل أقصى ما تستطيع لتوفير الأمن للفرنسيين، وبالتالي تستحق اعترافا من المواطنين.
ويصعب كثيراً، في ظل عدد المرشحين الكبير، أن يحصل مرشحٌ ما على نسبة 50 في المائة في الدورة الأولى حتى يحقق النجاح، ومن هنا فالدورة الثانية هي التي ستُغيّر المعادلات في التحالفات الجديدة، والتي كانت سبباً في خسارة حزب "الجبهة الوطنية" الكثير من الاستحقاقات الانتخابية في السابق. ويؤكد فيون، في هذا الصدد أن "الجبهة الوطنية لن ينجح في اكتساح إقليم واحد، رغم شعبيته، وفي حالة تصدره للانتخابات في الدورة الأولى، فإن الأمر سيُشكّل خسارة لهولاند وللحكومة ولفرنسا".
ومع ذلك، لا يبدو أن ساركوزي مطمئن للانتخابات، فعمد إلى البحث في اصطياد أصوات ناخبي "الجبهة الوطنية" في كل مكان، إلى درجة اتخاذه مواقف أزعجت حتى أقرب حلفائه ورفاقه، خصوصاً حين طالب بحظر الحجاب في الجامعات الفرنسية، ما جعل فيون يردّ عليه بأنه "لا يُمكن بجرة قلم معالجة مسألة الخيار الديني لملايين من المواطنين الفرنسيين، إذ يجب على العلمانية أن تحمي حرية الضمير لا أن تقمعها".
من جهته، قرر حزب "وحدة الديمقراطيين المسلمين في فرنسا" الانسحاب من الانتخابات، بسبب الضغوط التي يتعرض لها، أما حزب "المساواة والعدالة"، المتواجد في مدينة ستراسبورغ، فأكد أنه سيدفع بمرشحين له في بعض المدن الفرنسية للدفاع عن "مبادئ الدين الإسلامي".
اقرأ أيضاً: الإسلام وتحدياته يتصدران المعركة الانتخابية الفرنسية