حقّق الطرف القومي والموالي للغرب في أوكرانيا، أمس الأحد، انتصاراً كبيراً في الانتخابات التشريعية، بعد نحو ستة أشهر على نشوب النزاع في شرق البلاد بين الجيش الاوكراني والموالين لروسيا.
واعطت استطلاعات الرأي، لدى الانتهاء من عمليات الاقتراع، نحو 70 في المئة من الأصوات لمختلف التنظيمات الموالية للغرب، وبعضها ذات اتجاهات قومية.
وبينما فشل الحزب "الشيوعي" في الحصول على نسبة 5 في المئة من الأصوات الضرورية لدخول البرلمان، تمكنت "كتلة المعارضة" التي تضم شخصيات من حزب "المناطق"، برئاسة الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش، من الحصول على نحو 8 في المئة من الأصوات، ما يمكّنها من التمثيل في البرلمان.
وفور إعلان هذه النتائج غير الرسمية، قال الرئيس الأوكراني، بترو بوروشنكو، مساء الأحد: "أكثر من ثلاثة أرباع الناخبين الذين شاركوا في الاقتراع يدعمون بطريقة قوية لا عودة عنها توجّه أوكرانيا نحو أوروبا".
وأضاف: "غالبية الناخبين صوّتت إلى جانب القوى السياسية التي تدعم خطة السلام وتستخدم الوسائل السياسية لتسوية النزاع"، معلّقاً في كلمته التي نقلها التلفزيون الرسمي: "أنصار الحل العسكري باتوا أقلية صغيرة".
ونالت كتلة بوروشنكو، وأربع حركات أخرى موالية للغرب، نحو 70 في المئة من الأصوات، بحسب استطلاع شمل نصف مقاعد البرلمان المنتخب وفق النظام النسبي وأجرته ثلاثة معاهد استطلاع للرأي. وحلت كتلة بوروشنكو في الطليعة مع 22 في المئة من الأصوات، تليها كتلة حزب رئيس الوزراء أرسينيي ياتسينيوك، "الجبهة الشعبية"، مع 21 في المئة، ثم حركة "ساموبوميتش"، بزعامة رئيس بلدية لفيف، بـ13 في المئة.
وحصل كل من الحزب القومي، "سفوبودا"، وحزب رئيسة الوزراء السابقة، يوليا تيموشنكو، على نسبة ستة في المئة لكل منهما، متجاوزين بقليل عتبة الخمسة في المئة التي تتيح دخول البرلمان.
كما نجح الحزب الرئيسي المؤيد لروسيا والمشكل من حلفاء سابقين للرئيس السابق يانوكوفيتش، في دخول البرلمان بحصوله على نحو ثمانية في المئة، بحسب هذه الاستطلاعات. وحصل الحزب المتشدد لأوليغ لياشكو الذي يعتبر شعبوياً، على ستة في المئة من الأصوات ليسجل دخوله للمرة الأولى للبرلمان.
وقال بطل الملاكمة السابق، فيتالي كليتشكو، الذي يتصدّر لائحة حزب بوروشنكو، إنه واثق بتشكيل ائتلاف بين "القوى الديمقراطية"، مضيفاً، وهو الذي انتخب في مايو/ أيار الماضي رئيساً لبلدية كييف، أنه "للمرة الأولى في التاريخ لن تكون القوى المناهضة لأوكرانيا والحزب (الشيوعي) ممثلة في البرلمان".
وهذا الاقتراع بالغ الأهمية لأوكرانيا بعد نحو عام من أزمة شهدت الإطاحة بيانوكوفيتش، وانضمام جمهورية القرم إلى روسيا وظهور حركة انفصالية في الشرق أدت إلى النزاع المسلح.
وتعدّ هذه المنطقة ساحة مواجهة جيوسياسية بين الغربيين والروس التي تدهورت العلاقات بينهما "وتكاد تلمس القاع" باعتراف موسكو. وفي بادرة رمزية، زار الرئيس الأوكراني بزيٍ مموّه صباح أمس، الأحد، كراماتورسك، المدينة الواقعة في الشرق المتمرد والتي استعادتها القوات الأوكرانية الصيف الماضي، وذلك لتحية ما وصفه بـ"المكسب الذي حققه الجنود الذين ندين لهم بحياة السلم التي نعيش".
وعند عودته إلى كييف، أدلى بصوته، وقال: "آمل أن تؤدي هذه الانتخابات إلى تشكيل فريق قوي وناجع من أجل تطبيق إصلاحات وتحقيق النصر اللازم لجلب السلم إلى (منطقة) دونباس"، وهو الحوض المنجمي في الشرق الذي يشهد معارك منذ ستة أشهر.
ولم يتمكن نحو خمسة ملايين ناخب من أصل 36 مليوناً في البلاد، من التصويت في القرم التي ألحقتها روسيا بأراضيها في مارس/ آذار الماضي وفي المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون في الشرق. وسيبقى 27 مقعداً نيابياً خالياً. وفي دونيتسك، أبرز معاقل المتمردين، يقاطع السكان الانتخابات وينتظرون الانتخابات التي سينظمها الانفصاليون في الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر. وينتخب نصف النواب بالاقتراع النسبي على لوائح وطنية والنصف الآخر بالاقتراع الاغلبي من دورة واحدة في دوائر. وسيكون على البرلمان الجديد التصويت على إصلاحات جذرية بهدف إخراج أوكرانيا من ركود عميق زاد من حدته النزاع في الشرق الصناعي.