تحوّل الاهتمام بانتخابات حركة حماس الداخلية، من هامشي إلى رسمي، مع ترسيخ الحركة الفلسطينية حضورها ونفوذها في قطاع غزة الذي تديره منذ عشر سنوات، ودخولها العمل السياسي والبرلماني من أوسع أبوابه، لا سيما بعد النجاح الذي حققته في الانتخابات التشريعية عام 2006. ومع بدء الانتخابات الداخلية في "حماس"، والتي ستفرز رئيس المكتب السياسي للحركة، ونائباً له، وأعضاء المكتب السياسي العام، ومسؤولي المناطق والملفات، فإنّ دائرة الضوء توسعت حول الحركة، وبات الاهتمام بمعرفة تفاصيل الانتخابات الداخلية أمراً يسعى إليه كثيرون. واعتادت "حماس" عدم التعليق على انتخاباتها الداخلية. لكنها في الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين، اضطرت تحت ضغط التساؤلات من قبل الإعلام والرأي العام، لإعلان بعض تفاصيل الانتخابات ونتائجها. وهذه المرة يمكن أنّ يتم إعلان نتائج الانتخابات في مارس/آذار المقبل.
وفي الخارج، تواجه "حماس" في هذه الفترة واقعاً جديداً يتمثل في تراجع عدد حلفائها وأصدقائها بعدما أغضبت مواقفها المؤيدة للربيع العربي كثيراً من الحلفاء. وصار لزاماً على رئيس مكتبها السياسي الجديد وأعضائه توسيع دائرة "الحلفاء والأصدقاء".
ويقول النائب في المجلس التشريعي عن حركة حماس، يحيى موسى، لـ"العربي الجديد" إن الانتخابات الداخلية في الحركة تتم على مراحل، وعبر سلسلة متكاملة من الخطوات، يجري اختتامها في النهاية بانتخاب أعضاء ورئيس المكتب السياسي، والذين سيمثلونها لمدة أربع سنوات. ويؤكد أن أي قيادة جديدة سيجري انتخابها لقيادة الحركة عليها العمل على تحمل المسؤولية ومواجهة كل المشكلات والعقبات التي تواجه الحركة، في ظل ارتفاع الخبرة لدى الحركة وقادتها بفعل العقبات التي واجهتها طيلة السنوات الماضية. ويلفت إلى أن حالة الاهتمام الشديد من قبل العالم والمراقبين بالانتخابات الداخلية للحركة تعود إلى تحولها من حركة نخبوية إلى تنظيم كبير له حضوره في أوساط الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده. ويوضح النائب عن "حماس" أنه كما يجري تداول للسلطة في المؤسسات الحكومية، فهو بالتأكيد يجري داخل الحركة، عبر انتخاباتها الداخلية التي تتم وفقاً لقوانين وأنظمة داخلية تحكم العملية الانتخابية الخاصة بها.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي في غزة، مصطفى الصواف، لـ"العربي الجديد" إنّ الاهتمام عادة بالقوى والتنظيمات ينبع من أهمية وجودها على أرض الواقع، و"حماس" لم تعد التنظيم الهامشي بل باتت مقرراً في السياسة الفلسطينية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وفق قوله. غير أنه يلفت إلى أن "حماس" لا تُعير اهتماماً كبيراً لمن يريد تتبع انتخاباتها الداخلية. وأوضح في ذات الوقت أن منطلق الذين يسعون للمعرفة يريدون الإجابة على تساؤلات مثل: هل نتائج هذه الانتخابات سيكون لها أثر في سياسة حماس المقبلة؟ وهل حركة حماس بانتخاب قيادات جديدة ستغير من استراتيجيتها"؟
في السياق، يشير رئيس مركز "أبحاث المستقبل" في غزة، إبراهيم المدهون، إلى أن انتخابات "حماس" ستؤثر بشكل عام على الساحة السياسية الفلسطينية وعلى المشهد الإقليمي في ظل العلاقات التي تربطها إقليمياً. ويوضح في حديثه لـ"العربي الجديد" أن المتابعين يراقبون عن كثب ما يجري داخل أروقة الحركة من انتخابات في ظل وعي وإدراك بأنها "حقيقية وليست صورية على غرار ما جرى مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في مؤتمر حركة فتح السابع، والذي كان معروفا مسبقاً أنه سيكون على رأس الحركة"، على حد تعبيره. ويؤكد أن "حماس" قد تفاجئ الجميع في انتخاباتها الداخلية الحالية وتفرز قيادة جديدة ورأسا جديدا في إطار الديناميكية التي تحكم مفاصلها الداخلية، والتي تثبت بشكل قاطع أنها تنظيم مؤسساتي يسير وفق أنظمة وقوانين داخلية، حسب قوله.
ويلفت المدهون إلى أن الانتخابات الداخلية للحركة التي تدير شؤون القطاع منذ عام 2007، تسير وفق أنظمة وقوانين بعيداً عن هيمنة أشخاص وسيطرتهم على مفاصلها الداخلية. ويشير إلى أن ترك رئيس المكتب السياسي الحالي للحركة، خالد مشعل، لمنصبه بسبب موانع قانونية وأنظمة تحكم عملية الانتخابات، لا يعني أنه سيخرج من الحركة ككل، وأنه من المحتمل أن يكون له دور في مجلس الشورى أو أي من الملفات الحساسة والخطيرة داخل أروقة الحركة الإسلامية، على حد قوله.