في سنة 1999، خصّصت "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" (اليونسكو) الحادي والعشرين من آذار مارس يوماً عالمياً للشعر يُحتفل به كلّ عام، في توّجه لإعادة الاعتبار إلى أول التعبيرات الفنية التي عرفتها البشرية وخلّدت من خلاله ملاحمها التاريخية وأساطيرها وحضاراتها.
عادت مديرة المنظّمة إيرينا بوكوفا، في رسالتها التي نشرتها في هذه المناسبة إلى ويليام شكسبير، في مسرحيته "حلم ليلة صيف"، التي أورد فيها: "أما الشاعر فهو في نوبات جنونه ينقل بصره من السماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء، فتصوّر له مخيلته أشكال أشياء غير معروفة أو مألوفة، ويستطيع بقلمه أن يجسّدها وأن يخلق من لا شيء شيئاً يسميه".
وأشارت إلى أن "قراءة كلمة واحدة من قصيدة أحياناً لاستعادة الثقة بالنفس والتمكن من الصمود في مواجهة الشدائد والبلايا، واستعادة الأمل والابتعاد عن اليأس والقنوط والتقاعس عن التصدي للتوحش والهمجية. وفي هذا العصر الحديث الذي يطغى عليه استخدام الآلات في مختلف جوانب الحياة، وكذلك سعي الناس إلى الحصول على كل شيء في طرفة عين، يتيح الشعر إيجاد حيّز لنوازع الحرية والمغامرة المتأصلة في النفس البشرية".
لكن ماذا عن هذا اليوم عربياً؟ على المستوى الشكلي تقام في معظم المدن قراءات للشعراء التي يحضرها بالعادة عدد قليل؛ هم جمهوره اليوم، كما تكتب بضع مقالات هنا وهناك تذّكر بأهمية ديوان العرب الذي تراجع اليوم نتيحة عوامل كثيرة، ليس طغيان السرد العامل الأساسي في ذلك، إنما تكمن العلّة بتحوّل الثقافة من أداة للتفكير وللتغيير لتصبح منتجاً يجري تسويقه لأغراض التسلية والترفيه.
في المغرب، يقيمم "بيت الشعر" فعاليات رئيسية في أربع مدن هي: تازة ومكناس والرباط وطنجة تضمّنت أمسيات شعرية ترافقها الموسيقى كما أعلن عن إطلاق موقعه الإلكتروني، وإعلان نتائج مسابقات في الكتابة الشعرية. كما ينظّم "بيت الشعر" في الخرطوم فعالية خصّصها للمرأة الشاعرة، أما القاهرة فتعدّدت الجهات الرسمية والأهلية التي دعت إلى الاحتفاء بالمناسبة.
من جهته، أعلن مركز قطر للشعر "ديوان العرب"، فعالية تتضمّن قراءات وعزفاً وحوارات حول الشعر الفصيح والشعر النبطي. وفي الجزائر انطلق "مؤتمر راهن الشعر" في المكتبة الوطنية والذي يناقش علاقة القصيدة بالنقد وحواره مع الفنون الأخرى، وإشكاليات التلقّي. وعلى وقع الحرب والقتال يقيم تجمع تاناورت في مدينة بنغازي الليبية اليوم الأربعاء احتفاليته.