اليمين المتطرف في إسرائيل يراهن على أصوات اليهود الفرنسيين

22 ديسمبر 2014
التوجهات اليمينية المتطرفة ليست حكراً على المهاجرين من فرنسا(Getty)
+ الخط -

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية الإسرائيلية المبكرة، بدا واضحاً رهان بعض قوى اليمين المتطرف في إسرائيل على أصوات اليهود الذين هاجروا حديثاً من فرنسا، والذين يشتهرون بشكل خاص بتوجهاتهم اليمينية المتشددة. وقد أدى هذا الأمر إلى ولادة حركة يمينية دينية، تعتبر الأكثر تطرفاً من بين الأحزاب والحركات التي تمثل اليمين الديني في إسرائيل. فقد انشقّ كل من النائب يوني شطبون عن حزب "البيت اليهودي"، الذي يتزعمه وزير الاقتصاد نفتالي بنيت، ووزير الداخلية الأسبق الحاخام إيلي يشاي عن حركة "شاس"، وشكّلا معاً حركة "مران"، وهي حركة ستمثل أقصى اليمين الديني المتطرف.

وحسب الباحث تسفيكا كلاين، فإن معظم أصوات اليهود الفرنسيين كانت تذهب بشكل خاص لحركة "شاس" و"البيت اليهودي"، مشيراً إلى أن النائب شطبون، الذي كان يمثل الجناح الأكثر تطرفاً في "البيت اليهودي" يحظى بشعبية طاغية لدى اليهود الفرنسيين تحديداً بسبب مواقفه المتشددة من القضايا السياسية ومن علاقة الدين بالدولة، إلى جانب جهوده في مجال سنّ التشريعات التي تسهّل هجرة هؤلاء إلى إسرائيل.

وفي تحليل نشرته صحيفة "معاريف" يوم الأربعاء، نوّه كلاين إلى أن المهاجرين من فرنسا مستائون أيضاً من تولّي آرييه دعي زعامة حركة "شاس"، إذ يوصف بأنه من "الحمائم" مقارنة بالتوجهات المتطرفة ليشاي سلفه في قيادة الحركة. ويشكل اليهود الفرنسيون قوة انتخابية كبيرة نسبياً، إذ إن عددهم يبلغ 100 ألف، وهو عدد كبير بالمقاييس الإسرائيلية.
ويتواجدون بشكل أساس في مدن نتانيا، أسدود، تل أبيب، القدس، وأخيراً بدأ  استيعابهم في مستوطنات الضفة الغربية.
ولقد اكتشفت النخب اليمينية في إسرائيل الطاقة الكامنة في التوجهات المتطرفة للمهاجرين حديثاً من فرنسا، مما دفعها إلى الدعوة إلى استغلالهم في تعزيز المشروع الاستيطاني التهويدي في الضفة الغربية والقدس المحتلة. فقد جاهر نائب وزير الحرب السابق ورئيس اللجنة التنفيذية لحزب الليكود داني دانون، بالدعوة إلى استيعاب المهاجرين حديثاً من فرنسا في مستوطنات الضفة الغربية والمشاريع التهويدية في القدس المحتلة. ونقلت صحيفة "ميكور ريشون" عنه قبل قرابة شهرين المطالبة باستيعاب هؤلاء المهاجرين تحديداً في مستوطنة "هار حوما"، التي تعتبر أكبر المشاريع الاستيطانية الهادفة لتهويد محيط القدس، والتجمع الاستيطاني "غوش عتصيون" الذي يقع بين جنوب القدس وشمال مدينة الخليل. وأضاف دانون أنه يجب استغلال التوجهات اليمينية للمهاجرين من فرنسا في تعزيز سيطرة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وعن السبب الذي يدفع المهاجرين من فرنسا تحديداً إلى تبنّي المواقف اليمينية المتطرفة، يقول الباحث المتخصص في شؤون يهود فرنسا في جامعة "بلاإيلان" البرفسور أريك كوهين، إن هذه التوجهات تعود بشكل خاص إلى حالة العداء التي استشرت بين هؤلاء اليهود والجاليات الإسلامية والعربية التي تعيش في فرنسا، واتهام الفرنسيين من أصول إسلامية وعربية بالمسؤولية عن تدبير هجمات على كنس ومرافق تعليمية يهودية في فرنسا.

ونقلت صحيفة "هآرتس" قبل أشهر عن كوهين قوله إن 67 في المائة من اليهود الفرنسيين يعلنون أنهم معنيون بمغادرة فرنسا، بسبب تدهور مستوى الشعور بالأمن الشخصي في أعقاب استهداف المؤسسات اليهودية هناك. ويبدو تفسير كوهين للتوجهات اليمينية ليهود فرنساً سطحياً، لأنه لا يأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن جميع هؤلاء اليهود هم من أصول شرقية، إذ هاجروا في الأساس من دول المغرب العربي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي إلى فرنسا. وكما يقول البرفسور سامي شطريت في كتابه "اليهودية والديموقراطية" الصادر حديثاً، فإن اليهود الشرقيين يرغبون في إبراز التمايز عن المجتمعات العربية التي هاجروا منها عبر تبني مواقف متطرفة من الصراع.

لكن التوجهات اليمينية المتطرفة ليست حكراً على المهاجرين من فرنسا، بل من جميع الدول والمناطق التي تتحدث الفرنسية، مثل بلجيكا ومونتريال. وتعتبر فرنسا الدولة التي يصل منها أكبر عدد من المهاجرين اليهود سنوياً، ويتوقع أن يبلغ متوسط عدد اليهود الفرنسيين الذين يهاجرون إلى إسرائيل سنوياً 10 آلاف. ويقول المدير العام لوزارة الاستيعاب والهجرة عوديد فورير إن 60 في المائة من اليهود الفرنسيين يدرسون مغادرة فرنسا، مستدركاً أن نصفهم يخططون للهجرة إلى إسرائيل. وتنقل صحيفة "ميكور ريشون" عن جوش شفارتس المدير العام للوكالة اليهودية المسؤولة عن تهجير يهود العالم لإسرائيل، قوله إنه قد حدثت زيادة بنسبة 33 في المائة على عدد الشباب اليهودي الفرنسي الذين ينضمّون إلى مشروع "مساع". وهو مشروع يقوم على تنظيم رحلات للشباب اليهودي لإسرائيل من أجل تشجيعهم على الهجرة إليها. كما تنقل "هآرتس" عن ممثل الوكالة اليهودية في باريس آرييه كندل قوله إن هناك ما يدل على أن هناك 40 ألف يهودي فرنسي مستعدّين للهجرة. وأشار إلى أن حماسة اليهود الفرنسيين للهجرة دفعت الوكالة لتنظيم ثلاثة لقاءات أسبوعياً للإجابة على أسئلة المهتمين بالهجرة، لافتاً إلى أنه قبل عامين كان يعقد لقاء كل أسبوعين فقط.

أما ثاني أهم دافع يحث اليهود الفرنسيين على الهجرة فهو تدهور الأوضاع الاقتصادية في فرنسا، إذ انخفضت معدلات النمو وزادت معدلات البطالة بين الشباب.