اليمين المتطرف الأوروبي يتغذّى من الأزمة الاقتصادية

23 مايو 2014
إعلان انتخابي مناهض للاتحاد الأوروبي في الدنمارك (العربي الجديد)
+ الخط -

ينشغل مواطنو الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 502 مليون نسمة، حتى فجر26 أيار/مايو الحالي بانتخابات برلمانهم الأوروبي.

ولكل دولة من دول الاتحاد الـ 28 خصوصية وقضايا يجري التركيز عليها. المشترك بين تلك الدول هو أن هذه الانتخابات، على عكس انتخابات 2009، تشهد محاولات حثيثة لقوى وأحزاب سياسية، للوصول إلى الناخب الأوروبي، عبر تسلّق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المستفحلة. أزمات، أوصلت عدداً من دول الاتحاد الأوروبي إلى حافة الانهيار، في حين تتخبط أخرى بمؤشرات اقتصادية لا تشي سوى بتوسع المشكلات المعيشية للسكان.

 

بطالة خانقة

 

بلغ عدد الدول المشكلة لنواة "السوق الأوروبية المشتركة" حوالى ست دول عام 1958، أكبر توسعة تمت تحت تسمية "الاتحاد الأوروبي" بين عامي 2004-2007 بانضمام دول أوروبا الشرقية. وفي عام 2013 انضمت كرواتيا لتكون الدولة 28 في الاتحاد.

يعيش في دول الاتحاد ما نسبته 11.2 في المئة من سكان العالم.

70 في المئة من بيوت مواطني الاتحاد مربوطة بشبكة الإنترنت. ومربوطة بما يقارب الـ60 ألف كيلومتر من الطرقات المعبدة.

وتشير احصاءات الاتحاد الأوروبي إلى انخفاض الدخل القومي في الاتحاد بنسبة 4 في المئة منذ 2009. في حين تبلغ نسب البطالة حدودا لا تطاق في إسبانيا بـ26 في المئة (2013) و27 في المئة في اليونان، بينما تصل في ألمانيا إلى 5.2  في المئة و4.9 في المئة في النمسا وفي الدنمارك 6.8 في المئة.

أما متوسط البطالة في منطقة اليورو، فيصل إلى 12.2 في المئة، وقد نشر موقع الاتحاد الأوروبي تقريراً أشار إلى أن هناك حوالى 27 مليون إنسان عاطل عن العمل في الاتحاد (سبتمبر/ أيلول 2013).

 

عجز متواصل

 

وقد واجهت دول الاتحاد عجزاً في الموازنات بعد الأزمة المالية التي أرخت بظلالها على الاتحاد الأوروبي منذ 2009 بنسب مختلفة وصلت أوجها في اليونان في عام 2010 بنسبة -10.3 في المئة وفي 2013 بنسبة -8.4.

وتشير الأرقام الصادرة عن الاتحاد إلى أن متوسط نسبة العجز انخفض في مجموع دول الاتحاد الأوروبي من -6.5  في 2010 إلى -3.3 في المئة في عام 2013.

تشكل كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا حوالى 70 في المئة من المداخيل الوطنية في مجموع دول الاتحاد. وتتوزع بقية الـ30 في المئة على دول منطقة اليورو والاتحاد عموماً.

وقد وضع 21 بلداً من أصل 28 معايير الحد الأدنى من الأجور. ففي بلغاريا كان الحد الأدنى 112 يورو في 2008 وارتفع 138 يورو في 2012.

بينما يصل الحد الأدنى للأجور إلى 1444 يورو في بلجيكا لعام 2012 وهي القيمة نفسها تقريباً في هولندا وإيرلندا، بينما أعلاها في لوكسمبورغ بـ 1800 يورو. وهو ما يدفع بالكثير من اليد العاملة للانتقال إلى الدول ذات الأجور المرتفعة.

 

ضد اليورو والهجرة

قد لا تبدو البرامج الانتخابية متقاربة إذا ما قُرأت باللغات الوطنية تحت شعار "الديمقراطية بدل البيروقراطية". ولكن قراءة شعارات حزب "البديل لأجل ألمانيا"، توضح حجم التأثير الاقتصادي على برامج الأحزاب.

إذ يرفع الحزب الإلماني الشعارات التالية: "حرية أكثر وبروكسل أقل" و"شجاعة لأجل ألمانيا... وعملة قوية بدل جنون ديون اليورو".

في حين يرفع حزب الشعب الدنماركي اليميني المتشدد شعاره الانتخابي تحت عنوان:  اتحاد أوروبي أقل ودانمارك أكثر".

أما إيطاليا فتشعر أنها في عزلة ومتروكة لتلعب حارس حدود أوروبا الاتحادية، مع تزايد تدفق المهاجرين واللاجئين إلى شواطئها، انسياب هؤلاء، الذين شكلت أعدادهم في الفترة الممتدة من الشهر الأول إلى الرابع من هذا العام حوالى 47 ألفا، باتت قضية تدفع بعض أحزاب اليمين التقليدي إلى التسابق في الشعارات الانتخابية مع اليمين المتطرف الداعي إلى وقف السماح لهؤلاء بالدخول إلى التراب الأوروبي، لا خشية عليهم، بل على اقتصادات بلادهم ، كما يروج لها هؤلاء إعلامياً.
 

الاقتصاد ناخب أساسي

وتبدو الحالة اليونانية ، في أزمتها المندلعة بعد انتخابات 2009، ماثلة أمام أعين مواطني الاتحاد وهم يتوجهون لصناديق الاقتراع.

فألمانيا واحدة من الدول التي بات يراها بعض مواطنيها مجرد "خزنة المال" الأوروبي لإنقاذ الاقتصادات المتعثرة.

ونسب البطالة المرتفعة في بعض دول شرق أوروبا مقلقة لهؤلاء، كما هي في إسبانيا وإيطاليا، وخصوصاً أنهم يرون تكاثر انتقال اليد العاملة إلى بلدانهم. أضف إلى ذلك تعثر معدلات النمو وتراجع نسبها مع ارتفاع في التضخم.

الظاهرة الألمانية تبدو مقلقة لدول أوروبية أخرى، بسبب التعويل على قوة الاقتصاد الألماني وموقعها السياسي الكبير مع فرنسا. فشعار "حزب البديل": "واشنطن تتجسس وبروكسل تقرر وبرلين تُطيع" يلقى آذاناً صاغية بين الناخبين لإقناعهم بالتصويت.

وحسب استطلاعات الرأي التي تنشرها المواقع الألمانية يمكن لهذا الحزب الحصول على ما نسبته 6-7% في الدولة الأكبر داخل الاتحاد.  

والمقلق للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أن الألمان معروفون بتأييدهم لفكرة الاتحاد تاريخياً، لكن ألقت السنوات الأخيرة من الركود الاقتصادي الأوروبي واضطرار برلين لتقديم مساعدات لليونان بظلالها على مزاج الألمان.

وفي الدنمارك، تبين استطلاعات الرأي تراجعاً للقوى المتحمسة للاتحاد الأوروبي، رغم مرور ثلاثة عقود على عضوية الدنمارك في الاتحاد.

ويبدو واضحا أن قوى كثيرة في المجتمعات الأوروبية العميقة الصلة بفكرة الوحدة، تبدو اليوم أكثر حذرا بسبب الأوضاع الاقتصادية خلال سنوات الأزمة.

استطلاعات الرأي تُظهر أن 33% من المستطلعين في دول الاتحاد باتوا أكثر تشكيكاً بالاتحاد الأوروبي. ويشير المحللون إلى تصاعد شعبية اليمين المتشدد على حساب يمين الوسط وعلى حساب اليسار التقليدي باتجاه حركات شعبية مناهضة للاتحاد.

المساهمون