بدأت الحكومة اليمنية اتصالات مكثفة مع الدول المانحة بهدف الحصول على دعم خارجي مباشر للميزانية العام الجاري، حيث التقى مسؤولون يمنيون، على مدار الأسبوع الماضي، بمسؤولي الصناديق العربية والأجنبية وسفراء الدول المانحة لليمن.
وأجرى وزيرا الخارجية والمالية اليمنيان، عبد الملك المخلافي، ومنصر القعيطي، أول من أمس، مباحثات منفصلة مع سفيري بريطانيا وألمانيا لدى اليمن، ورئيس مجلس المديرين لصندوق النقد العربي عبدالرحمن الحميدي، بحثا عن تمويل لمشاريع الحكومة في مجال التنمية، وإعادة الاعمار والخدمات العامة في المحافظات الخاضعة لسلطة الحكومة.
وقال وزير الخارجية: إن الوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل وإن اللجنة الاقتصادية في الحكومة لديها مؤشرات سلبية للغاية، متهما الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بتعطيل اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي اليمني، لوقف التدهور الاقتصادي في البلاد.
وكان نائب الرئيس اليمني، رئيس الوزراء خالد بحاح أعلن، الثلاثاء الماضي، عن مساع حكومية للحصول على دعم خارجي مباشر لميزانية 2016، مشيرا إلى توفير مخصصات مالية تقدر بمبلغ 20 مليار ريال يمني لتطوير قطاع الخدمات العامة في المدن المحررة خلال الربع الأول من العام الجاري.
واعتبر رئيس مصلحة الضرائب اليمنية السابق أحمد غالب، أن مهمة الحكومة في الحصول على تمويلات خارجية مباشرة للميزانية العامة للدولة ستكون صعبة.
وقال غالب لـ "العربي الجديد": "مجلس الوزراء اجتمع لمناقشة موازنة العام الجديد وأعلن عن مساع للحصول على دعم خارجي مباشر، لكن الصورة تبدو ضبابية خاصة الدعم الخارجي في ظل أوضاع صعبة تعيشها الدول المانحة".
فيما يعتقد الخبير الاقتصادي اليمني ياسين التميمي، أن الدعم الخارجي لليمن في الوقت الراهن ربما يقتصر على دعم المشاريع الإغاثية وإعادة الخدمات في المدن المحررة.
وقال التميمي لـ "العربي الجديد": "أعتقد أن البحث عن تمويلات أجنبية مباشرة للميزانية هي خطوة في الاتجاه الصحيح، لأن الاختبار الصعب التي تواجهه الحكومة بعد استعادتها مساحة كبيرة من البلاد".
اقرأ أيضاً: موازنتان في اليمن: واحدة للحرب وأخرى للإعمار
وأشار إلى أن عملية البناء التي تتطلب مرحلة ما بعد الحرب، تقتضي وجود تمويل الحكومة حتى الآن تواجه صعوبة في إيجاده، خصوصاً بعد توقف تصدير النفط، بالإضافة إلى أن الإدارة النقدية للموازنة التشغيلية تتم تحت إشراف سلطة الأمر الواقع في صنعاء، وإن كان محافظ البنك المركزي يعمل تحت إشراف الرئيس أو على الأقل بإذن منه.
وأكد أن المرحلة المقبلة تتطلب فك الاشتباك الحالي بين السلطة الشرعية وسلطة الأمر الواقع فيما يتعلق بإدارة السياسة النقدية والإشراف والجباية وتحصيل الإيرادات وإدارة الموارد النقدية.
وقال: "من هنا يمكن فهم طبيعة تحرك الوزراء باتجاه الحصول على تمويلات، بالتزامن مع كشف التعديات الخطيرة على الموازنة والاحتياط النقدي الذي تم من قبل سلطة الأمر الواقع للمتمردين، والتي استنزفت أكثر من نصف الاحتياطي النقدي للبلاد.
وكانت مصادر حكومية أكدت لـ "العربي الجديد" أن الحكومة الشرعية لليمن، تعكف على إعداد موازنة 2016 التي تركز على تنفيذ خطة الإعمار في المناطق المحررة، وأشارت إلى أن الموازنة ستعتمد على الموارد المحلية للمحافظات المحررة وتضع في الحسبان تكلفة إعادة الإعمار بدعم مباشر من دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
وأجبرت ظروف الحرب، والتي تسببت فيها مليشيات الحوثيين المسلحة في اليمن، العديد من المدن المحررة في مناطق عدة من البلاد، على تطبيق الفيدرالية المالية، من خلال استغلال إيرادات هذه المدن في دفع رواتب موظفيها، إلا أن عددا كبيرا من الموظفين تتأخر مستحقاتهم بشكل متكرر، على خلفية تأزم الأوضاع المالية.
وتعهدت دول مجلس التعاون الخليجي، ديسمبر/كانون الأول الماضي، بإعمار اليمن وتأهيل اقتصاده ودعت إلى عقد مؤتمر دولي لإعمار اليمن بعد التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء الحرب، التي أحدثت أضراراً واسعة بالاقتصاد والبنية التحتية، في الوقت الذي قدّر فيه خبراء اقتصاد يمنيون الكلفة الأولية لإعادة الإعمار بنحو 10 مليارات دولار.
وأدت الاضطرابات السياسية وسيطرة الحوثيين إلى تعليق تعهدات المانحين لليمن والمقدرة بحوالي 7.7 مليارات دولار.
وتقول الحكومة الشرعية، إن الإرهاب حال دون إعمار المناطق المحررة وإن الوضع الحالي يحتاج إلى رؤية وخارطة جديدة لإعادة إعمار اليمن.
اقرأ أيضاً:
اليمن: قلق من الاستيلاء على الأراضي في عدن
اليمنيون يلجأون إلى مؤسسات التمويل للادخار