اللجنة اليمنية للتواصل مع السعودية: الإحراج سلاح لحل أزمة المغتربين

13 فبراير 2018
المغتربون أبرز المصادر التي تعود للبلاد بالعملة(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
ليست المرة الأولى التي تضطر فيها الحكومة اليمنية، إلى خطوات علنية، من شأنها أن تمثل إحراجاً للتحالف، الذي تقوده السعودية، للوفاء بتعهداته بدعم البلاد، وتخفيف الأزمة الإنسانية، في ظل استمرار بقاء الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، بوضع يشبه الإقامة الجبرية خارج البلاد، بسبب الصعوبات التي تمنع عودته.

وأكدت مصادر يمنية مقربة من الحكومة اليمنية، لـ"العربي الجديد"، أن التوجيه الذي أصدره هادي، أول من أمس، بتأليف لجنة حكومية "بشكل عاجل للتواصل مع الجهات المعنية لدى السعودية، لبحث كل المشاكل والمعوقات التي تواجه المغتربين اليمنيين لتذليل العقبات أمامهم"، جاءت لتخفيف الضغوط التي يتعرض لها الجانب الحكومي اليمني أمام الداخل، بسبب المخاطر التي تتهدد مئات الآلاف من الأسر اليمنية، التي تعتمد على المغتربين في المملكة. ووفقاً للمصادر، فإن الجانب اليمني، سبق أن خاطب المسؤولين في السعودية، على مستويات عدة، حول أوضاع المغتربين، وضرورة مراعاة الوضع الذي تمر به البلاد، في ظل الملفات التي تربط بين البلدين، إلا أنه كان يواجه بوعود لا تصل إلى حد التنفيذ، ما "سبب للحكومة (اليمنية) حرجاً أمام الداخل"، في واحد، من أكبر التحديات والملفات التي تربط البلدين، حتى خلال الفترة التي سبقت الحرب.

وتحت الضغوط، اضطر الرئيس اليمني لعرض الجهود الحكومية أمام الرأي العام، من خلال الإعلان عن إصدار توجيه بتشكيل لجنة يمنية، تتولى التواصل مع الجانب السعودي، حتى تأخذ القضية، صفة رسمية أوسع. وتتألف اللجنة من نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية، عبد الملك المخلافي، ووزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، ابتهاج الكمال، ووزير المغتربين، علوي بافقيه، وسفير اليمن لدى الرياض، شائع محسن الزنداني، والقنصل العام لليمن في جدة، علي العياشي. وهي لجنة، من شأنها أن تجعل الحديث مع الجانب السعودي في قضايا المغتربين اليمنيين (أكثر من مليون ونصف المليون مغترب)، أولوية للنقاش بين حكومتي البلدين. وأكد مصدر مسؤول في الرئاسة اليمنية، لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بنسختها التابعة  للشرعية، "ثقة القيادة السياسية بمواقف المملكة العربية السعودية الإيجابية والكريمة تجاه اليمن، أرضاً وشعباً، في كل الظروف والمراحل فهي السند والعون".

وكانت السعودية قد أقرت أخيراً حزمة من الإجراءات الجديدة، فيما يُعرف بـ"السعودة"، للعديد من المهن والأنشطة في المحلات التجارية، من شأنها أن تؤثر على مئات الآلاف من المغتربين اليمنيين، الذين يعملون بأجور متدنية في السعودية، ويمثلون المصدر الرئيسي لدخل مئات الآلاف من الأسر في بلادهم. كما أنهم أبرز المصادر التي تعود للبلاد بالعملة الصعبة، في ظل الأزمة التي تعيشها منذ سنوات. وسيكون لترحيلهم من السعودية آثار كارثية على الوضع الإنساني في اليمن. وبلغ إجمالي التحويلات المالية إلى اليمن نحو 3.4 مليارات دولار، جزءٌ كبيرٌ منها عبر السعودية خلال عام 2016، حسب تقرير سابق لصندوق الأمم المتحدة الدولي للتنمية الزراعية، وهو مبلغ ضخم بالنسبة للاقتصاد اليمني الذي يوصف بأنه ضعيف وهش. ويرى مراقبون أن إعلان الجانب الحكومي اليمني، عن لجنة للتنسيق مع الجانب السعودي بهذا الشأن، تأكيد على العوائق التي تواجه الحكومة الشرعية، التي تحاول تخفيف الضغوط عنها، بإحراج الرياض، ودفعها للتجاوب مع المطالب الخاصة بمعالجة أوضاع المغتربين. وليست المرة الأولى، التي تضطر فيها الحكومة اليمنية، للقيام بخطوة من هذا النوع، لإحراج الجانب السعودي، للوفاء بوعوده، إذ سبقت ذلك المطالبة العلنية للحكومة اليمنية، الشهر الماضي، للرياض للوفاء بوعودها بتقديم وديعة قدرها مليارا دولار، لإنقاذ العملة المحلية، إذ لجأ رئيس الحكومة، أحمد عبيد بن دغر، إلى كتابة مناشدة نشرها على وسائل الإعلام، أكد فيها واجب التحالف التدخل لإنقاذ العملة، منعاً لمجاعة محققة تهدد الملايين، مع انهيار أسعار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية على نحو غير مسبوق. وأطاح الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، أول من أمس، بمحافظ البنك المركزي، منصر القعيطي، في ظل أزمة انهيار أسعار العملة المحلية. وعيّن هادي، بقرار جمهوري، محمد منصور زمام، محافظاً للبنك المركزي اليمني، خلفاً للقعيطي. 

الجدير بالذكر أن العلاقة بين التحالف والحكومة الشرعية ليست بأفضل حال لها، إذ برزت خلافات كبيرة بين هادي والإمارات، التي تتولى واجهة نفوذ التحالف في المحافظات الجنوبية للبلاد. ودعمت أبوظبي، بصمت أو بضوء أخضر من الرياض، تأسيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" المطالب بالانفصال. وينظر العديد من اليمنيين إلى إقامة هادي في الرياض بأنها "تشبه الإقامة الجبرية"، بسبب القيود التي يواجهها، والتي تمنعه من العودة إلى مدينة عدن "العاصمة المؤقتة". وبرزت الأزمة أخيراً، مع الأحداث التي شهدتها عدن، إذ على الرغم من اعتبار الحكومة اليمنية تلك الأحداث محاولة انقلابية وتمرداً مسلحاً، اتخذ التحالف موقفاً ضبابياً، بين التأييد الإماراتي لـ"الانقلابيين"، وبين الموقف السعودي، الذي سعى لإنقاذ الموقف بالتهدئة في عدن، لكنه اعتبر ما يدور فيها بين "أطراف يمنية" وليس بين حكومة شرعية وتمرد مسلح ينادي بالانفصال، وسعى للإطاحة بها، من عدن.

المساهمون