شهد محيط مطار الحديدة، غرب اليمن، اليوم الخميس، معارك عنيفة بين قوات الحكومة الشرعية ومقاتلي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، قتل فيها 39 من الطرفين، في اليوم الثاني من العملية العسكرية التي أعلن التحالف العربي إطلاقها.
ودارت المواجهات المباشرة بالأسلحة الرشاشة والقذائف على بعد نحو كيلومترين من جنوب المطار، قبيل جلسة مرتقبة لمجلس الأمن لبحث تداعيات الهجوم الذي أثار مخاوف من احتمال عرقلة تسليم المساعدات لملايين السكان عبر ميناء الحديدة.
وقالت مصادر عسكرية في القوات الموالية للحكومة، إن المواجهات اندلعت بعد محاولة هذه القوات التقدم باتجاه المطار.
وترافقت المعارك مع شن طائرات التحالف، الداعم للقوات الحكومية بقيادة السعودية، غارات مكثّفة على مواقع الحوثيين في المناطق المحيطة بمدينة الحديدة وعلى المطار، وفقا للمصادر ذاتها.
كما قامت ثلاث مروحيات "أباتشي" بأعمال قصف استهدفت الحوثيين في المطار وفي المناطق المحيطة به. وأوضح مسعفون أن قتلى الحوثيين سقطوا في المعارك، بينما قضى مسلحون موالون للحكومة في المواجهات وفي أعمال قنص وتفجير ألغام زرعها الحوثيون في منطقة الهجوم، بحسب ما أوردت "فرانس برس".
وذكرت المصادر العسكرية أن الحوثيين يبدون مقاومة شرسة، مشيرة إلى استقدام تعزيزات عسكرية كبيرة إلى جبهة القتال.
وشوهدت في منطقة الدريهمي، جنوب مدينة الحديدة، آليات عسكرية تتقدم باتجاه موقع المواجهات، وسيارات أسعاف تنقل جرحى.
وكانت القوات الموالية للحكومة قد شنت، الأربعاء، بمساندة قوات إماراتية، هجوما واسعا تحت مسمى "النصر الذهبي"، بهدف اقتحام مدينة الحديدة والسيطرة عليها، في أكبر عملية عسكرية تشنها هذه القوات ضد الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات.
وأعلنت القوات المهاجمة بلوغ منطقة تبعد أربعة كيلومترات من جنوب المدينة المطلة على البحر الأحمر، بعد وقت قصير من انطلاق العملية.
ويعتبر ميناء مدينة الحديدة، التي يسكنها نحو 600 ألف شخص، المدخل الرئيسي للمساعدات، لكن التحالف يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ التي تطلق على السعودية.
وتخشى الأمم المتحدة ومنظمات دولية من أن تؤدي الحرب في مدينة الحديدة إلى وقف تدفق المساعدات.
ودعت وزارة الخارجية الروسية، الخميس، إلى "تعليق المعارك في أسرع وقت" في اليمن، معتبرة أنه "إذا أدت المعارك الواقعة في هذه المنطقة إلى وقف المساعدات الغذائية سيواجه المدنيون اليمنيون الذين يعانون أصلا من الحرمان خطر الموت".
ويعقد مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الخميس، اجتماعا لإجراء مشاورات عاجلة بشأن الهجوم بطلب من بريطانيا، وسيكون ثاني اجتماع لمجلس الأمن خلال الأسبوع الجاري حول اليمن.
وكانت الأمم المتحدة التي أجلت موظفيها من مدينة الحديدة، قد أعربت عن قلقها من العملية العسكرية التي يمكن أن تؤثر في تسليم المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى ملايين اليمنيين الذين أصبحوا على حافة مجاعة.
صاروخ باليستي باتجاه عسير
في سياق متصل، أعلن الحوثيون، الخميس، إطلاق صاروخ باليستي جديد باتجاه منطقة عسير السعودية الحدودية مع اليمن.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية بنسختها التي يديرها الحوثيون، عن مصدر في "القوة الصاروخية" للجماعة، أنها أطلقت صاروخاً من طراز بدر1 الباليستي، مستهدفاً "مقر القيادة الجوية"، مشيراً إلى أنه "حقق أهدافه بقوة".
من جانبها، أفادت قناة الإخبارية السعودية بأن الدفاعات الجوية في البلاد اعترضت صاروخاً باليستياً أطلقه الحوثيون في سماء خميس مشيط بمنطقة عسير.
وفي عدن، وصل رئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، إلى المدينة، قادماً من السعودية، التي مكث فيها الفترة الماضية، عقب الأزمة التي اشتعلت بين الحكومة وبين الجانب الإماراتي في جزيرة سقطرى الشهر الماضي.
ولدى عودته، تحدث بن دغر، في تصريح صحافي، عن تطورات الحديدة، وقال: "نحن اليوم نقترب من نصر حقيقي مؤزر في هذه الأيام المباركة بتحرير واستعادة ميناء الحديدة الذي استخدمته المليشيات الانقلابية لتهريب الأسلحة ودعم جبهاتها خلال الثلاث سنوات الماضية، وبتحرير الحديدة نستطيع القول إن الخطر الإيراني على الملاحة الدولية".