أكدت مصادر سياسية وإعلامية أن وفداً دبلوماسياً خليجياً زار اليمن الخميس الماضي، وضمّ 19 شخصية. وترأس الوفد رئيس جهاز الاتصالات العامة في سلطنة عمان، سنان الهلالي، الذي عقد مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، اجتماعاً مغلقاً استمر لساعات. كما ضمّ الوفد شخصيات من دول خليجية عدة. وجاءت الزيارة السرية مع اقتراب الذكرى الثالثة لتوقيع المبادرة الخليجية، وبعد أيام على مقترح عماني يتضمن مبادرة خليجية ثانية، أو تكميلية، لإنهاء الوضع السياسي الذي يعيشه اليمن منذ ثلاث سنوات.
وبحسب ما ذكر وزير الدولة للشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبد الله، في تصريحات صحافية، فإن "المبادرة الخليجية وُضعت لإيجاد حل للأزمة في 2011، ومطالب المتظاهرين بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح. وأرادت هذه المبادرة منع الموقف من أن يتحوّل إلى حرب أهلية، ووافق الرئيس صالح وتنحّى. تلك هي الشروط المعروفة، وبالتالي ترك المتظاهرون كل الميادين، وعادوا إلى منازلهم وحياتهم، وهذا كان هدفاً رئيسياً حققته المبادرة".
ويتابع "أدّى ما طرأ من خلافات في شأن الحوار الوطني، وما تجدّد من الخلافات القديمة، إلى شعور كل فريق، بأن الآخر يريد تهميشه. تطوّرت الخلافات، وكان رأينا أنه كان ينبغي أن نسعى في عمل المبادرة الخليجية رقم 2، وأن نجمع جميع الأطراف المختلفة حول رؤية جديدة".
وشدّد بن علوي، أنه "كان ينبغي أن يكون لمجلس التعاون ممثّل في اليمن، لا يقل مستوى عن (ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن) جمال بنعمر". وأوضح أنه "اقترح أن يكون المبعوث الخليجي لليمن شخصية من دولة الكويت، لكن الكويت لم تتحمس للأمر، وهو ما دفع السعودية في الاجتماع الأخير لوزراء خارجية المجلس، إلى اقتراح ممثل من السعودية وتم تعيينه، وهو صالح بن عبد العزيز القنيعير".
وعلّل المسؤول العُماني دعوته بالقول إن "مجلس التعاون يملك مصداقية وقبولاً لدى اليمنيين، الذين يكنّون له الاحترام". ولفت إلى أن "هذا الأمر سوف يساعد في صوغ مبادرة الخليج الثانية، أو مبادرة الدول العشر الراعية للمبادرة. غير أن هذا الأمر يحتاج إلى منح اليمنيين شعوراً بالثقة في مستقبلهم، بدلاً من الاحتكام إلى السلاح، أو إلى تعرّضهم للعقوبات من قبل الأمم المتحدة". حسب تعبيره.
ومن المعروف أن ارتباط الحوثيين بإيران يلقى مستويات متباينة من القلق، داخل دول مجلس التعاون، يرتفع لدى السعودية والبحرين، ويقلّ لدى عمان، في حين تقع قطر والإمارات والكويت في درجة قلق متوسطة.
علماً أن تقارير إخبارية عدة، أفادت عن وساطة تقوم بها مسقط، لتقريب وجهات النظر بين الرياض وطهران، وكذلك استضافتها لقاءات بين مسؤولين يمنيين وإيرانيين، غير أن مسقط ترفض وصف مثل هذه الجهود بـ "الوساطة".
وبالرغم من حالة التباينات الشديدة التي تعيشها الأطراف السياسية اليمنية، فإن النجاح سيكون حليف أية جهود خليجية جديدة، تحوز على دعم ومباركة العواصم الخليجية الثلاث المؤثرة في اليمن: الرياض، والدوحة، ومسقط.
وكان الضغط الخليجي، بالتوازي مع الضغوط الأممية، التي توّجت بتوقيع الأطراف اليمنية على المبادرة الخليجية في العاصمة السعودية الرياض، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، بحضور الملك عبد الله بن عبد العزيز، وأمين عام مجلس التعاون عبد اللطيف الزياني.
وبعد تنحّي صالح وبدء عهد نائبه هادي، بموجب المبادرة الخليجية، دخلت البلاد في أزمة طويلة، ضاعت خلالها ملامح المبادرة الأم وانحسر الدور الخليجي لصالح الدور الأممي. لكن ذلك لم يمنح الاستقرار لليمن بل باتت الأوضاع على شفير الهاوية، هو ما دفع الوزير العماني للإعلان عن حاجة اليمن لمبادرة خليجية ثانية.