اليمن: حشود عسكرية تنذر بعودة معارك الحديدة

08 يناير 2019
استقدم الحوثيون تعزيزات كبيرة إلى الحديدة (عبدو حيدر/فرانس برس)
+ الخط -

تجددت المخاوف من انفجار الأوضاع العسكرية في اليمن، خصوصاً في مدينة الحديدة، الواقعة على البحر الأحمر، غرب اليمن، بعد رصد عمليات تحشيد عسكرية واسعة، تحديداً من قبل الحوثيين، خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع تعثر تنفيذ اتفاقية السويد حول الحديدة، رغم الجهود التي يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، لإنقاذ الاتفاق المهدد بالانهيار، مع اقتراب نهاية المهلة المحددة لتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، التي بدأت مع سريان وقف إطلاق النار في الـ18 من الشهر الماضي، على أن تمتد لـ21 يوماً، ما يعني أنها انتهت أمس الإثنين.

وحصل "العربي الجديد" على معلومات من مصادر عسكرية، وشهود عيان، تفيد بأن جميع الأطراف عززت من قواتها، وخصوصاً الحوثيين، الذين كان يفترض بهم، وفق اتفاقية السويد، الانسحاب من مدينة الحديدة وموانئها الثلاثة، الحديدة ورأس عيسى والصليف. وأوضحت المصادر أن "الحوثيين دفعوا بقوات خلال الفترة الماضية لتعزيز مواقعهم في الحديدة، وأن تحشيدهم زاد في محيط موانئ الصليف ورأس عيسى وميناء مدينة الحديدة الرئيسي، تحديداً بعد مغادرة رئيس بعثة المراقبين التابعة للأمم المتحدة، باتريك كاميرت، الذي التقى غريفيث في صنعاء". ووفق المصادر فإن الحوثيين زادوا من عدد الخنادق في مدينة الحديدة ومينائها الرئيسي، وأيضاً في الأحياء السكنية، واستقدموا تعزيزات كثيرة، وزرعوا الكثير من الألغام، بما فيها في محيط الموانئ، خصوصاً رأس عيسى والصليف، رغم أن اتفاقية السويد تنص، من ضمن بنودها، على تسليم الحوثيين خرائط الألغام ووقف زرع ألغام جديدة.

في المقابل، فإن مصادر في "ألوية العمالقة" قالت، لـ"العربي الجديد"، إن "قوات العمالقة صدت، خلال الفترة الماضية، هجمات مباغتة للحوثيين على عدة جبهات في الحديدة، وأنه لا توجد أي بوادر لانسحاب الحوثيين، لذلك هناك توجيهات واضحة لمواجهة جميع الاحتمالات، ورفع مستوى الاستعداد من خلال وجود جميع القيادات الميدانية، وتعزيز وضع قوات العمالقة، والقوات الأخرى، ضمن قوات الشرعية والتحالف". وتشير المصادر إلى أن "تعزيز القوات مستمر، ولا يوجد أي تقليص لأعداد المقاتلين أو العتاد في جبهات الحديدة، خصوصاً أنه لا ثقة بالهدنة القائمة حالياً، ولا ثقة أيضاً بنجاح تطبيق بنود اتفاق الحديدة بناء على تجارب سابقة للحوثيين، بما في ذلك خلال عملية تبادل للأسرى، والتي كانت تجرى بين قوات العمالقة والحوثيين، بسبب وساطات تقوم بها شخصيات أو أطراف بين الطرفين. مع العلم أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، كان قد أكد، يوم الأحد الماضي، في لقائه مع وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محمد المقدشي على أهمية تعزيز الجبهات لتحقيق الانتصارات لدحر مشروع الحوثي الإيراني في المنطقة والانتصار لإرادة شعبنا اليمني".


كذلك اتهم المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن المليشيات بالتعنت بشأن تسليم الموانئ وفتح الطرق وإعادة الانتشار في الحديدة. ووفق مصادر سياسية مقربة من أطراف الصراع فإن "المخاوف من انفجار الأوضاع في الحديدة وعودة الوضع إلى ما قبل انعقاد مشاورات السويد دفعت غريفيث إلى القيام بجولته سريعاً، لمحاولة احتواء فشل تنفيذ الاتفاق، وعدم تفجر الأوضاع العسكرية من جديد في الحديدة". وبحسب المصادر فإن "غريفيث حاول إقناع الحوثيين بالالتزام بتنفيذ اتفاق السويد، أو تحمل نتائج أي فشل، بما فيها إفشال أي لقاءات مقبلة". ولفتت المصادر إلى أن الحوثيين حاولوا رمي الكرة باتجاه الحكومة الشرعية والتحالف واتهامهما بعدم الالتزام أيضاً بتنفيذ الاتفاق، وربط اتفاقية الحديدة بالاتفاقيات الأخرى، ومحاولة الالتفاف على تطبيق انسحابهم من خلال استغلال غموض آلية تحقيق ذلك.

وفي السياق، أفادت مصادر تابعة للحوثيين بأن زعيم جماعة "أنصار الله"، عبد الملك الحوثي، اتهم، خلال اللقاء الذي جمعه بغريفيث، أول من أمس، التحالف السعودي الإماراتي بوضع العراقيل أمام تنفيذ اتفاقات استوكهولم. ولم تترك الحكومة الشرعية هامشاً كبيراً للحوثيين للمناورة منذ بداية مسرحية التسلم والتسليم في ميناء الحديدة التي سارعت إلى رفضها ووصفها بالمسرحية، قبل أن تضطر الأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف، معتمدة لغة دبلوماسية بإشارتها إلى ضرورة أن تكون أي خطوة قابلة للتحقق من قبل الأمم المتحدة وباقي الأطراف. وعقب ذلك، أوضحت المصادر، التي تحدثت مع "العربي الجديد"، أن الحكومة زادت من حدة خطابها حيال الأمم المتحدة والمبعوث الأممي. وترافق ذلك مع تصريحات لعدد من قيادات الشرعية أكدوا فيها أن لا حوارات مقبلة طالما لم ينفذ الحوثيون اتفاقية السويد، من خلال الانسحاب من الحديدة ومينائها الرئيسي، وأيضاً من ميناءي رأس عيسى والصليف، وتسليمها لقوات تابعة للحكومة الشرعية. كذلك شكّل خطاب الحكومة الشرعية لمجلس الأمن ضغطاً على مبعوث الأمم المتحدة.

وقبيل وصول غريفيث إلى الرياض أمس، كان مصدر خاص من القيادات في الشرعية اليمنية قد قال، لـ"العربي الجديد"، إن "الشرعية ستعاتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، خلال اجتماعه مع قيادة الشرعية، على مسرحية الحوثيين في ميناء الحديدة، وعدم توضيح الأمم المتحدة للرأي العام مغالطة الحوثيين، لا سيما أنهم تذرعوا أن الانسحاب وتسليم الميناء لأنفسهم سيكون بوجود بعثة الأمم المتحدة، وأن الضغوط على الشرعية بسبب ذلك ستقدم له". كما أكد المصدر أن "الشرعية ستبلغ غريفيث أن لا حوارات مقبلة، من دون تنفيذ ما اتفق عليه من بنود اتفاق السويد، وفي مقدمتها انسحاب الحوثيين من الحديدة، خصوصاً أن الحوثيين يدفعون بقوات جديدة ويعززون وجودهم في الحديدة". وقال نائب وزير الخارجية محمد الحضرمي، خلال لقائه القائم بأعمال السفارة البريطانية لدى اليمن، فيونا ووكر، في الرياض أمس الإثنين، إن "اتفاق استوكهولم بشأن موانئ ومدينة الحديدة يقوم على احترام القانون اليمني والمسارات القانونية للسلطة الشرعية". وأضاف، بحسب وكالة "سبأ" التابعة للشرعية، أن "مماطلة الانقلابيين الحوثيين في تنفيذ الاتفاق لا تخدم العملية السياسية، وعلى المجتمع الدولي اتخاذ موقف واضح إزاء ذلك".

وفي السياق، قال مصدر سياسي، لـ"العربي الجديد"، إن "توتر الأوضاع يجعل من تنفيذ اتفاقية السويد أولوية قصوى، إذا كانت الأمم المتحدة جادة بتنفيذ اتفاقية الحديدة، منعاً لأي انهيار لجهود السلام ومعالجة الوضع الإنساني، لا سيما أن التداعيات ستؤدي إلى تقليل فرص عملية السلام وستفرض العودة إلى الخيارات العسكرية". في غضون ذلك، عاد التداول بإمكانية عقد الجولة الجديدة من المحادثات في حال تم الاتفاق عليها في الكويت. وبعد نفي الأردن تسلمه طلباً لاستضافة الجولة الجديدة من المحادثات، قال مساعد وزير الخارجية الكويتي لشؤون الوطن العربي فهد العوضي، في حوار نشرته صحيفة "الرأي" الكويتية، أمس الإثنين، إن "الكويت كان لها دور في تسهيل المحادثات اليمنية الأخيرة عبر نقل جماعة الحوثيين إلى مقر المفاوضات في مدينة بال السويسرية". وأضاف "هناك جولة أخرى من المحادثات اليمنية قد تكون في الكويت إن شاء الله، ونتمنى أن تكلل بالتوقيع على اتفاق لإنهاء هذه الأزمة. وتحديد موعد ذلك يعتمد على تطورات الأمور في اليمن وتنفيذهم ما تم الاتفاق عليه في محادثات السويد".

المساهمون