تسببت الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة الناتجة منها خلال اليومين الماضيين في دمار هائل في بعض المحافظات اليمنية. وكان النصيب الأكبر قد أصاب محافظتي عمران والحديدة. مع ذلك، لم تبرز جهود حكومية أو دولية من أجل تخفيف الآثار على السكان.
وكانت أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية قد هطلت على أغلب المحافظات الجبلية وأجزاء من الهضاب الداخلية والصحاري والسواحل الجنوبية من البلاد. وهو ما أدى إلى تهدّم بعض المنازل كلياً أو جزئياً، مع حدوث انهيارات صخرية نتج عنها سقوط ضحايا.
في محافظة الحديدة (غرب)، أكدت النتائج الأولية مقتل ثلاثة أشخاص من سكان مديريتي اللحية والزهرة وتضرر 19 قرية ونحو 2000 منزل، ما أدى إلى نزوح الأهالي منها. كما تضررت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية. وفي هذا السياق، يؤكد المواطن غالب محمد أنه وأسرته نزحوا من منزلهم ليستقروا في منزل أحد أقاربهم بالرغم من مساحته الضيقة وعدم اتساعه لهم. يقول لـ"العربي الجديد": "اضطر صاحب المنزل إلى النوم خارجه كي يتسع لأفراد أسرتي من النساء والأطفال". يشير إلى أنه ينتظر المساعدات التي أكدت السلطات المحلية أنها ستقدمها خلال الأيام المقبلة.
لا يخفي محمد حزنه على مواشيه التي نفقت كونها كانت مصدر دخله الوحيد. يضيف: "حدث قبل عام أن تضرر أهالي قرية الهارونية في مديرية المنيرة، فقد انهار نحو 145 منزلاً، لكنّ الحكومة لم تعوض الأهالي حتى الآن". يبدي خوفه من عدم تعويضه هو أيضاً.
تسببت السيول الناتجة من الأمطار بهدم بعض المنازل وجرف الكثير من الأراضي الزراعية في محافظة عمران. كما تسببت الانهيارات الصخرية في هدم بعض المنازل في عزلة بني قدم في محافظة حجة (شمال)، ما أسفر عن وفاة 14 شخصاً بحسب تصريحات رسمية من المحافظة. كما أدت إلى جرف أراض زراعية وتهدم نحو 20 منزلاً، وقطعت الطريق الرئيسية الرابطة ما بين حجة وعمران، بالإضافة إلى تحطم العديد من السيارات والشاحنات التي جرفتها السيول في الوادي.
اقــرأ أيضاً
في محافظة المحويت تهدمت ستة منازل بانهيارات صخرية في منطقة الطويلة. كما شهد وادي لاعة سيولاً جارفة أدت إلى وفاة أحد المواطنين.
يوضح المواطن عبد الخالق السريحي (22 عاماً) أنّ مدينته عمران لم تشهد مثل هذه الأمطار، في ما يتذكر، مؤكداً أنّ السيول الجارفة اقتلعت الأشجار وأعمدة الإنارة وجرفت الطرقات الإسفلتية واقتلعت العبّارات المائية وهدمت الكثير من المنازل. يضيف أنّ المياه غمرت الكثير من المحال التجارية كما قطعت الطرقات، فتسبب الأمر بازدحام شديد في بعض الطرقات الرئيسية.
إلى ذلك، ينتاب أهالي منطقة حبابة خوف كبير من احتمال انهيار سد الرونة الذي امتلأ للمرة الأولى بعد انشائه قبل 12 عاماً. السد سعته كبيرة بسبب حجزه المياه بين جبلين كبيرين، لذلك تطلق نداءات بين أبناء المنطقة بضرورة إخلاء بيوتهم بحسب عبد الإله تقي، وهو من أبناء حبابة التابعة إدارياً لمحافظة عمران.
يؤكد تقي وجود نحو 120 مسكناً معرضاً لخطر التهدم في حال انهيار السد. كما يعني الأمر تضرر معظم أراضي أبناء المنطقة، وغيرها من الأراضي المطلة على مسار السيل وصولاً حتى مدينة عمران التي ستغمرها المياه بالكامل وتدمرها".
جنوباً، ارتفع منسوب المياه الناتجة عن الأمطار الغزيرة التي هطلت في مدينة عدن إلى نحو متر في بعض شوارع مديرية البريقة، حيث غمرت الكثير من المنازل الواقعة في الأدوار الأرضية. وبسبب السيول، أغلقت العديد من المدارس أبوابها بعد عجز التلاميذ والمدرسين عن الوصول إليها.
وكانت البلاد قد تعرضت العام الماضي إلى إعصارين عنيفين في جنوب البلاد، ما أدى إلى وفاة 26 شخصاً وتضرر آلاف الأسر.
السيل الحبابي
بلغت كمية الأمطار في محافظة ذمار 27 ملم، وفي صنعاء 21 ملم، وفي كلّ من إب وحجة 20 ملم، وفي المحويت 14 ملم، وفي عمران 10 ملم. في الأخيرة بالذات، يعتبر المهندس عبد السلام الفقيه أنّ هناك فائدة في تدفق مياه سد الرونة بقوة. فالطمي والمواد العضوية ستندفع شرقاً إلى الأراضي الزراعية في عمران، ما يجعل المزارعين يستبشرون خيراً بما يعرف باسم "السيل الحبابي".