اليمن: امتحانات الثانوية محلولة عبر واتساب

16 يونيو 2016
+ الخط -

"أنت مسكين تتعب نفسك وتجتهد، وفي النهاية ستجيب عن الأسئلة من واتساب وفيسبوك". هكذا قيل لأشرف الفهيدي، حين وُجد منهمكاً في القراءة والاطلاع، استعداداً لامتحانات الثانوية العامة التي ستبدأ قريباً في اليمن.

الفهيدي، وهو أحد طلاب الثانوية العامة، يقول، في حديث إلى "جيل العربي الجديد": "هذا هو الانطباع الحاضر عند كثير من زملائي الذين يبدون غير متخوفين من الامتحانات القادمة؛ فمعظمهم يقول نحن في حرب والامتحانات ستأتي سهلة؛ والغش هو السبيل الوحيد لحلها، فلماذا نتعب أنفسنا؟".

هكذا، لم تعد امتحانات الثانوية العامة في اليمن تحظى بذاك القدر من الاستعداد والاهتمام؛ نتيجة ما يرافق هذه العملية من ظواهر سلبية تتمثل في الغش وتسريب أسئلة الامتحانات.

بطبيعة الحال، الغش ليس أمراً جديداً، لكن وسائله هي التي تطوّرت؛ فبدلاً من استخدام الورق والقلم وآلات التصوير الإلكترونية؛ صار اليوم يستخدم الشباب وسائل التواصل الاجتماعي، ليحلّوا أسئلة الامتحان عبر الواتساب وغيره من التطبيقات.

يقول الطالب رضوان رزاز: "لستُ متخوفاً من امتحانات الثانوية العامة؛ أعرف طلاباً أحرزوا معدلات عالية خلال العام الماضي، ولم يكونوا من المجتهدين". يبدو الشاب غير مهتم؛ وفي الوقت ذاته يبدو غير مكترث بمستقبله وطموحه القادم والتخصص الجامعي الذي سيدرسه.

وعكس رزاز تماما؛ يبدو أشرف مهتماً بالنسبة التي سيحصل عليها في امتحانات الثانوية؛ رغبة منه أولا في التخصص الجامعي الذي سيتطلب منه نسبة عالية، وتلبية لرغبة والديه اللذين يردّدان يومياً على مسامعه: "نريد أن تحصّل معدلاً لا يقل عن 95%، انظر إلى أولاد عمك؛ أحدهم مهندس، وآخر طبيب، والثالث طيار".

ما يزال هناك طموح عند قطاع واسع من شباب مرحلة الثانوية العامة؛ لكن المشكلة صارت في العملية والأجواء التي تتم فيها الامتحانات؛ خصوصاً في ظل الظروف السياسية الاستثنائية التي تمر بها البلاد منذ أكثر من عامين؛ فالحرب والتوترات تنعكس آثارهما عادة على بعض القطاعات؛ منها قطاع التعليم.

من جهةٍ أخرى، ساهمت سيطرة مليشيا الحوثي على الدولة ومؤسساتها، في تعزيز الظواهر السلبية التي ترافق الامتحانات، وإضعاف أجهزة الرقابة عليها.

يقول محمود العسالي؛ وهو مسؤول تربوي: "من منا يمني ولم يلاحظ النسب التي أحرزها طلاب الثانوية العامة العام الماضي؛ نسب خيالية ومعظمها تسعينات".

وفي الوقت الذي قالت فيه وزارة التربية والتعليم إن حصول الطلاب على هذه النسب جاء نتيجة التسهيل الذي تم في وضع الأسئلة؛ يقول العسالي إن السبب الرئيسي كان في "الغش والفوضى التي رافقت إجراء الامتحانات".

يذكر أيضا أنه بعد إعلان نتائج الثانوية العامة العام الماضي؛ شهد الوسط التعليمي حالة جدل كبيرة امتدت لتشمل قيام الكثير من الشباب بنشر صور على صفحات الفيسبوك للطلاب وهم يمارسون الغش داخل قاعات الامتحان وبمختلف الطرق والوسائل.

يقول الشاب محمد عيضة: "أتوقّع أن جميع الطلاب الذين سيخوضون امتحانات الثانوية القادمة سيحققون نجاحاً كبيراً وبنسب عالية، خصوصاً في هذه المرحلة الراهنة، وفي ظل بقاء أجهزة الدولة والقطاعات، ومنها التعليمية، تحت سيطرة مليشيا الحوثي؛ التي لا تبدو مهتمة بامتحانات أو تعليم أو غيره، وإنما مهتمة بالحرب والسلاح".

كثيرة هي الاختلالات التي تخيم على امتحانات الثانوية العامة اليوم؛ وكثيرة هي الظواهر التي تتفاقم بتفاقم أوضاع البلاد؛ فهناك إلى جانب ظاهرة الغش، تحضر العشوائية بشكل كبير؛ عشوائية في المراكز وأرقام الجلوس وإثبات الهوية، وهناك أشخاص يقدّمون الامتحانات بدلاً عن غيرهم.

في حديثه إلى "جيل العربي الجديد"، يقول المراقب التربوي أسامة عز الدين: "هناك عدم ترتيب في اللجان المكلفة بالامتحانات، ومحسوبية. أصبح الطالب يختار بحرية أي مركز امتحاني يفضله وفي أي مكان، تحت مبرر الحرب والأمن والنزوح".

المساهمون