تتزايد المطالبات بتدخل بري من قِبل تحالف "عاصفة الحزم" في اليمن، مع ارتفاع الضغط الميداني من قبل الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في الجنوب، ووسط مخاوف من توسّع سيطرتهم على الأرض.
وبعد الدعوات المتكررة التي وردت على لسان وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، بضرورة التدخّل البري العاجل والتصريحات السعودية التي تضع هذا التدخل ضمن قائمة الخيارات غير المستبعدة، يقول مصدر سياسي، لـ"العربي الجديد"، إن أطرافاً سياسية تطالب قيادة التحالف، وبشكل مستمر وشبه يومي، بالإسراع في العمليات البرية، مشيراً إلى أن "القلق الذي ينتابهم من تقدّم الحوثيين ينقلونه الى المسؤولين السعوديين والخليجيين".
لكن المصدر نفسه يشير إلى أن "تأخر التدخل البري من التحالف يعود لأسباب عدة، أهمها عدم وجود حليف قوي على الأرض، فضلاً عن مساعي التحالف لتدمير القدرات الجوية والعسكرية التي أخضعها الحوثيون وقوات الرئيس المخلوع لنفوذهم، بما في ذلك التأكد من تدمير البنية الصاروخية للحوثيين وصالح، قبل البدء بعملية برية، بالإضافة إلى سعي التحالف لجمع القوى المشتتة من قبائل ولجان شعبية وقوات موالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي".
لذلك، فالتدخل البري، حسب المصدر، "مسألة وقت، لأن قيادة التحالف تعي خطورة تأخر العمليات البرية، الذي قد يسمح للحوثيين وصالح، إكمال السيطرة على ما تبقى من مناطق اليمن، وبالتالي تصعيب العمل البري على التحالف".
وتذهب بعض المصادر اليمنية إلى القول إن قرار التدخل البري قد اتُخذ وأن هناك فقط ترتيبات تجري على الأرض، في الجوانب الفنية للعملية العسكرية البرية، والتي قد تكون خاطفة تستهدف بعض المدن والمواقع المهمة، فيما قد يتم تكليف الأطراف اليمنية بإكمال المهمة ميدانياً، على أن يتم إسنادها بشكل مكثّف بعمليات جوية. في المقابل، يطرح آخرون إمكانية القيام بعملية برية واسعة وشاملة ينفذها التحالف مع أطراف يمنية سيتم التحالف معها ميدانياً.
ويبقى موضوع إيجاد حليف يمني قوي هو السبب الرئيسي لتأخر العمليات البرية، حسب البعض، لكن يبدو أن عملية التحالف في الجنوب قد تعتمد على إقامة تحالف مع اللجان الشعبية الجنوبية، الموجودة في عدن وأبين وشبوة. وهي لجان تعتبر السعودية نفسها من دعمت تشكيلها في الحرب ضد تنظيم "القاعدة" في العام 2012 عندما سيطرت على محافظة أبين، وجرى تشكيل هذه اللجان لمساعدة الجيش في إخراج "القاعدة" من أبين، وتكفلت السعودية بدفع رواتب عناصرها ومدّها بعتاد وعربات.
اقرأ أيضاً: انسحاب "الحوثيين" من القصر الرئاسي بعدن
وترى بعض الأطراف السياسية أن التحالف سيركّز بدرجة رئيسية على جعل اللجان الحليف الرئيسي، ثم بعد ذلك سيأتي موضوع قبائل شبوة وردفان، و"لجان مقاومة" الضالع، وقبائل يافع. وتُعدّ الأخيرة من أكثر القبائل المرجّح الاعتماد عليها كحليف قوي ومهم للتحالف، نتيجة للعلاقة التي تربط قبائل يافع بدول الخليج، بالإضافة إلى التحالف مع بعض مكونات الحراك الجنوبي.
كما أن البعض يرجح أن تلتفت السعودية إلى موضوع حلف قبائل حضرموت، كحلف قوي ومنظّم، وفق العلاقة الطيبة بين الطرفين، لا سيما ببعض قيادات الحلف وبعض الأطراف في حضرموت.
لكن بعض المصادر تربط اختيار القوى للعمل العسكري البري، بالمناطق أو المدن التي من الممكن أن يحصل فيها تدخّل وإنزال بري، وهو أمر ينظر إليه كل طرف من وجهته الخاصة. لكن بدرجة أساسية هناك إجماع على أن عدن هي المرجحة أن تشهد أول عملية تدخل بري، نتيجة لأهميتها للتحالف، ولجعلها عاصمة مؤقتة لتُدار منها شؤون الدولة، ولقيادة الحرب منها وعودة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وطاقم حكمه إليها لممارسة مهامهم.
كما أن باب المندب قد يشكّل أيضاً ميداناً للإنزال البري والبحري، ومنه تنطلق العمليات العسكرية الميدانية في تعز ولحج وعدن، كجهة غربية لعدن، تؤدي إلى البحر الأحمر، وفق مصادر عسكرية، تؤكد أيضاً أنه قد يتم جعل أبين وشبوة مركز عمليات نوعية، لتأمين ظهر قبائل البيضاء ومأرب في عملياتها المقبلة، وتعزيزها بعتاد ومسلحين وتأمين طرق الإمداد لها، من قبل تحالف "عاصفة الحزم".
كما يُرجح البعض أن التغييرات العسكرية التي أجراها هادي، خلال الأيام الأخيرة، تأتي ضمن عملية إعادة ترتيب الجبهات العسكرية، وقد يجري طلب الذين كانوا قد سُجلوا قبل بدأ الهجوم على الجنوب لتجنيدهم في الجيش.
إعادة بلورة قوات الجيش والجبهات المختلفة، ستدخل كلها ضمن حسابات التدخل البري لقوات التحالف، ولا سيما أن التحالف، وبالتنسيق مع القوات الموالية لهادي، كان قد نشر طلائع استخباراتية ميدانية لمراقبة حركة الحوثيين وقوات صالح.
لكن التحالف وهادي وحلفاءه اليوم، يواجهون أمراً طارئاً جديداً قد يعيد ترتيب العمليات العسكرية كلها، فقبيل الإنزال البري سقطت مدينة المكلا، عاصمة حضرموت، بيد تنظيم "القاعدة"، وسط اتهامات لقوات صالح بتسليم المدينة للتنظيم.
ويرى الكثير من المراقبين والأطراف السياسية، بما فيها الحراك الجنوبي، أن إعادة "القاعدة" إلى الواجهة، تهديد مباشر من صالح للتحالف بتسليم حضرموت كلها للتنظيم، لا سيما أن المحافظة توجد فيها بشكل كبير القوات العسكرية الموالية لصالح والحوثيين.