الوهم اللذيذ

08 يناير 2015
لا أخاف على نفسي بقدر خوفي عليك (Getty)
+ الخط -

أنا وأنت يا أخي العربي في "الوهم" سواء.. أخوة في الخيال وأبناء نفس المؤامرة.. بيننا وبين الذل مصاهرة.. أنا أكبر منك بسبع مجازر وها أنت تعايرني مع بروز أول أسنان ثورتك "الطاهرة".

قل لي بربك كيف هو طعم التشرد يا عربي.. خصوصاً بين العرب.. كيف هو جحيم الاستمرار بابتسامتك السافرة وتلزيق اللقمة باللقمة وفي ظهر عقلك صورة لا تمحى لوطن محروق وتأشيرة نجاة وطائرة.. وعليك لتنجو في الغربة أن تبتسم أكثر .. أن تبتسم أهبل تعال..

اسأل أخي الصغير لبنان عن الانقسام.. أو أخوك الكبير عراق عن طعم الاحتلال.. انظر للغاضب هناك في الزاوية جزائر.. أو للجائع في الأسفل صومال أو للعظيمة مصر وهي تحاول إدخال رأسها الكبير في فتحة الإبرة عنوة.. وكل ما دون الإبرة زيادة في تشرد.. قد جنت.. وها هي تشد شعر أختها الصغرى غزة كلما غضبت.. تكشيرة وجه الأردن كانت آخر ما رأيت منها وها هي تضع رأسها بين ركبتيها وتدير لي ظهرها منذ ذلك اليوم.

..أما أختك الجميلة تونس فقد فسخت خطبتها ممن غصبت عليه ووفقها الله بحياة أفضل.. ما بال المغرب لم تنبس ببنت شفة.. والحجة سودان مسكينة صارت نصفين بلا رجلين مقعدة.. وأخوالكم في الخليج مشاكلهم مع الجيران لا تنتهي.

ها نحن جميعاً ننظر للسماء وندعو.. سورية.. فنشاهد براميل الموت تنزل تستعجلكم للسماء فتجعلكم بقدرة قادر.. بعمرنا بل .. أكبر ..

سرطان قديم كان قد بدأ من وسط قلبي.. صارت بعده قطع جسمي تتهاوى على مسامعكم.. بدأت بالبتر مرة والبيع أخرى والإنعاش مرات ولم أترك مفاوضات ولا حربا إلا خضتها رغبة بالحياة وبالنجاة وما زلت لا أدري ما العلاج لا أموت فأستريح ولا أعيش فأكون مثلكم.

هييييه.. كتفك صار يوازي كتفي يا ولد.. قد كبرت بالدم كثيراً.. لزمك ثلاث سنين فقط لتصل لكل هذا الهم ولزمني قبلك ثلاثين.. أفلت يدي يا أخي دع عنك الخيال الذي بيني وبينك وانطلق..

انظر خلفي لرماد الأيام لأعد كم حرقت.. في فمي دخان.. وأنا من تراب.. تراب فقط وأنت من رمال ونار.. أنفاسي مسروقة وأنفاسك مستأجرة.

أتدري.. بت اليوم لا أخاف على نفسي بقدر خوفي عليك.. همي استوطن في رأسك.. ألم أقل لك إننا أخوة في الوهم.. أتدري ما الفرق بيني كفلسطيني وبينك يا عربي.. وجودك على هذا الكوكب "مؤامرة" ستحل بعد انقضاء المصلحة.. أما وجودي على هذا الكوكب فهو وبلا حساب .."مغامرة"!

*فلسطين