الوجه الآخر للمالديف... ما لا يعرفه الناس (1)
ما يهمني خلال أسفاري ليس المنتجعات والشمس والبحر كما يفعل غالبية السياح الأوروبيين، غايتي في المقام الأول عند كل سفر وتجربة جديدة، هي أن أصل إلى عمق المجتمعات. لذا قررت خلال هذه الرحلة أن أتوغل داخل المجتمع المالديفي، وأعرف عن قرب: (تفكيره - نفسيته - عاداته - تقاليده - إيمانه - معاناته - فرحه - غضبه - متعته - تعاسته - سعادته ..الخ)، أن أدخل البيوت وأحدث العائلات والأسر بمختلف أعمار أفرادها، وأن أتعلم تعابيرهم اليومية، وأتعرف إلى أطباقهم الشعبية. ثم أعود إلى منتجعي السياحي في نهاية اليوم، لأستريح وأستمتع ببهاء وصفاء جزر المالديف!
المجتمع المالديفي، بطبيعة الحال، كله مسلم ولا يقبل الإلحاد ولا تغيير الدين، ومن شروط الحصول على الجنسية المالديفية أن تكون مسلماً وفقا لدستور البلاد.
يتحدث المالديفيون "الديفيهي"، اللغة التي تتضمن كلمات عربية كثيرة، وتكتب كالعربية وتشكل بالحركات الإعرابية العربية (الضمة - الفتحة - الكسرة - التنوين). كما يتحدثون الإنكليزية ثم يتعلمون العربية الفصحى ويحفظون القرآن الكريم، ويخصصون حصصا للثقافة والشريعة الإسلامية بمختلف علومها في جميع المدارس الحكومية والخاصة.
هنا بيت عائلة مالديفية بجزيرة ديفوشي من بين إحدى الجزر التي زرتها، قضيت معهم أجمل لحظات حياتي، مررت بهم صدفة، ثم دار حوار بيننا في الشارع، وما شعرت حتى وجدت نفسي أجلس ببهو المنزل وأتبادل معهم الحديث عن مواضيع كثيرة، أما الأطفال الصغار ففرحوا كثيرا لما عرفوا أنّ اسمي محمدا وأنني مسلم الديانة، فتوافدوا علي في طابور طويل في هذا البيت ونادوا أقاربهم من جميع الغرف، ثم شرعوا يسمعونني ما يحفظون من القرآن في مدارسهم، فأجريت لهم مسابقة، على أن أمنح كل واحد منهم ورقة نقدية بقيمة خمسة روفية مقابل عرض سورة قصيرة من القرآن، فنجحوا في ذلك جميعاً.
ثم أصرّ بعضهم على أخذ صور تذكارية معي، منهم هذا الطفل الذكي الذي يظهر معي في الصور، أحضر لوحته الرقمية "Ipad" بسرعة، وطلب مني أخذ صورة "سيلفي" قبل مغادرتي.
يا إلهي ما أروع هذا المجتمع وما أطيبه، رغم تواضع إمكانات العيش عنده وحاجته لمصادر القوت ومعاناته اليومية في التنقل بين الجزر من أجل العلاج والتعليم، إلا أن الفرد فيه يفتح لك قلبه قبل بيته ويدخلك وسط عائلته دون عقد أو تحفظات مهما كانت درجة التزامه وتطبيقه لتعاليم الدين الإسلامي.
يتبع...