الهروب إلى الأمام: قلق إسرائيلي على الجليل

05 سبتمبر 2014
تعاني بطاريات "القبة الحديدية" من نقص (دافيد بويموفيتش/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
اختار المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشواع، الهروب إلى الأمام والتحذير من الأخطار التي ستواجهها إسرائيل في أي حرب مقبلة مع حركة "حماس" وسورية، وذلك بعد إبراز صحيفة "هآرتس" تقريراً عن الحرب الدائرة بين شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" وجهاز المخابرات العامة "الشاباك" حول من أدرك وقرأ نشاط "حماس" واستعداداتها بصورة أدقّ.
ومع احتمال أن يكون هدف تقرير يهوشواع الترويج لمطالب الجيش بتخصيص ميزانيات هائلة لتفادي ما حدث في الحرب على غزة، يكشف التقرير، وفق معدّه، جوانب مهمة في "عدم" استعداد الجيش وجاهزيته لحربٍ مقبلة قد تنشب ضد حزب الله تنضم فيها سورية إلى جانب الحزب الذي فقد ما لا يقلّ عن 300 من مقاتليه في الحرب إلى جانب النظام.

ويبرز يهوشواع في تقريره حقيقة النقص في الجيش الإسرائيلي بالمدرّعات المتطورة ومنظومة "معطف الرياح الواقي" بعد أن تبيّن أن المدرّعات التي استخدمها الجيش الإسرائيلي في غزة، كانت بمثابة مصيدة موت للجنود لعدم قدرتها على صدّ القذائف المضادة للدبابات.

ويشير أيضاً إلى النقص في بطاريات القبة الحديدية لمواجهة الترسانة الصاروخية الهائلة لـ"حزب الله"، التي قد تمطر إسرائيل في المواجهة المقبلة بألف صاروخ يومياً، ولن يكون جاهزاً سوى تسع بطاريات، فضلاً عن آلاف الصواريخ البعيدة المدى، علماً أن تطوير منظومة "العصا السحرية" لاعتراض الصواريخ البعيدة، والبالغة كلفة كل صاروخ منها نحو مليون دولار، عاماً كاملاً تقريباً.

وإن كان الاستعراض المالي لكلفة الحرب العتيدة، في تقرير "يديعوت أحرونوت" يصب في خانة دعم مطالب الجيش ووزارة الدفاع (5.6 مليارات دولار لميزانية العام المقبل، منها 2.5 مليار لتغطية تكاليف الحرب على غزة)، إلا أن ذلك لا ينفي ما يورده التقرير عن عدم جاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب المقبلة على الجبهة الشمالية، خصوصاً في ظلّ تقليص التدريبات العسكرية للقوات النظامية، ولقوات الاحتياط التي تضطلع عادة بدور كبير في الحرب.

في المقابل، يرصد التقرير صورة مغايرة وعكسية لدى "حزب الله" في كل ما يتعلق بالاستعداد للمواجهة المستقبلية. ويشير التقرير إلى أن الحزب يتزوّد بالسلاح ويعزز قوته ويطور قدراته. ووفقاً لضباط وخبراء "أمان"، فقد تزود الحزب بـ100 ألف صاروخ من مختلف الأنواع، ولمختلف المسافات، وتتمتّع بدقة عالية مقارنة بتلك التي كانت بحوزته عام 2006، ويمكن للحزب، حالياً، أن يطلق في اليوم الواحد ألف صاروخ باتجاه إسرائيل، من دون أن تملك حلاً لذلك.

وفيما كان جنود الاحتياط في إسرائيل في بيوتهم بسبب النقص في الميزانيات، حوّل الحزب معارك القصير في سورية إلى ميدان للتدريب العسكري وكسب مهارات جديدة للقتال البري، إذ إن أكثر من 5000 عنصر من عناصره يقاتلون هناك. وقد تسنّى لكل عنصر من مقاتلي الحزب أن يقوم بجولة قتال واحدة على الأقلّ في الداخل السوري، وتلقّي تدريبات وخوض معارك تشبه طريقة الجيوش النظامية، بل إن مقاتلي "حزب الله" باتوا القوات المختارة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

ويرى يهوشواع أن "تهديدات ووعود (الأمين العام لحزب الله حسن) نصر الله باحتلال الجليل في المواجهة المقبلة لن تكون بحاجة إلى أنفاق تحت الأرض، إذ يكفي أن تجتاز قوة للحزب الحدود وأن تسيطر على مستوطنة إسرائيلية في الجليل". وهو ما يفسّر أيضاً حقيقة إقرار واعتراف قادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، بحسب يهوشواع، بأن تهديدات نصر الله جادة وخطيرة، مما دفع القيادة إلى تغيير خططها العسكرية وتغيير مبنى قيادة المنطقة الشمالية كلياً، وتحويلها إلى خطط دفاعية. تماماً كما يحدث في غزة مع تأكيد أن التحدي والخطر في الشمال أصعب بكثير.

ومع أن يهوشواع يقرّ بأن هناك من يقولون إن الحزب الغارق في الحرب في سورية وفي التحديات التي يفرضها عليه "داعش" وتنظيمات الثورة السورية المعادية للنظام، إلا أن ذلك لا يمنع برأيه من مشاهدة الصورة الكاملة لسعي الحزب إلى بناء قوته مقابل الترهّل الذي تُبديه قوات الجيش الإسرائيلي.

وينقل التقرير عن جنرال في قيادة أركان الجيش الإسرائيلي، قوله إن "على إسرائيل الاستيقاظ من سباتها، فإذا لم يكن الجيش البري الاسرائيلي قوياً بما فيه الكفاية، فسيواجه مشكلة حقيقية في الشمال. ما يقود إلى التساؤل عن الحلّ الذي يؤدي إلى تخصيص مزيد من الموارد والمال لتدريب قوات الاحتياط، والتزوّد بالسلاح والأجهزة المتطورة، وربما أيضاً بوضع خطة لسنوات عدة من أجل تسليح الجيش.

إلى ذلك، يقترح يهوشواع أن يعيد الجيش النظر في اعتماده شبه المطلق على القوات الجوية والمعلومات الاستخباراتية، عبر تجاهل القوات البرية، وهو منطق ثبت خطأه في المعركة ضد غزة، وعليه سيكون على الجيش تحويل ميزانياته من سلاح الجو لصالح القوات البرية.

وينقل التقرير تصريحات لعدد من جنرالات الجيش بالقول إنه سيكون ممكناً التنازل عن بعض الطائرات من طائرات "أف 35" التسع، التي لم تتسلمها إسرائيل بعد، خصوصاً أن كلفة الواحدة منها تبلغ 140 مليون دولار، على أن يتمّ استعمال هذه الأموال للاحتياجات الفورية والملحّة للجيش، فيُمكن للجيش أن يكتفي بمواجهة التحديات بـ15 طائرة من هذا النوع، غير أن في غياب جيش بري فإن المعركة لن تنتهي بنتائج جيدة.