الهجرة غير الشرعية بين ضفتي المتوسط
مصباح الورفلي (ليبيا)
مارست ليبيا معمر القذافي ضغوطاً على الأوروبيين، في موضوع الهجرة غير الشرعية، محملة دول الشاطئ الشمالي تقاعسها في التعاون والدعم المادي واللوجستي لمكافحة هذه الظاهرة المقلقة، فتتعاون تارة، وتفسح شواطئها الممتدة على قرابة ألفي كيلو متر للمهاجريين غير الشرعيين، تارة أخرى، والذي يرجع أغلبهم للقارة السمراء، فارين من ضيق العيش، ونيران صراعات بلدانهم، أملا في تحقيق حلمهم المنشود "الجنة الأوروبية"، فترضخ القارة العجوز، وتمد يد العون إلى دول الشاطئ الجنوبي، وفق تعاون إقليمي ودولي مشروط ومقنن ومتفق عليه، عبر سلسلة من المؤتمرات، لعل أولها مؤتمرأو تجمع الرباط الذي رعته منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وعُقد في سبتمبر/أيلول 2005 حول موضوع خصوصية دور هذه المنظمة في سياسات الهجرة والاندماج، والذي عُرف بتجمع 5+5، وشارك فيه وزراء داخلية هذه الدول، وتلاه مؤتمر آخر في سنة 2006 في الرباط نفسها، ولكن بمشاركة دول إفريقية وأوروبية وعربية عديدة، لإقامة شراكة وثيقة بين الدول التي يأتي منها المهاجرون والدول التي يتوجهون إليها، والربط بين المساعدات والتنمية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية بتعزيز الرقابة عند الحدود، واتفاقيات إعادة قبول المهاجرين السريين، وكذلك مؤتمر باريس 2008 الذي يعتبر الأكبر من سابقيه، بمشاركة نحو ثمانين وفدا، بينها وفود الدول السبع والعشرون، الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وسبعٌ وعشرون دولة إفريقية، وهي الدول الخمسة عشر الأعضاء في الرابطة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والدول الست الأعضاء في الرابطة الاقتصادية والنقدية في وسط إفريقيا، وأربع دول من أعضاء اتحاد المغرب العربي، وهي ليبيا والمغرب وموريتانيا وتونس، بدون مشاركة الجزائر، بالإضافة إلي مصر، وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
واعتمد مؤتمر باريس برنامجا للتعاون بين عامي 2009 و2011 في تنظيم الهجرة الشرعية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وتعزيز التنسيق والربط بين الهجرة والتنمية، كغيرها من الاتفاقيات المماثلة في المؤتمرين السابقين. هذا في السابق، أي قبل ما يُعرف بثورات الربيع العربي، أم الآن، وبعد إطاحة ديكتاتوريات تلك الدول، وخصوصاً ليييا، المصدرة لهذه الظاهرة كما تقول دول الاتحاد الأروربي، ولا سيما إيطاليا، وهي الأكثر تضررا منها. الآن، باتت مشكلة الهجرة غير الشرعية إشكالية لدول الاتحاد الأوروبي، في ظل الأوضاع التي تشهدها ليبيا التي تعاني من ضعف المؤسسات الأمنية، وقلة الإمكانات لمكافحتها، على الرغم من جهودها المتواضعة للتصدي لها، لكن ظروف الاحتراب الأهلي التي تشهده البلاد منذ نحو عام، ساهم بطريقة "مباشرة أوغير مباشرة"، في تنامي هذه الظاهرة، الأمر الذي أزعج دول الاتحاد الأوروبي، خصوصاً بعد حادثة غرق سفينة صيد في البحر المتوسط، لقي فيه نحو 700 شخص مصرعهم في أثناء محاولتهم دخول إيطاليا، وانقاذ حياة 950 شخصا في أبريل/نيسان 2015. هنا بدأت الاهتمامات تتزايد من مجلس الاتحاد الاوروبي، وهيئة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، للبحث في ملفات الهجرة غير الشرعية، وتسارع الساسة الأوروبيون لعقد قمة تجمع رؤساء وحكومات الاتحاد الاوروبي، ومحورها الرئيس "الهجرة غير الشرعية وبحث الأوضاع في البحر المتوسط". لكن اللافت للنظر، والذي يطرح تساؤلات عديدة تصريحات الحكومة الإيطالية السابقة لهذا التحرك، على لسان وزير خارجيتها في منتصف فبراير/شباط من العام الجاري، حيث صرح باولو جينتيلوني إن بلاده مستعدة لقتال تنظيم داعش في ليبيا ضمن الشرعية الدولية، وتلاه بعد أشهر تصريح آخر للجنرال ليوناردو تريكاريكو، رئيس الأركان السابق للقوات الجوية الإيطالية الذي اقترح استخدام طائرات بدون طيار لتدمير قوارب المهربين الراسية على الشواطئ الليبية، قبل تحميلها بالمهاجرين، وسيلة للحد من مآسي الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، الأمر الذي رفضه الكاردينال الإيطالي المكلف بشؤون الهجرة في الفاتيكان، أنطونيو ماريا فيغلي، معبراً عن خشيته "من أن تؤدي هذه الخطوة إلى إزهاق أرواح، وليس فقط تدمير قوارب". وقال إن الحروب والدكتاتوريات هي ما يدفع الأشخاص إلى الفرار إلى مكان آمن، يستطيعون الوصول إليه، وكأنها توحي بوجود تخبَط، حيال الهجرة غير الشرعية والإرهاب، وتردد في اتخاذ الأولويات بين الأمرين. وهنا، نجدد التساؤل: هل فعلاً الهدف من تحركات الحكومة الإيطالية، مكافحة الهجرة، أم التلويح للتدخل في ليبيا تحت هذه الذريعة؟ وهل إيطاليا تعاني وحدها كما صرحت في السابق وزيرة الدفاع الإيطالية؟
واعتمد مؤتمر باريس برنامجا للتعاون بين عامي 2009 و2011 في تنظيم الهجرة الشرعية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وتعزيز التنسيق والربط بين الهجرة والتنمية، كغيرها من الاتفاقيات المماثلة في المؤتمرين السابقين. هذا في السابق، أي قبل ما يُعرف بثورات الربيع العربي، أم الآن، وبعد إطاحة ديكتاتوريات تلك الدول، وخصوصاً ليييا، المصدرة لهذه الظاهرة كما تقول دول الاتحاد الأروربي، ولا سيما إيطاليا، وهي الأكثر تضررا منها. الآن، باتت مشكلة الهجرة غير الشرعية إشكالية لدول الاتحاد الأوروبي، في ظل الأوضاع التي تشهدها ليبيا التي تعاني من ضعف المؤسسات الأمنية، وقلة الإمكانات لمكافحتها، على الرغم من جهودها المتواضعة للتصدي لها، لكن ظروف الاحتراب الأهلي التي تشهده البلاد منذ نحو عام، ساهم بطريقة "مباشرة أوغير مباشرة"، في تنامي هذه الظاهرة، الأمر الذي أزعج دول الاتحاد الأوروبي، خصوصاً بعد حادثة غرق سفينة صيد في البحر المتوسط، لقي فيه نحو 700 شخص مصرعهم في أثناء محاولتهم دخول إيطاليا، وانقاذ حياة 950 شخصا في أبريل/نيسان 2015. هنا بدأت الاهتمامات تتزايد من مجلس الاتحاد الاوروبي، وهيئة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، للبحث في ملفات الهجرة غير الشرعية، وتسارع الساسة الأوروبيون لعقد قمة تجمع رؤساء وحكومات الاتحاد الاوروبي، ومحورها الرئيس "الهجرة غير الشرعية وبحث الأوضاع في البحر المتوسط". لكن اللافت للنظر، والذي يطرح تساؤلات عديدة تصريحات الحكومة الإيطالية السابقة لهذا التحرك، على لسان وزير خارجيتها في منتصف فبراير/شباط من العام الجاري، حيث صرح باولو جينتيلوني إن بلاده مستعدة لقتال تنظيم داعش في ليبيا ضمن الشرعية الدولية، وتلاه بعد أشهر تصريح آخر للجنرال ليوناردو تريكاريكو، رئيس الأركان السابق للقوات الجوية الإيطالية الذي اقترح استخدام طائرات بدون طيار لتدمير قوارب المهربين الراسية على الشواطئ الليبية، قبل تحميلها بالمهاجرين، وسيلة للحد من مآسي الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، الأمر الذي رفضه الكاردينال الإيطالي المكلف بشؤون الهجرة في الفاتيكان، أنطونيو ماريا فيغلي، معبراً عن خشيته "من أن تؤدي هذه الخطوة إلى إزهاق أرواح، وليس فقط تدمير قوارب". وقال إن الحروب والدكتاتوريات هي ما يدفع الأشخاص إلى الفرار إلى مكان آمن، يستطيعون الوصول إليه، وكأنها توحي بوجود تخبَط، حيال الهجرة غير الشرعية والإرهاب، وتردد في اتخاذ الأولويات بين الأمرين. وهنا، نجدد التساؤل: هل فعلاً الهدف من تحركات الحكومة الإيطالية، مكافحة الهجرة، أم التلويح للتدخل في ليبيا تحت هذه الذريعة؟ وهل إيطاليا تعاني وحدها كما صرحت في السابق وزيرة الدفاع الإيطالية؟