النيران الأوكرانية تصل الأراضي الروسية: دعوات لـ"ضربات موضعية"

15 يوليو 2014
مسلح انفصالي عند الحدود الأوكرانية الروسية (سيرجي غابون/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

لا يبدو أن الصراع الأوكراني الدامي بين كييف والأقاليم الجنوبية الشرقية المطالبة بدولة فيدرالية، والمتهمة بالنزعة الانفصالية، قريب إلى الحل. تجد موسكو نفسها محرجة مما آل إليه وضع أنصارها الذين دعمتهم واقعياً ثم لفظياً، وبعدها تخلت عنهم على أرض الواقع. فهل تفعل موسكو شيئاً لتوحي للعالم الروسي أنها لا تتخلى عن حلفائها، وهي المتهمة بأنها استخدمت تمردهم ورقة للتغطية على ضم القرم وصرف الأنظار عنها؟ أم، هل تفعل موسكو ما يعيد الأمل لهم بأنها قد تتدخل، وخصوصاً أن النار وصلت إلى أراضيها، فيما هناك من يقول إن القذائف التي تسقط على الطرف الروسي من الحدود تسقط لهذا الهدف بالذات، توريط روسيا مباشرة في الصراع الأوكراني؟

الأسئلة أعلاه، أثارها الاقتراح الذي أعلنه نائب رئيس مجلس الفيدرالية الروسي، النائب عن منطقة روستوف في المجلس الفيدرالي يفغيني بوشمين، والمتمثل في استخدام أسلحة عالية الدقة لتوجيه ضربات إلى مواقع أوكرانية بهدف الحيلولة دون تعرض الأراضي الروسية لإطلاق النار من الأراضي الأوكرانية، بحسب ما نقلت صحيفة "كوميرسانت" الروسية.

وكان بوشمين، وفقاً للصحيفة، قد اقترح مواجهة إطلاق النار من الجانب الأوكراني على الأراضي الروسية، "بالطريقة التي تنتهجها الدول المتحضرة، كالولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، أي استخدام أسلحة موضعية دقيقة، وكما في إسرائيل من أجل القضاء على أولئك الذين أطلقوا الصاروخ".

وقد كتبت "كوميرسانت" مستندة إلى مصدر مقرّب من الكرملين، أن موسكو تنظر في إمكان القيام بضربات موضعية دقيقة على أهداف أوكرانية.

وأشارت الصحيفة إلى أن مصدرها أوضح أن "موسكو تعرف بدقة الأماكن التي يطلقون منها، وأعلن أن صبرنا ليس بلا حدود". وأكد في الوقت نفسه أن الحديث يدور حصراً حول ضربات محدودة موجهة على القواعد التي تطلق منها النار إلى الأراضي الروسية.

إلا أن الكرملين سرعان ما نفى ذلك، بصيغة حاسمة. فقد أكد المتحدث الصحافي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، بحسب أحد المواقع الإلكترونية، أن "الحديث عن ضربات دقيقة لأهداف أوكرانية مجرد هراء، لا يستحق التعليق".

وقد تعرضت منطقة روستوف الروسية لإطلاق نار من الأراضي الأوكرانية، صباح 13 يوليو/تموز الجاري، أثناء معركة بين الجيش الأوكراني ومقاتلي "جمهورية لوغانسك الشعبية" المعلنة من طرف واحد، لبسط السيطرة على معبر "إيزفارينو" الحدودي.

وقد انفجرت إحدى القذائف في أحد المنازل في بلدة دونيسك الروسية، وقتلت رجلاً (47 عاماً)، فيما سقطت القذيفة الأخرى في المنزل المجاور. وأدت إلى إصابة امرأتين بجروح، عجوز في الثمانين من عمرها، تم نقلها إلى المستشفى في وضع حرج، وابنتها، بحسب ما تداولته وسائل الإعلام الروسية.

ووفقاً لمصادر قوات حرس الحدود الروسية، فقد سقطت سبع قذائف داخل روسيا، وتم العثور على عدة قذائف لم تنفجر. فيما أكد شهود عيان، بحسب صحيفة "كوميرسانت"، أن القذائف أطلقت من موقع يسيطر عليه الجيش الأوكراني منذ عدة أسابيع.

في المقابل، نفى طرفا الصراع الأوكراني مسؤوليتهما عن سقوط القذائف على الأراضي الروسية. وأصدرت الخارجية الروسية بياناً رسمياً خاصاً بهذه الحادثة، نشر على موقع الوزارة الرسمي، جاء فيه أن قصف المنازل على الأراضي الروسية "يشير إلى تصعيد خطير للغاية في التوتر على الحدود الروسية والأوكرانية قد تكون له عواقب وخيمة، والمسؤولية تقع على الطرف الأوكراني". وفي 13 تموز/يوليو الجاري، استدعت وزارة الخارجية الروسية القائم بأعمال أوكرانيا في الاتحاد الروسي وأبلغته احتجاج موسكو الشديد.

أعقب ذلك بيان رسمي صدر عن وزارة الخارجية الأوكرانية، أكد، وفق وكالة "إنترفاكس" الروسية، أن القوات الأوكرانية لم تطلق النار على بلدة دونيسك في منطقة روستوف الروسية. وأوضح أن "القوات المسلحة الأوكرانية لم يسبق لها أن أطلقت النار، وهي لا ولن تطلق النار على أراضي الدولة الجارة وعلى الأحياء السكنية". وأضاف البيان "ننتظر من روسيا الموضوعية والحياد في تقويمها لأسباب الحادث المأساوي الذي حصل في مدينة دونيسك، ومستعدون للتعاون في التحقيق حوله".

كما أعلن مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أن لا علاقة لأوكرانيا بإطلاق النار على الأراضي الروسية. ورجح أن يكون ذلك عملاً استفزازياً من جهة "الميليشيات" الانفصالية، بحسب ما نقلت وكالة "إنترفاكس" عن رئيس "مركز تحليل المعلومات"، أندريه ليسينكو.

وفي الوقت الذي لم تصدر فيه شكاوى من كييف عن تعرض مواقع أوكرانية لنيران من الطرف الروسي للحدود، فإن الشكاوى الروسية من قذائف تسقط بين حين وآخر على الأراضي الروسية تشغل وسائل الإعلام. كما يجري الحديث عن اختراق الطيران الأوكراني للأجواء الروسية أثناء قيامه بطلعات لضرب مواقع الانفصاليين المنتشرين في المناطق الحدودية.

وفي سياق الاحتجاجات الروسية المتكررة، كان قد أعلن، في 20 يونيو/حزيران الماضي، عن سقوط قذائف على الأراضي الروسية.
في حينه، أوردت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية خبراً عن إطلاق نيران من أوكرانيا على معبري "دولجانسكي" و"نوفوشسوختينسك" الحدوديين الروسيين.
وأسندت خبرها إلى ممثل إدارة الهجرة الروسية في منطقة روستوف، فاسيلي مالاييف، الذي قال إن "هناك معارك تدور في أوكرانيا، على الأرجح بين الانفصاليين والحرس القومي الأوكراني، في منطقة معبر نوفوشوختينسك. وبالنتيجة تعرض معبرنا للنيران". ووفقاً لما نقلته الوكالة عن مالاييف، فقد تعرض المبنى للدمار حينها، بما فيه من تجهيزات هندسية ووسائل اتصال. ولم تقع إصابات بين المدنيين، في حين أصيب أحد موظفي الجمارك الروس على معبر "نوفوشوختينسك"، ونقل لتلقي العلاج.

المساهمون