وصرح مصدر قضائي، اليوم الجمعة، أن فريقاً من النيابة العامة لنيابات جنوب دمنهور، توجه إلى مستشفى "أنغلو أمريكان" في ضاحية الزمالك بمحافظة القاهرة، للاستماع إلى أقوال الراهب فلتاؤس المقاري، الذي حاول الانتحار الاثنين الماضي، وذلك بقطع شرايين يديه اليمنى واليسرى، والقفز من أعلى مبنى العيادات الطبية.
وأفاد المصدر بأن فريقاً من النيابة العامة ضمّ 12 وكيلاً للنيابة، انتهى من التحقيق مع 145 راهباً وأسقفاً بدير الأنبا أبو مقار، في واقعة قتل رئيس الدير، مشيراً إلى قرار النيابة العامة بإحالة الراهب فلتاؤس إلى مصلحة الطب الشرعي، لتبيان ما به من إصابات، وأسباب حدوث جروح قطعية وسحجات في يده اليسرى.
وأشار المصدر إلى التحفظ على كاميرات المراقبة داخل الدير، تمهيداً لفحصها بمعرفة لجنة فنية متخصصة لتفريغ محتوياتها، ومعرفة أسباب تعطل بعض الكاميرات منها، خاصة بعدما توصلت معاينة النيابة العامة إلى تعطيل الكاميرات الخاصة في الدير بالكامل، وكسر القرص الصلب "هارد ديسك" الخاص بالكاميرات.
وقررت النيابة كذلك التحفظ على الراهب أشعياء المقاري (34 عاماً)، الذي حاول الانتحار هو الآخر بتناوله مادة سامة، على وقع قرار المجلس الكنسي بتجريده من رهبنته، وعودته إلى اسمه العلماني "وائل سعد تاودرس"، كما قررت حجز الراهب المسؤول عن الكاميرات بالدير، ومسؤول العمال بالدير على ذمة تحريات المباحث.
إلى ذلك، كثفت قوات الأمن في محافظة البحيرة من وجودها بمحيط دير الأنبا مقار، مع توسيع دائرة الاشتباه في المترددين والمتعاملين معه، بغرض التوصل إلى أي معلومات تقود ضباط فريق البحث لكشف المتهم الحقيقي، الذي تميل التحقيقات إلى أنه أكثر من شخص، بالنظر إلى طريقة قتل رئيس الدير أثناء خروجه من قلايته (سكن الراهب) نحو أداء القداس الإلهي.
وعُثر على جثمان رئيس الدير بعد تعرضه لاعتداء بآلة حادة، في وقت ترجح مصادر متطابقة أن المعتدي على إبيفانيوس هو أحد قاطني الدير، نظراً للمنطقة المنعزلة التي تحيط بالدير، وإحاطته بأسوار عالية، علاوة على أن مكان الاعتداء يشير إلى معرفة القاتل بتفاصيل الدير، وأماكن وجود كاميرات المراقبة به، وخط سير اﻷنبا الراحل.
وكان الراهب فلتاؤس قد خضع لتحقيقات مكثفة في القضية، كونه من الفريق المعارض لرئيس الدير الراحل، وترهب في عام 2010 ضمن مجموعة أدخلها إلى الدير البابا الراحل، شنودة الثالث، عقب وفاة الأب متّى المسكين، في محاولة منه لتعديل التركيبة الفكرية لآباء الدير، وإحكام السيطرة عليه، وكان معه الراهب أشعياء المقاري الذي حاول الانتحار أيضاً.
ولطالما مثّل دير الأنبا مقار صداعاً في رأس الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، على وقع الخلاف بين شنودة والأب متّى على كرسي الباباوية، الذي وصل إلى ذروته عام 1981، عندما حدد الرئيس المصري الراحل أنور السادات إقامة الأول في دير اﻷنبا بيشوي، ضمن ما عُرف بـ"اعتقالات سبتمبر"، وتكليفه آنذاك الأخير بإدارة أمور الكنيسة، والذي كان بمثابة اﻷب الروحي لدير اﻷنبا مقار.