11 يونيو 2019
النهاية أزمة والبداية مأساة
محمد محسن عامر (تونس)
النهاية الحزينة في تونس لتجربة التعاضد والتصفية السهلة لتلك الحقبة المحبطة ومعها الإبن الضال، أحمد بن صالح، والمضي قبلها إلى مؤتمر "المصير" في 1964، كان البداية الفعلية للإنحطاط البيروقراطي وصناعة روبسبير جديد لتونس. استقدام محمد الصياح وعصاه الغليظة لم يكن سوى تفصيل صغير زاد من الإحتراب بين أجنحة النظام وضرب كلّ ممكنات الحريات والحركة النقابية والطلابية.
ربّما، كان وعي الحبيب بورقيبة للأزمة نوعا من الواقعية المتأخرة، وذلك بعد أن تحوّل أو حوّل إلى فرانكو جديد يتجّه باستبداده نحو المقصلة. إعلان جربة في يناير 1974 وأحداث 26 يناير 1978، وصولا إلى التصادم المسلح مع الأحفاد الإيديولوجيين لصالح بن يوسف في قفصة في 27 يناير 1980، لم تكن سوى الإنذارات التي عجز بورقيبة عن استقبالها جيدا. أو لنقل أنّ مسيرة الإنهيار في بنية النظام استحال معها كبحها. المؤتمر الإستثنائي للحزب الإشتراكي، وتبني الإنفتاح المحدود، والعفو عن النقابيين السجناء، واستقدام محمد مزالي المستقل عن توازنات الحكم المتناحر، كانت خيارات لم يقدّم سوى تسريع وتيرة الأزمة التي أكدت انتخابات 1981 أنها قرارات يتيمة لم تتجاوز صالة المؤتمر وقَبَرها متشددو الحزب سريعاً مع أول امتحان ديمقراطي.
الرجل المريض الذي استحال شفاؤه جعل بطانة السلطة تعدّ نفسها لصراع ما بعد بورقيبة. فمزالي (الحل المؤقت) أصبح حلاًّ دائما وصراعات السلطة على أشدها.
محاولة تفكيك المركزية النقابية لتسهيل الطريق نحو الخلافة، انتفاضة الخبز، نهاية بمؤتمر "الصمود" الذي قال إنّ النظام متهالك لا محالة، وأن النهاية كانت وشيكة، في الوقت الذي أطلت فيه قوة كبيرة من خارج النظام (الاتجاه الإسلامي)، وبدأت ترسم جوا إرهابيا قد يدخل كل البلاد نحو المجهول.
محصلة الحديث؛ بحكم أننا نعرف بقية القصة التي حولت الإستبداد إلى نظام مافيا يتغذى بالفساد ويغذيه، أكمل إغلاق بقية ممكنات التغيير الديمقراطي في البلاد وتحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية. فما يحدث الآن استتباع لذلك كله، نظام بن علي أورث لوبيات فساد متراطبة مصلحيا بطريقة معقدة فيما بينها، انحطاط بيروقراطي حوّل الدولة إلى جهاز عميق من الصعب جدا اقتلاعه. والأهم أنّ عصا الإستبداد يمكنها أن تغلق ممكنات الانفتاح السياسي. ولكنها في الوقت نفسه صنعت كيمياء بين المحافظة الاجتماعية الراقدة تحت صور الحداثة المصطنعة مع الإستبداد وقوى "الصحوة" الدينية.
توازن النظام الحالي بين "الدولة العميقة" والإسلاميين المشكل للتوازن سريع الاختلال و"الضامن" في الوقت نفسه ديمومة الحالة السلمية في واقع تبادل أدوار رجعي، ولا يعدو أن يكون هذا كله استتباعا لذلك كله.
ربّما، كان وعي الحبيب بورقيبة للأزمة نوعا من الواقعية المتأخرة، وذلك بعد أن تحوّل أو حوّل إلى فرانكو جديد يتجّه باستبداده نحو المقصلة. إعلان جربة في يناير 1974 وأحداث 26 يناير 1978، وصولا إلى التصادم المسلح مع الأحفاد الإيديولوجيين لصالح بن يوسف في قفصة في 27 يناير 1980، لم تكن سوى الإنذارات التي عجز بورقيبة عن استقبالها جيدا. أو لنقل أنّ مسيرة الإنهيار في بنية النظام استحال معها كبحها. المؤتمر الإستثنائي للحزب الإشتراكي، وتبني الإنفتاح المحدود، والعفو عن النقابيين السجناء، واستقدام محمد مزالي المستقل عن توازنات الحكم المتناحر، كانت خيارات لم يقدّم سوى تسريع وتيرة الأزمة التي أكدت انتخابات 1981 أنها قرارات يتيمة لم تتجاوز صالة المؤتمر وقَبَرها متشددو الحزب سريعاً مع أول امتحان ديمقراطي.
الرجل المريض الذي استحال شفاؤه جعل بطانة السلطة تعدّ نفسها لصراع ما بعد بورقيبة. فمزالي (الحل المؤقت) أصبح حلاًّ دائما وصراعات السلطة على أشدها.
محاولة تفكيك المركزية النقابية لتسهيل الطريق نحو الخلافة، انتفاضة الخبز، نهاية بمؤتمر "الصمود" الذي قال إنّ النظام متهالك لا محالة، وأن النهاية كانت وشيكة، في الوقت الذي أطلت فيه قوة كبيرة من خارج النظام (الاتجاه الإسلامي)، وبدأت ترسم جوا إرهابيا قد يدخل كل البلاد نحو المجهول.
محصلة الحديث؛ بحكم أننا نعرف بقية القصة التي حولت الإستبداد إلى نظام مافيا يتغذى بالفساد ويغذيه، أكمل إغلاق بقية ممكنات التغيير الديمقراطي في البلاد وتحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية. فما يحدث الآن استتباع لذلك كله، نظام بن علي أورث لوبيات فساد متراطبة مصلحيا بطريقة معقدة فيما بينها، انحطاط بيروقراطي حوّل الدولة إلى جهاز عميق من الصعب جدا اقتلاعه. والأهم أنّ عصا الإستبداد يمكنها أن تغلق ممكنات الانفتاح السياسي. ولكنها في الوقت نفسه صنعت كيمياء بين المحافظة الاجتماعية الراقدة تحت صور الحداثة المصطنعة مع الإستبداد وقوى "الصحوة" الدينية.
توازن النظام الحالي بين "الدولة العميقة" والإسلاميين المشكل للتوازن سريع الاختلال و"الضامن" في الوقت نفسه ديمومة الحالة السلمية في واقع تبادل أدوار رجعي، ولا يعدو أن يكون هذا كله استتباعا لذلك كله.
مقالات أخرى
03 يناير 2018
29 مايو 2017
27 مايو 2017