النقاب في تونس يثير جدلاً حول الضرر والحرية الشخصية

18 فبراير 2014
جدل حول النقاب في تونس
+ الخط -

عاد الحديث، عن النقاب في تونس، إلى واجهة الاهتمام الشعبي والإعلامي بعد استخدامه من بعض الإرهابيين كوسيلة للتخفي والهروب من الملاحقة الأمنية. وخلق الأمر حالة من الانقسام الواضح بين "الضرورات الأمنية" و"التعدي على الحريات الشخصية".

ليس هذا النقاش وليد، اليوم، فقد عرفت "الجامعة التونسية" بعد الثورة مباشرة حالة من الاحتقان والعنف توقفت اثرها الدروس فترة طويلة لامتناع متنقبات عن كشف وجوههن للتعرف عليهن داخل الحرم الجامعي. فهل تتخذ السلطات التونسية قرارات جديدة في شأن النقاب؟

تقول المتنقبة آمنة لـ"الجديد": إنها لم تكن ترتدي النّقاب ولا حتى الحجاب قبل الثورة، بل لم تكن تهتم حتى بمثل هذا اللّباس. ولكنها مع تعرفها على سيدة سعودية تاجرة، تأتي شهرياً إلى تونس للتبضع وتنزل ضيفة عند جدتها، صارت السيدة السعودية تعرفها على الدين وظلت تنصحها بارتداء النقاب حتى اقتنعت بذلك. ثم علمتها الحجامة (العلاج عن طريق استخدام كاسات الهواء) التي صارت رزقها اليومي بعد أن انقطعت عن الدراسة.

رفضت عائلة آمنة في البداية ارتداءها النقاب، ولكنها تقبلت الأمر بعد إصرارها. في المقابل لقيت رفضا من المجتمع وما زال مستمراً وأدى إلى خسارتها أغلب رفيقاتها.

يذكر أن تونس كانت قد ألغت 'المنشور 108'' الذي يمنع ارتداء الحجاب داخل المؤسسات التابعة للدولة من مدارس وجامعات ومستشفيات وإدارات والذي أصدره الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة سنة 1981، وتواصل العمل به في عهد خلفه، زين العابدين بن علي.
وجاء إلغاء المنشور بعد تظاهر مئات من الإسلاميين أمام مقر وزارة الداخلية، وسط العاصمة تونس، للمطالبة بإباحة الحجاب باعتباره "شرع الله".

وأدى إلغاء قانون حظر الحجاب إلى اختيار العديدات من التونسيات الحجاب الشرعي والنقاب الذي خلق جدلا كبيرا داخل المجتمع.

يرى محمد الذي التقته "الجديد" أن "النقاب ظاهرة غريبة عن مجتمعنا التونسي، فنحن في تونس نتميز بإسلام وسطي معتدل يقبل الحجاب ولكن يرفض مثل هذا الزي".

في المقابل، تخالف سعيدة محمد حين تشير إلى أن "الثورة كانت من أجل الحريات والحقوق وأي مواطنة في تونس لها الحرية في اختيار الزي الذي تراه مناسبا لها، لاسيما عندما لا يشكل خطرا على المجتمع أو على الأشخاص".

تتباين آراء رجال الدين في تونس في المسألة. يؤكد مفتي الجمهورية، حمدة سعيد أن "المذاهب الإسلامية الأربعة، وخصوصا المذهب المالكي، ترى أن النقاب حكمه، شرعا، بين السنة والاستحباب، وأن النصوص الصحيحة ترجح الحجاب على النقاب".

وإمكانية جواز منع ارتداء النقاب لضرورات آمنية، يشير سعيد إلى أن "ولي الأمر يجوز، له شرعا، أن يقيد نطاق المباحات إذا رأى في ذلك مصلحة راجحة للأمة، ومنها حفظ النفس من كل ما يتهددها من المخاطر".

وكان إمام "جامع الزيتونة المعمور"، حسين العبيدى، أكد في تصريح سابق، أن "استعمال النقاب في أغراض إرهابية للإضرار بالمجتمع وقتل الذات البشرية يجعله في حكم المحرمات شرعا". في المقابل، يؤكد رئيس "حزب الأصالة" السلفي علي مجاهد لـ"الجديد" أن "النقاب حرية شخصية ولن يشكل خطرا على أي كان ولكل مسلمة الحق في ارتداء الزي الذي تراه مناسبا لها ولحياتها اليومية. وكل فعل يمكن أن يصدر عن امرأة ترتدي النقاب، فهو يلزمها وحدها".

من جهته، يشرح مفتي الجمهورية السابق، عثمان بطيخ أنّ "الفقهاء اختلفوا في كون وجه المرأة عورة، وذهب جمهور من الفقهاء إلى أنّ الوجه ليس عورة، وإذا لم يكن عورة فإنه يجوز لها كشفه. ومن اختارت النقاب فلها ذلك، لمَا كان الأمر يرجع في النهاية إلى عامل الاقتناع والحرية الشخصية".

بدوره، يؤكد إمام جامع الزيتونة، الشيخ حسين العبيدي أنّه "يتوجب على الحكومة أن تمنع ارتداء النقاب. فلا وجود للنقاب الذي انتشر في تونس اليوم في الشريعة الإسلامية "، مشدداً على أن "اللّباس الشرعي للمرأة المسلمة هو الحجاب".

ويقول الدكتور في الدراسات الإسلامية، محمد خليل إنه "إذا ثبت من وراء ارتداء النقاب ضرر حقيقي سيلحق بالمجتمع فإنّه يجوز للحاكم منعه شرعا. لأنه إذا ثبت للحاكم ضرر من أمر ولم يمنعه فهو آثم".

يذكر أن وزارة الداخلية أعلنت في مناسبات عدة عن ضبطها عناصر إرهابية ومطلوبين للعدالة وهم في حالة تخف باستخدام النقاب.

 

دلالات
المساهمون