النفايات وحقوق النساء

31 يوليو 2015
تظاهرة في بيروت احتجاجاً على أزمة النفايات (الأناضول)
+ الخط -
"رمى مجموعة من الأشخاص نفايات أمام مدخل منزل سكني تعيش فيه أسرة مؤلفة من أب وأم وثلاثة أطفال على مدى عشرة أيام. ومع مرور الوقت، تكوّمت النفايات أمام المنزل السكني، ما أدى إلى إصابة سكان المنزل، وخصوصاً الأطفال، بأمراض خطيرة. ونقلوا إلى المستشفى نتيجة إصابتهم بحالات اختناق بسبب الروائح والتفاعلات الكيميائية الخطيرة".
يوجد حوالي مليون وحدة سكنية (يبلغ عدد سكان بيروت الإدارية وجبل لبنان مجتمعين حوالى 4.5 مليون نسمة) مهددة بكارثة بيئية وصحية واجتماعية، نتيجة تكوّم أطنان النفايات أمام المباني السكنية. الخبر الأول من صنع الخيال، فيما الثاني هو واقع محافظتي بيروت وجبل لبنان منذ نحو عشرة أيام.

نميلُ إلى التفاعل مع الخبر الأول بردة فعل انفعالية/عاطفية كونه بنظرنا تراجيديا إنسانية، يجدر التفاعل معها واتخاذ إجراءات فردية ومجتمعية من أجل إنقاذ سكان هذه المنزل. أما الخبر الثاني، فهو في وعينا عبارة عن إحصاءات وأرقام.
تشير الدراسات إلى أن إدراكنا هو مزيج من العواطف والمنطق، وتفاعل هذين معاً. ربما تثير بعض الحقائق انفعالات أكثر من غيرها. فحادث قتل شخص مثلاً هو تراجيديا، في حين أن مقتل مليون شخص هو مجرد إحصاء.

بالمنطق نفسه، تفاعل الرأي العام مع قضايا سارة الأمين ونسرين روحانا ورولا يعقوب وغيرهن من ضحايا العنف المنزلي. تظاهر بعضهم رفضاً لجرائم العنف المنزلي، علماً أن ضحايا العنف بقين بالنسبة للناس مجرد أرقام على مدى سنوات طويلة.
هذه هي سيكولوجية تفاعل الأفراد مع قضايا بيئية وإنسانية ونسائية وحقوقية وغيرها. لكن ماذا يمكن أن يُقال في سيكولوجية المنظمات والهيئات المدنية، وخصوصاً النسائية، في ما يتعلق بردود فعلها، أو بالأحرى غيابها عن قضية النفايات التي تطمر المدينة منذ عشرة أيام؟ سيحكى عن التخصص. هذه قضيتي وبالتالي أنا ــ وأنا وحدي أحياناً ــ المعني بها. تلك قضية لا شأن لي بها، ولا يعنيني الانخراط في النقاش حولها. هذا لسان حالنا في غالبية منظمات المجتمع المدني.

في ظل هذا الفصل بين القضايا، يظهر الانفصام. لدينا في الحراك النسائي والنسوي هاجس أساسي، وهو: كيف تصبح قضايا النساء في لبنان قضايا رأي عام؟ قد يكون الجواب أبسط من القيام بتخصيص موازنات ضخمة وتكليف مستشارين لدراسة السبيل إلى ذلك. ربما يكفي الانخراط في النقاش الدائر حول سبل إيجاد حل بيئي مستدام للأزمة، مع تقديم بعد جندري لها في سياق فرز وإدارة وإعادة تدوير النفايات.
(ناشطة نسوية)

اقرأ أيضاً: عن سابق إصرار
المساهمون