مرة جديدة، ملأَت أكوام النفايات شوارع العاصمة اليمنية صنعاء، علماً أن سلطات البلدية التابعة لأمانة العاصمة كانت قد أطلقت حملة تنظيف متواضعة للشوارع والأحياء قبل أكثر من عشرة أيام، حين غرقت المدينة بالنفايات بسبب توقف عمل سيارات النظافة منذ بدء عمليات "عاصمة الحزم".
وباتت النفايات المنتشرة حول المنازل تهدد بكارثة بيئية وصحية، في وقت طالب الأهالي السلطات بالعمل على تنظيف أحياء العاصمة وعدم اهمالها.
في السياق، يقول كهلان العمّاري، الذي يسكن في حي الأصبحي، إن سيارة جمع النفايات لا تمر في الحي كما جرت العادة، ما راكم أكياس النفايات في الأحياء وحول المنازل، مشيراً إلى أن أهل الحي لجأوا إلى المجلس المحلي أكثر من مرة من دون فائدة.
يتابع العماري لـ "العربي الجديد" أن "النفايات تراكمت أمام منزلي. ولم نعد نحتمل الروائح الكريهة والذباب والحشرات. كما أن منظرها صار مزعجاً لي ولبقية الجيران". ويشير إلى أنه "في مرات سابقة، تكفّل وجيرانه بالدفع لعمال النظافة لنقل النفايات إلى مكان بعيد".
ويتفق إبراهيم عبد الخالق مع العماري، مضيفاً أن كثير من الأسر اعتادت على مرور سيارات جمع النفايات في مختلف الأحياء بعد عصر كل يوم. ويوضح أن هذه السيارات عادة ما تطلق صفارات لتُعلِم المواطنين بوصولها لجمع النفايات من المنازل، فيعمد الأهالي إلى إخراجها إليهم"، مشيراً إلى أن هذه العملية توقفت تماماً منذ أسابيع، ما أدى إلى تراكم النفايات أمام أبواب كثير من المنازل. يضيف لـ "العربي الجديد" أن "تراكم النفايات أمام المنازل سيعرّض أطفالنا لأمراض مختلفة".
من جهة أخرى، تزداد مخاطر النفايات المتراكمة في شوارع العاصمة مع قدوم موسم الأمطار في اليمن، والذي سيحول كثير من مناطق العاصمة إلى مستنقعات مائية مليئة بالنفايات، ما سيؤدي إلى انتشار الذباب والبعوض وغيرها من الحشرات.
في هذا الإطار، يحذّر الطبيب علي سُميح من انتشار بعض الأمراض الناتجة عن المياه الراكدة وحاويات النفايات، مشيراً إلى أنها تعد بيئة خصبة لتكاثر الذباب والبعوض والقوارض التي تعمل بدورها على نقل الأمراض.
ويؤكد لـ "العربي الجديد" أن "الذباب ينقل الكثير من الأمراض للأطفال على غرار التراخوما والرمد الصديدي، بالإضافة إلى الأمراض المعوية مثل التيفوئيد والتسمم الغذائي والباراتيفويد، وغيرها من الأمراض الجلدية". يُضيف أن "النفايات المنتشرة في العاصمة تعدّ أحد أسباب تكاثر الأمراض، وخصوصاً في فصل الصيف"، لافتاً إلى أن "النفايات التي تحتوي على بقايا الأطعمة، بالإضافة إلى المياه الراكدة، تساعد على انتشار الأمراض المختلفة".
في المقابل، يشرح عامل النظافة في منطقة هبرة في صنعاء إبراهيم التهامي أسباب تراكم النفايات في الأحياء، وعدم نقلها إلى الأماكن المخصصة لها خارج العاصمة. يقول لـ "العربي الجديد" إننا "نعمل يومياً. لكن الأمر ليس بيدنا. إذ لا نستطيع تنظيف جميع الأحياء وجمع النفايات في سلات القمامة الموجودة في المناطق المختلفة"، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في عدم مرور سيارات النظافة بسبب انعدام الوقود.
أيضاً، يلفت التهامي إلى "تراجع المستحقات المالية بسبب الأوضاع التي تمر فيها البلاد، علماً أننا لا نتوقف عن العمل، ولن نقبل أن تبقى صنعاء مليئة بالنفايات".
تجدر الإشارة إلى أن عربات النقل الخاصة بجمع النفايات في العاصمة تستهلك ما يزيد على 55 برميل ديزل يومياً (توزّع على عدد من السيارات ذات الحجم المتوسط والصغير)، وتعمل على إزالة النفايات من الشوارع، التي تقدّر بنحو 1300 طن في اليوم.