النفايات الإلكترونيّة تنشر سمومها

07 مارس 2015
المشكلات تحدث عندما يُصار إلى التخلص منها بشكلٍ عشوائي(Getty)
+ الخط -
لبنان عاجز عن التخلص من نفاياته، بكل أنواعها. هو واقع يقرّ به المعنيّون. الوعود كثيرة والحلول متعدّدة، لكن حتى اليوم عنصر التأجيل هو سيّد الموقف. والمشكلة الكبيرة، هي في كيفيّة التخلص من النفايات الإلكترونيّة التي تحتوي على شتى أنواع المعادن السامة، لا سيّما الزئبق المضرّ بالصحة.

يسجّل لبنان كسائر بلدان العالم تزايداً كبيراً في حجم النفايات الإلكترونيّة. لكن، في ظلّ غياب استراتيجيّة وطنيّة، تخلط النفايات الإلكترونيّة بمعظمها مع النفايات المنزليّة الصلبة، فتنتهي في المكبّات أو المطامر. ويشكّل التخلّص منها أزمة لأنها تحتوي على معادن ثقيلة وبوليفينيل الكلور والبيفينيل متعدّد الكلور، التي قد تتسرّب إلى الأرض لتزيد من مخاطر الملوّثات العضويّة. فتؤثر على نوعيّة الأسمدة (في حال وجود محطّة لتحويل النفايات إلى أسمدة) وتلوّث التربة والمياه (في مواقع تفريغها).

أمام هذه المشكلة البيئيّة التي باتت تشكّل خطراً على لبنان، يوضح الخبير البيئي الدكتور ناجي قديح أن "أبرز ما يجب معرفته هو وجود مشكلة في كيفيّة التخلص من النفايات الإلكترونيّة، خصوصاً وأنها تحتوي على معادن ثقيلة سامة وترمى عشوائياً بشكل يلوّث البيئة، من دون أن تتوفّر حتى الآن تشريعات أو رقابة للتخلص منها بالطرق الصحيحة". يضيف أن "المشكلة تكمن أيضاً في أن أعداداً كبيرة من أجهزة الكومبيوتر تصلنا كهبات من دول الخارج منتهية الصلاحيّة، توزّع على المدارس".

ويشير قديح إلى أن "المواطن لا يستطيع معالجة هذه المسألة البيئيّة الحساسة بمفرده، إذ تحتاج إلى وعي كامل للتخلص منها بشكل سليم من دون إلحاق ضرر بالبيئة". ويوضح أنه "في النهاية نحتاج إلى سياسية وطنيّة شاملة للحدّ من هذا التلوّث السام. فالرمي العشوائي لتلك نفايات التي تحتوي على الزئبق، قد تزيد من نسبة الأمراض السرطانيّة، خصوصاً وأن آخر الإحصاءات تشير إلى ارتفاع نسبها في لبنان".

ولأن التخلص من النفايات الإلكترونيّة بات أمراً صعباً، أخذت جمعيّة "بيئتنا" على عاتقها هذا الملف البيئي الدقيق، بالتنسيق مع وزارة البيئة. وتوضح سابين هابريان وهي عضو في الجمعيّة أن "النفايات الإلكترونيّة تشمل كل المعدات الإلكترونيّة والكهربائيّة التي تعاني خللاً أو المكسورة أو التي لم تعد متوافقة مع التقنيات الحديثة أو تلك التي تلفت. وهي: التلفزيون وشاشات الكمبيوتر، والحاسوب وتوابعه من معدات مثل الكاميرا ولوحة المفاتيح والطابعة وغيرها، ومعدات الصوت والنظام الصوتي المجسم من قبيل جهاز الفيديو ومشغّل الأقراص المدمجة، والكاميرات، وأجهزة الاتصالات السلكيّة واللاسلكيّة، وآلتَي الفاكس والنسخ، وألعاب الفيديو، والبطاريات ومحوّلات وآلات شحن البطاريات، والأجهزة المنزليّة كالميكرويف والثلاجة والمكواة وغيرها".

وتحذّر هابريان من أن هذه النفايات "تحتوي على موادٍ سامة تضرّ بالإنسان والبيئة. وثمّة أكثر من ألف نوعٍ من العناصر، بما في ذلك مذيبات مكلورة وبوليفينيل كلورايد ومعادن ثقيلة ومواد بلاستيكيّة وغازات. وهي تستخدم في صناعة المنتجات الإلكترونيّة ومكوّناتها من قبيل قطع أشباه الموصلات ولوحات الدوائر والأقراص المدمجة". لكنها تطمئن إلى أن "تلك العناصر لا تشكّل خطراً عندما تستعمل وهي بحالة جيّدة. المشكلات تحدث عندما تتلف الأجهزة ويُصار إلى التخلص منها بشكلٍ عشوائي. عندها يمكن أن تتسرّب مكوناتها من العناصر السامة إلى الموارد الطبيعيّة من ماء وهواء وتربة وتصل عبر السلسلة الغذائيّة أو عن طريق الاستنشاق إلى الإنسان".

بالنسبة إلى منال مسلم من وزارة البيئة، فإن التخلّص من النفايات الإلكترونيّة خسارة للموارد التي من الممكن إعادة تدويرها. وإذ تشير مسلم إلى أهميّة التنسيق بين الوزارة وجمعيّة بيئتنا المستمر منذ سبعة أعوام، تتحدّث عن مشروع "إعادة تدوير البطاريّات لبيئة أفضل" الذي أطلق في المدارس بهدف زيادة الوعي لدى التلاميذ والمدرّسين وعائلاتهم حول المخاطر البيئيّة والصحيّة الناجمة عن التخلّص الخطِر من النفايات الإلكترونيّة والبطاريات المنزليّة. كذلك، هدف البرنامج إلى تشجيع محلات الكومبيوتر والشركات والمصارف على فرز نفاياتها الإلكترونيّة من خلال برامج المدارس وبالتنسيق مع القطاعَين العام والخاص.

تضيف أنه في يناير/كانون الثاني 2011، أعدّت الجمعيّة مشروع مرسوم بهدف وضع مبادئ توجيهيّة لجمع النفايات الإلكترونيّة ومراقبتها من قبل الوزارات. ووزارة البيئة في صدد مراجعة المرسوم".
المساهمون