النظام السوري يعيد تضييق خناقه الأمني على مناطق سيطرته

01 اغسطس 2017
حواجز جديدة بإجراءات أقسى (فرانس برس)
+ الخط -
بعد تحييد دور الأفرع الأمنية في مناطق سيطرة النظام السوري، والآمنة إلى حدّ ما، بدأ النظام بتوجيه المهام الأمنية إلى فرع الأمن الجنائي التابع لوزارة الداخلية، وتفويض قوات "مكافحة الإرهاب" بالمهام الأمنية التي كانت تقوم بها الأفرع الأمنية في مدن النظام، كدمشق وحلب واللاذقية وطرطوس وحمص وحماة.
وفي حديث مع الناشط الميداني في دمشق، عمر مشهداني، قال لـ "العربي الجديد" إن النظام وبعد إزالته للكثير من حواجزه الأمنية في دمشق، وغيرها من المدن التي يبسط سيطرته عليها، عمل على تولية المهام الأمنية لقوات مكافحة الإرهاب والتي تتبع بدورها لفرع الأمن العسكري، الذي تم إنشاؤه بعد عام من بداية الثورة السورية في 2012 وذلك بنية توليته القبض على الإرهاب وملاحقته في المدن السورية، علماً بأنه لم يقم بأي مهام إلا ضد المدنيين كسائر الأفرع الأمنية الأخرى.
وبات دور "مكافحة الإرهاب" كحواجز مؤقتة تقف عبر سيارات وعناصر ينتشرون في الأزقة والشوارع، يلبسون لباسا أسود مكتوبا عليه "عناصر مكافحة الإرهاب"، وبقبعّات سوداء، وتعمل هذه الدوريات على إيقاف المارّة من الشبّان، وتفتيشهم وتفتيش أجهزة المحمول الخاصة بهم، مع مراجعة فرع الأمن العسكري ما إن كان هنالك أي تهمة أمنية حيال هذا الشاب، بهدف إيقافه.


أما في الساحل السوري، فيقول الناشط الإعلامي المعارض، يزن أبو عمر، وهو من مدينة طرطوس، بأن النظام بات متفرغاً لملاحقة المعتقلين السابقين، وممن كانت حولهم إشارات استفهام حيال قياداتهم لمظاهرات سلمية معارضة أو نشاطات إغاثية سابقة، واضطر سابقاً لإطلاق سراحهم، ليحين الوقت الذي يتمم فيه ملاحقة هؤلاء وإتمام الدراسة الأمنية حولهم وحول مصادر دعمهم السابقة، لأرشفة جميع تلك المعلومات، من أجل وضعهم تحت المراقبة لمنعهم من القيام بنشاطات معارضة أخرى.

وتم طلب الكثير من المعتقلين السابقين لمراجعة الأفرع الأمنية التي كانوا فيها، وذلك لأخذ معلومات أكثر عن أقاربهم وإخوانهم وعن عوائلهم وأمكنة سكنهم الجديدة، وما إذا كان هنالك أقارب لهم قد غادروا البلاد بطرق شرعية أو عن طريق مهربين، حتى وصل الأمر لاعتقال إخوة المعتقلين الموجودين إلى اليوم في سجون النظام، وذلك لاستكمال عمليات الأرشفة الأمنية عن معلومات جميع المعتقلين لديهم، والتي قال عنها الناشط يزن، إنها جديدة كلياً، وتختلف عما سبق من عمليات التحقيق بخصوص معلومات الأقارب والعوائل.
كما استدعت بعض الأفرع الأمنية، وخاصة فرعي الأمن العسكري والجوي، بعض الأهالي للتوقيع على شهادات وفاة أبنائهم وتسليمهم بطاقاتهم الشخصية، وعلى أوراق تثبت تسلمهم لجثث أبنائهم، فيما تخلي تلك الأرواق مسؤولية الأفرع الأمنية من تهمة قتل أبنائهم.
في ذات السياق، أكد الناشط الميداني في مدينة حماة، مؤيد الأشقر، لـ"العربي الجديد" وجود عمليات دراسة أمنية حول جميع عائلات مدينة حماة، وجمع المعلومات عن جميع المطلوبين للخدمتين الإلزامية والاحتياطية ممن هربوا خارج البلاد، وتخلفوا عنها، كذلك الفارين من يد النظام بسبب طلبهم الأمني، وجمع معلومات عن جميع المهاجرين إلى أوروبا، عبر مخافر الشرطة ومخاتير الأحياء.

وأشار إلى أن الكثير من أسماء المطلوبين الجديدة في حماة وغيرها هي لمراجعة الأفرع الأمنية للتحقيق بشأن أقارب مطلوبين أمنياً، أو فارين من الخدمتين الإلزامية والاحتياطية في قوات النظام، ويشرف على الطلب الأمني وعمليات التحقيق قسم مكافحة الإرهاب، التابع للأمن العسكري جنوبي مدينة حماة، عبر دراسات أمنية يقوم بها فرع الدراسات الموجود في كل فرع من الأفرع الأمنية الموجودة في حماة، وذلك بهدف جمع أكبر معلومات عن جميع المطلوبين وعوائلهم وما إن كانت هنالك اي حوالات مالية تصلهم من أبنائهم وعن كيفية وصولها لهم، حتى مراقبة والتحقيق بعمليات بيع وشراء أي ممتلكات تخص المطلوبين أو ذويهم، في تضييق جديد يخلقه النظام حول رقاب المعتقلين وذويهم في مدن سيطرته.


وعمل النظام فعلا على إزالة الحواجز في المدن القابعة تحت سيطرته، بالإضافة إلى محاولات لإعادة تلك المدن إلى وضعها السابق، لكنه عمل على خلق حواجز جديدة لا تختلف في مضمونها العملي عن عمل الحواجز المزالة، فالحواجز المؤقتة التي يشرف عليها عناصر مكافحة الإرهاب، بتعاملهم الفظ مع الشبّان والأهالي، هي أصعب بكثير من الحواجز التي كانت سابقا.