أعطى النظام المصري الحالي "قبلة الحياة" للتنظيمات العنفية، بعد عقودٍ من توقف النشاط، إثر فضّ اعتصامي أنصار الرئيس المعزول، محمد مرسي، في ميداني رابعة العدوية والنهضة في 14 أغسطس/آب 2013. وعلى مدار عامين، يدفع النظام الحاكم والأجهزة الأمنية، معارضيه إلى استخدام السلاح، بعد الضغوط الكبيرة عليهم، جرّاء تنفيذ عمليات قتل واعتقالات عشوائية وممنهجة، والزج بآلاف الشباب داخل السجون، فضلاً عن اعتماده التصفيات الجسدية التي باتت تتبعها وزارة الداخلية تجاه المعارضين.
ويعتبر مراقبون أن "فضّ رابعة والنهضة، كان نقطة تحوّل كبيرة في تفشّي العنف في مصر، وخصوصاً أنه تم استخدام القوة من قبل الشرطة والجيش في عمليات الفض". وظهرت إثر ذلك جماعات عنفية جديدة على الساحة المصرية، بينما طوّرت جماعات قديمة أداءها وتكتيكها. كما شُكّلت مجموعات تستهدف قوات الشرطة بإحراق سيارات خاصة لضباط أو دوريات أمنية.
ويتّضح من خلال ذلك، أن النظام وبخلفيته العسكرية، يعمل وفقاً لاستراتيجية "صناعة الإرهاب"، من خلال العنف الممارس من قبل الأجهزة الأمنية، وما يقابله من عنف مضاد، رداً على عمليات القتل والاعتقالات والتصفيات الجسدية. وينذر استمرار الأزمة الحالية، مع زيادة التنكيل والقتل والتصفيات لقيادات وأنصار التيار الإسلامي، بدخول مصر نفقاً مظلماً حقيقياً، بخلاف ما يسوق له النظام الحالي.
وتنشط الجماعات والتنظيمات "الجهادية" في وضع أقرب لما تشهده مصر من حالة خلافات وصراع كبير بين النظام الحالي بخلفيته العسكرية والأمنية، والتيار الإسلامي بشكل عام وتحديداً جماعة "الإخوان المسلمين".
وتروّج الجماعات العنفية، أن "عملياتها تأتي لنصرة المستضعفين، الذين تنال منهم الأجهزة الأمنية"، وسط دعوات لمؤيدي التيار الإسلامي بشكل عام لـ "حمل السلاح في مواجهة القبضة الأمنية".
اقرأ أيضاً: هل تورّط ضباط بالجيش المصري في اغتيال النائب العام؟
ونشأت أكثر من جماعة على الساحة المصرية خلال العامين الماضيين، وكان لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) نصيب كبير من الجماعات والعمليات، بعد إعلان جماعة "أنصار بيت المقدس"، التي تنشط في سيناء، مبايعة أمير "داعش" أبو بكر البغدادي، وتغيير الاسم إلى "ولاية سيناء".
وعدل التنظيم حتى قبل مبايعة "داعش"، استراتيجيته وأولوياته من استهداف الكيان الصهيوني بعمليات على الحدود مع الأراضي المحتلة، انطلاقاً من سيناء عبر إطلاق صواريخ على المستوطنات، إلى ما اعتبره "الثأر من القتلى سواء في رابعة والنهضة أو غيرها".
وبدأ التنظيم تنفيذ عمليات كبيرة معتمداً على سلاح "المفخخات" خارج سيناء، لناحية استهداف مديريات الأمن ومقرات أمنية وعسكرية. وتطورت قدرات التنظيم بشكل كبير عقب مبايعة "داعش"، غير أن أغلب العمليات اقتصرت على سيناء بشكل أساسي. ومن المرجح تشكيل مجموعة تابعة للتنظيم في القاهرة أو ضواحيها، كالمجموعة التي استهدفت القنصلية الإيطالية في منطقة وسط البلد، في يوليو/تموز الماضي.
وخلافاً للجماعات التي تملك هيكلاً تنظيمياً وإدارياً محدداً، ونفّذت عمليات كبيرة ضد قوات الجيش والشرطة، فإنه لا يُمكن استبعاد مجموعات وأفراد ما اصطلح على تسميتهم "الذئاب المنفردة". وقد نفّذ مجهولون، وفقاً لهذه الاستراتيجية، عمليات عدة ضد قوات الشرطة في عدد من المحافظات.
ويقول باحث في الحركات الإسلامية، إن "التنظيمات التي ظهرت فجأة، انعكاس طبيعي للأزمة الحالية التي تشهدها مصر من الإطاحة بمرسي من سدة الحكم". ويضيف الباحث، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ "العربي الجديد"، أن "العنف لا يولّد إلا عنفاً، وكل التجارب التي شهدها العالم من اضطهاد السلطة لأي جماعة سياسية أو دينية، يتولّد عنها رد فعل عنيف". ويؤكد أن "استمرار الأزمة يجعل كثراً يؤمنون بحمل السلاح وانتهاج العنف، رداً على عمليات التنكيل والقتل والتعذيب والتصفيات الجسدية".
ويلفت إلى أن "الشعور بالقهر والظلم يدفع البعض إلى حمل السلاح أو على الأقل التفكير بالعنف، حتى إذا ما حانت فرصة لحمل السلاح سيفعلون". ويشدد على أن "النظام يجيد مثل كل الأنظمة السلطوية والبوليسية في صناعة عدوٍّ له، من خلال الضغط عليه ودفعه للقيام بأعمال عنف، لذلك كانت قيادات الحركة الإسلامية تدعو أنصارها لضبط النفس مهما حدث من استفزاز، منعاً للدخول في صدام عنيف وقوي وإعطاء مبرر للنظام الحالي بمزيد من التنكيل". وحول وضع هذه الجماعات، يشير الباحث إلى أن "الوضع في مصر خطير للغاية، نظراً لعودة بعض من سافر إلى مناطق الصراع، لتأسيس جماعات جديدة أو الانضمام لتنظيمات قائمة بالفعل، وهو ما يشكل ثقلاً لتلك التنظيمات". ويُحذّر من "مغبة استمرار الأزمة وانخراط أنصار التيار الإسلامي في جماعات عنيفة، لأن هذا ينذر بحرب عصابات تطاول جميع محافظات مصر".
من جانبه، يقول الخبير الأمني، العميد حسين حمودة، إن "فض رابعة والنهضة تم بشكل مبالغ فيه، وما كان يحتاج لكل هذه الدماء التي سالت". ويضيف حمودة لـ "العربي الجديد"، أن "فض اعتصامات أنصار مرسي، تمّ بخطة غير جيدة تماماً، وكان لا بدّ من محاكمة المسؤولين عنها بشكل قاطع". ويشير إلى أن "عمليات القتل الخطأ التي وقعت في رابعة والنهضة، دفعت البعض إلى اللجوء إلى العنف، بفعل الوضع والأزمة والضغط الأمني".
وبشأن الجماعات المتطرفة، يؤكد حمودة أن "التنظيمات لها أهداف أخرى، لناحية القول بإقامة الخلافة والإيمان الكامل بحمل السلاح في مواجهة الدولة، والعنف خلق بيئة مناسبة لإعادة إنتاج نفسها مرة أخرى". ويشرح أن "كل من يشعر بالظلم أو مُعتقل في السجون ينظر إلى تلك التنظيمات على أنها المُخلِّص له، من باب دفع الظلم عنه، وبهذه الطريقة يتزايد أعداد تلك التنظيمات". ويشير إلى أن "تنظيم ولاية سيناء على سبيل المثال غيّر وجهته من استهداف إسرائيل إلى الداخل، عبر قتال ومواجهات مع الجيش والشرطة، سواء في سيناء أو خارجها". وبشأن الوضع الأمني وضبط تلك التنظيمات، يلفت إلى أن "الأجهزة الأمنية في مصر منشغلة بالأمن السياسي للنظام الحالي ومطاردة المعارضين، بغياب وجود رؤية للتعامل مع التنظيمات الإرهابية التي تشكل خطراً كبيراً على بقاء الدولة".
اقرأ أيضاً مصر: سيوة تنذر بالخطر... وزيارة سيناء لتهديد المعارضين
ويعتبر مراقبون أن "فضّ رابعة والنهضة، كان نقطة تحوّل كبيرة في تفشّي العنف في مصر، وخصوصاً أنه تم استخدام القوة من قبل الشرطة والجيش في عمليات الفض". وظهرت إثر ذلك جماعات عنفية جديدة على الساحة المصرية، بينما طوّرت جماعات قديمة أداءها وتكتيكها. كما شُكّلت مجموعات تستهدف قوات الشرطة بإحراق سيارات خاصة لضباط أو دوريات أمنية.
ويتّضح من خلال ذلك، أن النظام وبخلفيته العسكرية، يعمل وفقاً لاستراتيجية "صناعة الإرهاب"، من خلال العنف الممارس من قبل الأجهزة الأمنية، وما يقابله من عنف مضاد، رداً على عمليات القتل والاعتقالات والتصفيات الجسدية. وينذر استمرار الأزمة الحالية، مع زيادة التنكيل والقتل والتصفيات لقيادات وأنصار التيار الإسلامي، بدخول مصر نفقاً مظلماً حقيقياً، بخلاف ما يسوق له النظام الحالي.
وتروّج الجماعات العنفية، أن "عملياتها تأتي لنصرة المستضعفين، الذين تنال منهم الأجهزة الأمنية"، وسط دعوات لمؤيدي التيار الإسلامي بشكل عام لـ "حمل السلاح في مواجهة القبضة الأمنية".
اقرأ أيضاً: هل تورّط ضباط بالجيش المصري في اغتيال النائب العام؟
ونشأت أكثر من جماعة على الساحة المصرية خلال العامين الماضيين، وكان لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) نصيب كبير من الجماعات والعمليات، بعد إعلان جماعة "أنصار بيت المقدس"، التي تنشط في سيناء، مبايعة أمير "داعش" أبو بكر البغدادي، وتغيير الاسم إلى "ولاية سيناء".
وعدل التنظيم حتى قبل مبايعة "داعش"، استراتيجيته وأولوياته من استهداف الكيان الصهيوني بعمليات على الحدود مع الأراضي المحتلة، انطلاقاً من سيناء عبر إطلاق صواريخ على المستوطنات، إلى ما اعتبره "الثأر من القتلى سواء في رابعة والنهضة أو غيرها".
وبدأ التنظيم تنفيذ عمليات كبيرة معتمداً على سلاح "المفخخات" خارج سيناء، لناحية استهداف مديريات الأمن ومقرات أمنية وعسكرية. وتطورت قدرات التنظيم بشكل كبير عقب مبايعة "داعش"، غير أن أغلب العمليات اقتصرت على سيناء بشكل أساسي. ومن المرجح تشكيل مجموعة تابعة للتنظيم في القاهرة أو ضواحيها، كالمجموعة التي استهدفت القنصلية الإيطالية في منطقة وسط البلد، في يوليو/تموز الماضي.
وخلافاً للجماعات التي تملك هيكلاً تنظيمياً وإدارياً محدداً، ونفّذت عمليات كبيرة ضد قوات الجيش والشرطة، فإنه لا يُمكن استبعاد مجموعات وأفراد ما اصطلح على تسميتهم "الذئاب المنفردة". وقد نفّذ مجهولون، وفقاً لهذه الاستراتيجية، عمليات عدة ضد قوات الشرطة في عدد من المحافظات.
ويقول باحث في الحركات الإسلامية، إن "التنظيمات التي ظهرت فجأة، انعكاس طبيعي للأزمة الحالية التي تشهدها مصر من الإطاحة بمرسي من سدة الحكم". ويضيف الباحث، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ "العربي الجديد"، أن "العنف لا يولّد إلا عنفاً، وكل التجارب التي شهدها العالم من اضطهاد السلطة لأي جماعة سياسية أو دينية، يتولّد عنها رد فعل عنيف". ويؤكد أن "استمرار الأزمة يجعل كثراً يؤمنون بحمل السلاح وانتهاج العنف، رداً على عمليات التنكيل والقتل والتعذيب والتصفيات الجسدية".
ويلفت إلى أن "الشعور بالقهر والظلم يدفع البعض إلى حمل السلاح أو على الأقل التفكير بالعنف، حتى إذا ما حانت فرصة لحمل السلاح سيفعلون". ويشدد على أن "النظام يجيد مثل كل الأنظمة السلطوية والبوليسية في صناعة عدوٍّ له، من خلال الضغط عليه ودفعه للقيام بأعمال عنف، لذلك كانت قيادات الحركة الإسلامية تدعو أنصارها لضبط النفس مهما حدث من استفزاز، منعاً للدخول في صدام عنيف وقوي وإعطاء مبرر للنظام الحالي بمزيد من التنكيل". وحول وضع هذه الجماعات، يشير الباحث إلى أن "الوضع في مصر خطير للغاية، نظراً لعودة بعض من سافر إلى مناطق الصراع، لتأسيس جماعات جديدة أو الانضمام لتنظيمات قائمة بالفعل، وهو ما يشكل ثقلاً لتلك التنظيمات". ويُحذّر من "مغبة استمرار الأزمة وانخراط أنصار التيار الإسلامي في جماعات عنيفة، لأن هذا ينذر بحرب عصابات تطاول جميع محافظات مصر".
وبشأن الجماعات المتطرفة، يؤكد حمودة أن "التنظيمات لها أهداف أخرى، لناحية القول بإقامة الخلافة والإيمان الكامل بحمل السلاح في مواجهة الدولة، والعنف خلق بيئة مناسبة لإعادة إنتاج نفسها مرة أخرى". ويشرح أن "كل من يشعر بالظلم أو مُعتقل في السجون ينظر إلى تلك التنظيمات على أنها المُخلِّص له، من باب دفع الظلم عنه، وبهذه الطريقة يتزايد أعداد تلك التنظيمات". ويشير إلى أن "تنظيم ولاية سيناء على سبيل المثال غيّر وجهته من استهداف إسرائيل إلى الداخل، عبر قتال ومواجهات مع الجيش والشرطة، سواء في سيناء أو خارجها". وبشأن الوضع الأمني وضبط تلك التنظيمات، يلفت إلى أن "الأجهزة الأمنية في مصر منشغلة بالأمن السياسي للنظام الحالي ومطاردة المعارضين، بغياب وجود رؤية للتعامل مع التنظيمات الإرهابية التي تشكل خطراً كبيراً على بقاء الدولة".
اقرأ أيضاً مصر: سيوة تنذر بالخطر... وزيارة سيناء لتهديد المعارضين