أعلنت قوات النظام السوري أنها عثرت على أطنان من مادة "سي فور" شديدة الانفجار، قالت إنها من مخلفات فصائل المعارضة في محافظة درعا جنوبي البلاد، فيما يواصل النظام محاولاته لترويض المحافظة أمنيًا عبر استقطاب قادة المعارضة السابقين.
ونقلت وكالة "سانا" الرسمية عن مصدر عسكري قوله "تمكن الجيش العربي السوري من العثور على كميات كبيرة من المواد المتفجرة في المنطقة الجنوبية: عبارة عن مادة (سي فور) وقُدرت كميتها بنحو ثمانية أطنان".
ونظمت وزارة الإعلام التابعة للنظام جولة للصحافيين في حقل زراعي يضم حلقات من المكعبات المربوطة ببعضها البعض، ملفوفة بقماش أبيض تحول إلى بني اللون جراء طمره تحت الأرض، بينما كان عناصر من قوات النظام يتجولون في المكان.
وحسب المصدر العسكري، فقد استخدمت هذه المادة في تفخيخ العربات وحشو الصواريخ التي كانت تستهدف المدن، مشيراً إلى أنه تم العثور عليها "في مستودعات تحت الأرض، قامت المجموعات المسلحة بطمرها فيها قبل تحرير هذه المنطقة".
وأضاف المصدر العسكري أنها "مواد باهظة الثمن يتم تسليمها حصراً للجيوش بموجب صفقات وعقود"، وتوقع أن يكون قد تم "إدخالها عبر البلدان المجاورة" من دون أن يحددها.
واستعادت قوات النظام السيطرة على محافظة درعا منتصف العام الماضي تحت ضغط عسكري كبير دفع الفصائل إلى التفاوض، لتنضم مدن وبلدات المحافظة تباعاً إلى اتفاقات تسوية جرى تطبيقها تدريجياً في درعا، ثم في محافظة القنيطرة المجاورة.
وذكرت مجموعة الأزمات الدولية، في تقرير نشرته الإثنين الماضي، أن النظام السوري لم يقدم الإمكانيات الكافية لاستقرار الجنوب، وقيد وصول المساعدات الإنسانية وإعادة المؤسسات الحكومية، ما جعل الظروف الأمنية والمعيشية محفوفة بالمخاطر، وهو ما يحول دون عودة اللاجئين بأمان.
وتقول مصادر محلية، إن النظام يحاول إعادة ترويض المحافظة برغم المنافسة الجارية بين روسيا وإيران للسيطرة على الجنوب السوري، واستقطاب قادة فصائل المعارضة السابقين بهدف إقامة تشكيلات عسكرية جديدة موالية للنظام.
وفي هذا الإطار، عاد القيادي السابق في الجيش السوري الحر، إياد قدور، إلى محافظة درعا قادماً، من الأردن وأجرى اتفاق "تسوية" مع قوات النظام السوري.
وتقول المصادر إن القائد السابق لـ"لواء المهاجرين والأنصار في درعا" عاد من الأردن قبل يومين، وذلك بعد خروجه من درعا قبل أشهر لرفضه اتفاق "التسوية" الذي وقعته الفصائل العسكرية حينها مع النظام برعاية روسية.
وبحسب المصادر، فإن عودة قدور ليست الأولى من نوعها، حيث توالت عودة قادة سابقين في فصائل المعارضة من الأردن بموجب تسويات يعقدونها مع أجهزة النظام الأمنية بهدف تكليفهم بمهام ضمن المنظومة الأمنية للنظام.
وكان رئيس النظام أوفد قبل يومين الى المحافظة رئيس شعبة المخابرات العسكرية، اللواء محمد محلا، في زيارة جال خلالها على عدد من مدن المحافظة وبلداتها، حيث قدم وعوداً للأهالي بالإفراج عن "بعض المعتقلين" المتواجدين في فروع "الأمن العسكري"، خاصة فرع السويداء وبشكل فوري. وقال محلا إنه "جاء بهدية، 28 معتقلاً من الأمن العسكري بدرعا"، وإنه "سيطلق سراحهم مباشرة". لكن مصادر محلية ذكرت أن أكثر من نصف الأشخاص الذين جرى الإفراج عنهم كانوا من ضمن عناصر الفيلق الخامس الموالي للنظام.
وتقول مصادر في الجنوب إن محلا عقد اجتماعات مع بعض قادة فصائل المعارضة السابقين قرب مدينة انخل شمالي درعا بهدف التنسيق معهم لتشكيل فصيل عسكري جديد، من المتوقع أن يترأسه عماد أبو زريق، بدعم من روسيا ودول إقليمية، بهدف تقليص نفوذ إيران في المنطقة.
جدير بالذكر أن أبو زريق نفسه كان في استقبال إياد قدور حين عودته من الأردن، ما يشير إلى أن قدور قد يكون له دور في التشكيل الجديد المتوقع.