لم يتوقف النظام السوري يوماً عن ممارسة العُنف. وتحت أي ضغط يُسلط عليه، يستطيع سريعاً، أن يُشكل إبدالاً عُنفياً أكثر قسوة وإيلاماً لضحاياه من السلاح والطائرات الحربية. ضحاياه الذين لا يتوقفون عن الارتعاد لعُنفه تحت أنظار العالم. ما أن يُجبر النظام دولياً على التوقف عن قصف حلب، حتى يضرب أهلها بإبدالٍ أقسى، بذلٌ مُركبٍ من خطابٍ على مستوى الإعلام المكتوب، أو إعلام الحرب المباشر، ما لم نتحدث عن الفيديوهات المُركبة، على سبيل المثال لا الحصر، في حالة التقرير الذي نشره التلفزيون السوري، عن استسلام عناصر المعارضة المسلحة وانضمامها لجنود النظام.
تحت باب الهدنة المفروضة إجبارياً على النظام بعد اتفاق أميركي - روسي، وذلك بعدم قصف المنطقة الشرقية من حلب، سارعت طائرات النظام إلى رمي منشورٍ إعلامي عسكري يُعنى بمسلحي المعارضة، وسكان المناطق المحاصرة في المدينة بالانسحاب منها على الفور، عبر طرق خصصها الروس والنظام السوري للأهالي.
والمنشور يضع صورةً لباص النقل الداخلي، وصورة أخرى لقتيلٍ مغطى بالدم، كاستعارة على مصير من لا يخرج. وكخيارٍ بين طريقين للنجاة. وحرص النظام على جعل لون الدم واضحاً.
تقنياً وأداتياً يردُ النظام على موجة الانتقادات الواسعة، التي طاولت صور باصات النقل الداخلي وهي تَنقُلُ ضمن عمليات التهجير القسري أهالي ريف دمشق وحمص إلى إدلب، إذ أصبح الباص رمزاً لتهجير السوريين وقهرهم، يُرسل النظام هذه الباصات العاملة والتي دفع السوريون ضرائب ليحصلوا عليها وعلى خدماتها، لكي تنقلهم إلى مدن أخرى، بعد أن يُفقدهم النظام قسراً أي حق في أماكن عيشهم وولادتهم.
هذا الاختيار مدروس، كردٍ على طيف المعارضة المتذمر، وعلى أهالي سورية الغاضبين من الرمزية الحتمية التي بات الباص يحملها. خاصة أن النظام وصفحاته الإعلامية لم تتوان عن الاستهزاء بالمعارضة وأهلها من المدنيين بمقولات شاعت "أهالي المعضمية قربوا يطلعوا بالباص"، "دور مين بالباص الأخضر الحلو". ... إلخ.. وغيرها من مقولات مستفزة تبناها النظام على لسان مؤيديه ليكون موجوداً ضمن الوجه الآخر لحربه العسكرية، أي وجهه العنفي بلغة التراجيديا المُرعبة والصورة القاتلة.
ويمارس النظام السوري هنا أساليب قهر رمزي تعدت الفاشية، فضلا عما يرتكبه من جرائم لإدامة العنف ولا يستطيع الخروج منها، إلا بإبدالها بعنف آخر، يقحم فيها الدولة في وسائل وأدوات عُنفية كيدية، تتشابه مع أدنى التعبيرات الأهلية التراحمية.
من منظورٍ آخر يستثمر النظام هذا المنشور لدى مواليه، الذين يتمكنون من التبرير لأنفسهم في حال قصف النظام لآلاف البشر بالبراميل المتفجرة والصواريخ الحديثة، وقتلت هذه المتفجرات الآلاف بعد الآلاف، بوضع المنشور أمام معارضي النظام والمنظمات الإنسانية وأمام كل معترض على جرائم النظام في حلب قائلين: "ألم يقل لكم النظام اخرجوا ووزع المناشير لتحذيركم"، هذا ما يكفي الموالين والنظام لارتكاب أفظع الجرائم والقبول بها.
النظام وبعد تدميره شبه الكامل لحلب، بات يستعين بالمناشير كلغة مبطنة بالتهديد للأهالي هناك، وفي الوقت ذاته يحصل على تبرير "أخلاقي" من مواليه، وهذه سياسة لا تعدو كونها إلا تبديلا للعنف بعنف آخر.
اقــرأ أيضاً
تحت باب الهدنة المفروضة إجبارياً على النظام بعد اتفاق أميركي - روسي، وذلك بعدم قصف المنطقة الشرقية من حلب، سارعت طائرات النظام إلى رمي منشورٍ إعلامي عسكري يُعنى بمسلحي المعارضة، وسكان المناطق المحاصرة في المدينة بالانسحاب منها على الفور، عبر طرق خصصها الروس والنظام السوري للأهالي.
والمنشور يضع صورةً لباص النقل الداخلي، وصورة أخرى لقتيلٍ مغطى بالدم، كاستعارة على مصير من لا يخرج. وكخيارٍ بين طريقين للنجاة. وحرص النظام على جعل لون الدم واضحاً.
تقنياً وأداتياً يردُ النظام على موجة الانتقادات الواسعة، التي طاولت صور باصات النقل الداخلي وهي تَنقُلُ ضمن عمليات التهجير القسري أهالي ريف دمشق وحمص إلى إدلب، إذ أصبح الباص رمزاً لتهجير السوريين وقهرهم، يُرسل النظام هذه الباصات العاملة والتي دفع السوريون ضرائب ليحصلوا عليها وعلى خدماتها، لكي تنقلهم إلى مدن أخرى، بعد أن يُفقدهم النظام قسراً أي حق في أماكن عيشهم وولادتهم.
هذا الاختيار مدروس، كردٍ على طيف المعارضة المتذمر، وعلى أهالي سورية الغاضبين من الرمزية الحتمية التي بات الباص يحملها. خاصة أن النظام وصفحاته الإعلامية لم تتوان عن الاستهزاء بالمعارضة وأهلها من المدنيين بمقولات شاعت "أهالي المعضمية قربوا يطلعوا بالباص"، "دور مين بالباص الأخضر الحلو". ... إلخ.. وغيرها من مقولات مستفزة تبناها النظام على لسان مؤيديه ليكون موجوداً ضمن الوجه الآخر لحربه العسكرية، أي وجهه العنفي بلغة التراجيديا المُرعبة والصورة القاتلة.
ويمارس النظام السوري هنا أساليب قهر رمزي تعدت الفاشية، فضلا عما يرتكبه من جرائم لإدامة العنف ولا يستطيع الخروج منها، إلا بإبدالها بعنف آخر، يقحم فيها الدولة في وسائل وأدوات عُنفية كيدية، تتشابه مع أدنى التعبيرات الأهلية التراحمية.
من منظورٍ آخر يستثمر النظام هذا المنشور لدى مواليه، الذين يتمكنون من التبرير لأنفسهم في حال قصف النظام لآلاف البشر بالبراميل المتفجرة والصواريخ الحديثة، وقتلت هذه المتفجرات الآلاف بعد الآلاف، بوضع المنشور أمام معارضي النظام والمنظمات الإنسانية وأمام كل معترض على جرائم النظام في حلب قائلين: "ألم يقل لكم النظام اخرجوا ووزع المناشير لتحذيركم"، هذا ما يكفي الموالين والنظام لارتكاب أفظع الجرائم والقبول بها.
النظام وبعد تدميره شبه الكامل لحلب، بات يستعين بالمناشير كلغة مبطنة بالتهديد للأهالي هناك، وفي الوقت ذاته يحصل على تبرير "أخلاقي" من مواليه، وهذه سياسة لا تعدو كونها إلا تبديلا للعنف بعنف آخر.