النظام السوري وحلفاؤه يستردون البوكمال...ومجزرة جديدة في غوطة دمشق

18 نوفمبر 2017
جدّدت طائرات النظام غاراتها على غوطة دمشق (عمار ساب/الأناضول)
+ الخط -
أدى الضغط العسكري لقوات النظام السوري، لمدة 3 أيام، بدعم كبير من "حزب الله" ومليشيات عراقية، وغارات مكثفة من الطيران الروسي، بينها تنفيذ 6 قاذفات استراتيجية روسية غارات أمس السبت على مدينة البوكمال وريفها، إلى سيطرة قوات النظام على معظم البوكمال، آخر مدينة تحت سيطرة تنظيم "داعش" في سورية، فيما تواصلت الحملة الدموية التي تشنها قوات النظام على مدن وبلدات الغوطة الشرقية لدمشق. في موازاة ذلك، أعلنت وزارة الخارجية التركية، أمس السبت، أن وزير الخارجية، مولود جاووش أوغلو، سيجتمع بنظيريه الروسي سيرغي لافروف، والإيراني محمد جواد ظريف، في مدينة أنطاليا التركية اليوم. وأوضحت الخارجية، في بيان، أن الاجتماع يأتي في إطار التحضير لقمة تجمع قادة الدول الثلاث، من المقرر عقدها الأربعاء المقبل في منتجع سوتشي الروسي، لبحث الأزمة السورية والتطوّرات في المنطقة.

وذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أمس السبت، "سيطرت قوات النظام السوري مع حلفائها حزب الله والحرس الثوري الإيراني والمليشيات العراقية على أكثر من 80 في المئة من مدينة البوكمال، إثر هجوم واسع بدأته ليل الجمعة". ودخلت قوات النظام إلى المدينة الخميس الماضي، وتمكنت من "دفع التنظيم للتراجع إلى القسمين الشمالي الشرقي والشمالي من المدينة، حيث تتركز المعارك حالياً". وترافقت المعارك مع غارات سورية وأخرى روسية كثيفة. وذكرت وزارة الدفاع الروسية، أمس، "أن 6 قاذفات بعيدة المدى من طراز تو- 22 إم 3، قامت بشن ضربة جوية جماعية على مواقع لتنظيم داعش الإرهابي في منطقة مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور". وأوضحت، في بيان، أن "المواقع التي تم استهدافها، هي تجمعات للقوى الحية والمعدات العسكرية للعدو ومستودعات للذخائر"، مشيرة إلى أن مقاتلات "سوخوي" أقلعت من مطار حميميم شاركت في الغارات. وقال مدير "المرصد" رامي عبد الرحمن إن قوات النظام تتقدم "بحذر" في محاولة لتثبيت وجودها في المدينة وصد أي هجوم معاكس محتمل لعناصر "داعش".

وكانت قوات النظام أعلنت في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي استعادة البوكمال، لكن عناصر "داعش" نجحوا بعدها ببضعة أيام في انتزاع السيطرة عليها مجدداً. ونقل التلفزيون التابع للنظام مشاهد مباشرة من البوكمال، تظهر أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد من أحياء في المدينة فيما يسمع دوي القصف. وذكر إن قوات النظام تعمل حالياً على "اقتحام المناطق المتبقية للتنظيم الإرهابي في الجهة الشرقية من البوكمال"، موضحاً أن "أكثر ما يعيق تقدم وحدات الجيش السوري هو التفخيخ الكبير من قبل داعش ومحاولته استخدام الأهالي كدروع بشرية".




في غضون ذلك، واصلت قوات النظام السوري لليوم الرابع على التوالي شنّ هجمات عنيفة، أسقطت عشرات الضحايا المدنيين في مدن وبلدات الغوطة الشرقية لدمشق، إذ قتلت الغارات، أمس السبت، ستة مدنيين في بلدة مديرا، في الوقت الذي تستمر فيه معارك "إدارة المركبات" في حرستا. وقالت القوات المهاجمة للنظام إنها أحرزت تقدماً، ضمن المعركة التي سمّتها "بأنهم ظلموا"، وقد أطلقتها، بحسب بيان "أحرار الشام"، على خلفية "تفاقم الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية، وتتكرر استهدافات قوات النظام لمدن وبلدات الغوطة الشرقية، على الرغم من أنها تتبع مناطق خفض التصعيد". ومنذ فجر أمس، جدّدت طائرات النظام الحربية شن غارات على مدن وبلدات غوطة دمشق الشرقية، موقعة قتلى وجرحى بين المدنيين. وأغارت الطائرات، نحو الساعة الثالثة فجراً، على بلدة مديرا، ما أدى إلى مقتل ستة مدنيين، فضلاً عن إصابة آخرين، بينهم نساء وأطفال. كذلك استهدفت الطائرات الحربية مدينة حرستا. وتحدث نشطاء عن سقوط ضحايا في حرستا، وذلك بعد يوم من مقتل وإصابة العشرات بغارات على مناطق عدة في الغوطة الشرقية، أعنفها على دوما التي سقط فيها سبعة قتلى من المدنيين بهذه الهجمات.

وذكر "مركز الغوطة الإعلامي"، الذي يديره نشطاء، في ريف دمشق، أن حصيلة الأيام الأربعة الماضية، من حملة القصف التي تشنها طائرات النظام على بلدات ومدن الغوطة الشرقية، بلغت حتى أمس السبت 74 قتيلاً ونحو 300 جريح، مؤكداً أن بين القتلى 14 طفلاً و8 سيدات. إلى ذلك، تتواصل المعركة التي فتحتها "حركة أحرار الشام" وفصائل أخرى في "إدارة المركبات" في مدينة حرستا لليوم الخامس على التوالي. وقالت القوات المهاجمة إنها أحرزت مزيداً من التقدّم في المساحات العسكرية التي تعتبر شديدة التحصين، وسط اعتراف وسائل إعلام موالية للنظام بتكبّدها خسائر بشرية كبيرة في هذا الهجوم المفاجئ. وكانت "حركة أحرار الشام" وفصائل أخرى قد أطلقت الثلاثاء الماضي معركة بشكل مباغت، وأعلنت تحقيقها تقدماً "مهماً" في اشتباكات اليوم الأول، الذي قُتل فيه عدد من عناصر وضباط النظام، بينهم ضابط كبير برتبة لواء، كشفت مصادر النظام لاحقاً اسمه، وهو وليد خواشقي. و"إدارة المركبات" عبارة عن تجمع ثكنات عسكرية لقوات النظام، وهي شديدة التحصين، على اعتبار أنها تعتبر من أهم المقرات العسكرية للنظام ضمن الغوطة الشرقية لدمشق. وحصّنت قوات النظام "إدارة المركبات" مع اشتداد المعارك في الغوطة الشرقية في 2012، إذ استقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والفرقة الرابعة، ونصبت فيها مدفعية ثقيلة وراجمات صواريخ، فضلاً عن أنها مقر للدبابات والمدرعات.

ولم تمض سنة منذ الـ2012 إلا وهاجمت فصائل المعارضة السورية الموجودة في الغوطة تجمّع الثكنات العسكرية المُسمى "إدارة المركبات"، لكن هدوءاً نسبياً شهدته المنطقة منذ مطلع العام الحالي، بعد آخر هجوم للفصائل هناك، قبل أن تفتح "أحرار الشام" الثلاثاء الماضي معركة أطلقت عليها اسم "بأنهم ظلموا"، وقالت إنها تأتي "على خلفية تفاقم الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية، وتكرر استهدافات قوات النظام مدن وبلدات الغوطة الشرقية، على الرغم من أنها تتبع لمناطق خفض التصعيد". وعلى الرغم من تحفّظ القوات المهاجمة عن ذكر تفاصيل حول الهجوم وتطوراته، إلا أنّها قالت، منذ يومين، إنها سيطرت على ما يقدر بنصف مساحة "إدارة المركبات"، وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد" في العاصمة السورية، إن "أصوات الاشتباكات سمعت بوضوح في دمشق صباح السبت"، بينما لاحظ سكان العاصمة تكثيف حركة الطيران الحربي، الذي كان قد غاب عن سماء المدينة خلال الأسابيع القليلة الماضية التي تلت توقيع اتفاقي "خفض التصعيد" مع "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن" في الغوطة الشرقية.