النسخ العربية لجمهورية الموز

31 يوليو 2015
هدى لطفي/ مصر
+ الخط -

"حكم العسكر"، عبارة تبدو لنا قادرة لوحدها على اختصار التاريخ القريب للعالم العربي، ألفناها وتآلفنا معها إلى حدّ أنّنا غدونا عاجزين عن رؤية مدى التباسها وتعقيدها.

بالنسبة لنا، "حكم العسكر" هو جمهورية الموز في طبعتها العربية: عائلة مافيوية  تحمل النياشين وتحكم بأجهزتها الأمنية وركيزتها العشائرية بنى دولتية من تنك. غالباً ما يفوتنا أن الثقافة العسكرية كانت، وحتى عهدٍ قريب، العلامة الفارقة للحضارة الغربية، وهو أمر يتبجّح به مستشرقو القرن التاسع عشر في معرض تقريعهم للشرق التجاري والرخو.

إن كانت الثقافة البروسية الإسبرطية جرّت الويلات على الغرب ودفعت به إلى حربين عالميتين كارثيتين، فقد أعطته في الآن نفسه أبرز فلاسفته وأدبائه وموسيقييه. صفات الانضباط والنزاهة واحترام القوانين والإخلاص في العمل التي نثمّنها لدى شعوب أوروبا الشمالية هي من رواسب هذه الثقافة.

قبل هزيمة الجيوش العربية المدوية في 1967، كانت حنا أرندت قد نبّهت إلى أن الهزائم العربية خطرة لأنها تظهر فراغ السلطة في الكيانات العربية المستحدثة وخوائها من البنى المؤسساتية.

الفراغ المسؤول عن تلك الهزائم كان أولاً فراغ البنى المؤسساتية العسكرية، التي تشكل بدورها  كلاًّ لا يتجزّأ مع البنى الدولتية الأخرى التي أنتجها النموذج الاجتماعي العسكري الغربي.

بالطبع، يجب ألاّ ينسينا ذلك أن "حكم العسكر" الغربي صار بدوره نموذجاً آفلاً بعد هزيمته شر هزيمة في الحربين العالميتين، ومن بعدها في الحرب الباردة.

المساهمون