كل شيء تغيّر الآن مع إصدار رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، يوم الثلاثاء، قراراً بضمّ النخيب إلى قيادة عمليات محافظة كربلاء، عقب اجتماع ضمّه مع عدد من قادة التحالف الدولي، وبالتزامن مع ورود أنباء عن عودة قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، إلى العراق.
كما أوعز العبادي بانتشار القوات الأمنية، ممثلة بالجيش والشرطة فيها. غير أن المدينة شهدت منذ فجر أمس الأربعاء، انتشار المئات من مقاتلي مليشيا "كتائب الإمام علي" ومليشيا "قاصم الجبارين"، التي أعلنت في وقت سابق مبايعتها للولي الفقيه في إيران، فضلاً عن مليشيا "العصائب"، بصحبة مستشارين إيرانيين، دفعت عشيرتي شمر وعنزة، اللتين تسكنان المنطقة منذ قرون، الى إعلان النفير.
وقال مسؤول في حكومة الأنبار المحلية، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المئات من مليشيا الحشد الشعبي، بأسماء ورايات مختلفة دخلوا مع قوات نظامية من محافظة كربلاء ومستشارين إيرانيين المدينة، بذريعة منع سقوطها بيد داعش، على رغم أن التنظيم أمضى عاماً ونصفاً بالأنبار من دون مهاجمة النخيب". وكشف المسؤول أنّ "القوات مجهّزة بأسلحة متوسطة وخفيفة، وتصلها إمدادات عسكرية قد تضم أسلحة ثقيلة".
اقرأ أيضاً: "الحشد الشعبي" وقوات إيرانيّة تتسلل للأنبار وتقترب من السعودية
من جهته، أفاد الزعيم القبلي في عشيرة شمّر، فواز المشحن، لـ"العربي الجديد"، أن "الخطوة تؤزم وتخلق المشاكل، واذا رغبت الحكومة بالمشاكل فنحن أهلٌ لها". وتابع "أبلغنا بعض المسؤولين أن الخطوة ايرانية بحت تجاه السعودية، لأن طهران تريد خلق أوراق ضغط جديدة على الرياض من خلال النخيب".
أما عضو مجلس محافظة الأنبار مزهر الملا، فأشار في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "النخيب مدينة تابعة للأنبار، ولن نسمح بسيطرة الحشد الشعبي عليها". وأضاف أنّ "عمليّة الاستيلاء على الأراضي أمر مرفوض، وهي محاولة لتقسيم العراق، ومحاولة للاعتداء على الأنبار تحديداً".
وأشار إلى أنّ "هذه الجهات استغلّت وجود داعش في الأنبار وانشغال أبناء المحافظة بقتاله، وبدأت بتنفيذ أجندتها التي تؤثر سلباً على وحدة البلاد". وأكّد أنّ "دخول النخيب هي خطوة تصب بمصلحة داعش، من خلال شغل أبناء الأنبار في موضوع المدينة، الأمر الذي سيضعف جبهات المواجهة مع التنظيم، ويتسبّب بالتالي بفتح ثغرات له، سيستغلها بالتقدم في جبهات عدّة". وأضاف أنّ "الموقف لا يتحمل فتح جبهات داخلية أخرى، وعلى تلك الجهات وحكومة بغداد تفهّم خطورة ذلك جيداً، وأن تجد حلاً لهذه الأزمات".
ودعا الملا إيران إلى أن "تفهم أنّ التحالف العربي لن يسمح لها بالاقترب نحو حدود السعودية، فعملية دخول الحشد إلى تلك المناطق سيُعقّد من مشكلة العراق، ويجعل منه الهدف الثاني للتحالف العربي بعد الانتهاء من اليمن". كما أعرب مجلس الأنبار عن "تفاجئه من دخول الحشد واختراقه المحافظة".
وذكر المجلس في بيان صحافي، أنّ "بلدة النخيب الواقعة على مسافة 400 كيلومتر جنوب غرب الرمادي، والتي تربطها بمحافظة كربلاء، مؤمنة بالكامل وتحت سيطرة قوات الجيش والشرطة والأمن الوطني وبقية القيادات الأمنية الأخرى، كما أنّ جميع الدوائر فيها تعمل بصورة طبيعية، ولا وجود لتنظيم داعش فيها". وأضاف أنّ "أعداداً كبيرة من الحشد الشعبي دخلت من محافظة كربلاء إلى البلدة، وتمركزت فيها من دون علم مجلس الأنبار".
وطالب المجلس، العبادي بـ"إصدار أمر بسحب قوات الحشد الشعبي من البلدة، وإعادتها إلى كربلاء"، لافتاً الى أن "الناحية لا تحتاج الى تواجد قوات الحشد فيها". في المقابل، ردّ عضو مجلس محافظة كربلاء، محمد الموسوي على الاتهامات بالقول: "إن دخول المليشيات جاء تنفيذاً لأمر حكومي وليس له بعد سياسي". ولفت الموسوي في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "دخول القوات جاء تنفيذاً لأوامر قيادة عمليات الفرات الأوسط، التي تتبع لها". وأضاف أن "الهدف من دخولها هو تأمين المنطقة وأهاليها من خطر داعش، ومنعه من التمدّد في الأنبار باتجاه محافظة كربلاء، بعد أن سيطر على منطقة الرطبة المتاخمة للنخيب".
من ناحيته، قال رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح الكرحوت، في مؤتمر صحافي مساء أمس، إنه "طالب العبادي بسحب عناصر الحشد الشعبي من النخيب وإرسالها إلى مناطق تحتاج إلى دعمٍ أمني وتشهد خروقات أمنية متكررة".
وأكد أن "الوضع الأمني في النخيب آمن، ولم تشهد المنطقة أي خرق منذ احتلال داعش عدداً من مناطق المحافظة". وأشار إلى أن "وجود عناصر الحشد الشعبي في النخيب غير مبرر، وسيخلق نوعاً من المشاكل بين حكومتي بغداد والأنبار، فضلاً عن نشوب صراعات بين عشائر المحافظة وعناصر الحشد، المدعوم بشكل لا محدود من قبل الحكومة المركزية".
وتُطالب كربلاء منذ العام 2010 بضم النخيب إليها، ووضعها تحت طائلة البند 140 من الدستور، المتضمن المناطق المتنازع عليها تحت ذرائع تاريخية، تعتبر الأنبار أنها تمتلك أدلة ووثائق تشير إلى أن المدينة "أنبارية" في ظلّ وجود خرائط عثمانية وبريطانية تؤكد ذلك.
ووصف القيادي في "جبهة الحراك الشعبي" العراقي محمد عبد الله، خطوة الحكومة والمليشيات باتجاه النخيب بـ"الخطوة الإيرانية الواضحة". وأوضح في تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الجميع يعلم أن لا إرادة في بغداد وأن ايران تبتلع جميع دوائر القرار فيها، ومثل هذه الخطوة جعلت السعودية حدودية مع إيران، بعدما كانت حدودية مع العراق الممثل بالعشائر العربية".
وشدد على أن "تواجد مليشيات إيرانية على بعد 10 كيلومترات من أول البلدات السعودية، يعني الكثير سياسياً وأمنياً للمملكة، لذا نتوقع أن يكون استيطان تلك المليشيات ضمن مخططات إيرانية للضغط على السعودية، بالتالي نتمنى تدويل قضية النخيب".
اقرأ أيضاً: مليشيات عراقية تصدر "قوائم سوداء" تستهدف النازحين