أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد "ألينسباخ" الألماني أنّ النُخب السياسية والاقتصادية تنظر بإيجابية أكبر لمسألة تدفق اللاجئين بشكل كبير إلى ألمانيا، مقارنة بمعظم المواطنين.
وتُظهر نتائج الاستطلاع أنّ 31 في المائة من الألمان يعتبرون أنّ ألمانيا لديها القدرة على استيعاب المزيد من اللاجئين والمهاجرين. ويقول المعهد إنّ الألمان ما زالوا حتى اليوم يتعاملون مع الزيادة الكبيرة في أعداد اللاجئين "بنوع من الارتياح نسبياً". ويعود هذا الارتياح إلى رضى الألمان عن الوضع الاقتصادي الجيد الذي تعيشه البلاد، والذي لم تشهد له مثيلاً منذ ثلاثة عقود.
كذلك يشير الاستطلاع إلى أنّ النخب الألمانية في مجالي السياسة والاقتصاد هي التي تتعامل بإيجابية أكبر مع التدفق غير المسبوق للاجئين، مقارنة ببقية فئات الشعب الألماني. فقد أعرب 78 في المائة من النخب الألمانية عن تأييدهم استقبال المزيد من المهاجرين واللاجئين. وهذه المرة الثانية خلال العام الجاري التي تظهر فيها مثل هذه النتيجة بخصوص النخب الألمانية. وقد شمل الاستطلاع الأخير 500 مشارك من صنّاع القرار الألمان.
ويعود سبب هذا التباين الكبير بين رأي عامة المواطنين (31 في المائة) والنخبة السياسية والاقتصادية (78 في المائة) إلى أنّ صنّاع القرار يأخذون في حساباتهم سوق العمل ومشكلة التنوّع الديموغرافي. ويجدون أنّ بإمكان اللاجئين والمهاجرين أن يسدوا الفراغ في مجالات عديدة في سوق العمل. كذلك يغذي اللاجئون ألمانيا بعنصر الشباب الذي تفتقده البلاد وسط ارتفاع معدل الشيخوخة.
اقرأ أيضاً: ألمان يستقبلون لاجئين في منازلهم
ومن هذه النخب أشخاص بادروا بأنفسهم لاستقبال اللاجئين. ومنهم النائب المحافظ في البرلمان الألماني مارتن باتزليت من الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم، الذي فتح بيته للاجئين سكنا في الطابق العلوي مع ابنه الأكبر، وساعدهما في الحصول على عمل. وأوضح باتزليت سبب مبادرته هذه في مقابلة تلفزيونية، قال فيها إنّها مبادرة للمساعدة في إظهار أنّ بإمكان أي شخص أن يستقبل بعض اللاجئين، ومن ناحية أخرى المساهمة في إزالة العدوانية تجاه اللاجئين.
ويقول باتزليت إنّه واجب على الناس القيام به لنشر "ثقافة الشراكة وتوفير المأوى والعناية بالناس والترحيب بهم.. فكل هذه جسور صغيرة تساعد في منح اللاجئين وجوهاً وأسماء لكي يتمكنوا من إخراج أنفسهم من وضعية طالبي اللجوء المبهمة".
ويمكن أن يسهّل ترحيب هذه النخب الألمانية بالأعداد الكبيرة من اللاجئين على اللاجئين والألمان معاً تقبّل بعضهم البعض والتخفيف من الاحتقانات الموجودة في الشارع الألماني.
ومع ذلك، فإنّ هذه النُخب تُظهر نوعاً من الحيرة بخصوص كيفية التعامل مع العدد المتزايد من اللاجئين. ويكشف الاستطلاع أنّ 73 في المائة من المشاركين يعتبرون أنّ من الضروري إجراء تعديل كبير على سياسة اللجوء، وكذلك إعداد خطة متكاملة من أجل استيعاب الأعداد الهائلة من المهاجرين واللاجئين. كما يجدون أنّ من واجب الاتحاد الأوروبي وضع خطة لتوزيع اللاجئين على جميع الدول الأوروبية.
وتعتبر هذه النخب أنّ وضع خطة كاملة يساعد في تنظيم دخول اللاجئين والمهاجرين. وتجد أنّ سياسة الترحيب والاهتمام ضرورية لأنّ من واجب جميع المواطنين الألمان الوعي الكامل أنّ دخول هؤلاء إلى الأراضي الألمانية له الكثير من الإيجابيات، ويمكن الاستفادة منهم بشكل كبير بسبب النقص في اليد العاملة، فألمانيا تحتاج إلى سكان جدد بسبب تدني عدد المواليد وارتفاع معدل الشيخوخة.
وتحاول هذه النخب الوصول إلى تأييد الرأي العام بخصوص الترحيب باللاجئين والمهاجرين في ألمانيا من خلال التركيز على بعض الحالات الإنسانية للاجئين.
مبادرات شكر
مبادرات الحكومة الألمانية في استقبال اللاجئين، وغيرها من مبادرات المواطنين الألمان في مساعدتهم، دفعت لاجئين سوريين في ألمانيا إلى إطلاق حملة تحت شعار "شكراً ألمانيا". وهي حملة تهدف، بالإضافة لعنوانها العريض، إلى تغيير مواقف الكثير من الألمان الرافضين لاستقبال اللاجئين في بلادهم.
اقرأ أيضاً: هكذا يتوزّع اللاجئون في ألمانيا