31 ديسمبر 2020
النخبة القطرية والأزمة الخليجية
لوحظ في غضون أزمة العلاقات الخليجية الراهنة أن النخبة من الكفاءات والشخصيات القطرية، سواء الإعلاميين أو الأكاديميين والخبراء، اتصفت بتفاعل هادئ وبناء مع أزمة بلدهم في علاقته مع جيرانه في البيت الخليجي، فلفتت هذه النخبة الانتباه إليها، فقد أوضح تفاعلها مع الوضع الراهن للخارج أن دولة قطر لم تنجح في التنمية الاقتصادية والتعمير فقط، وإنما أن ينسحب نجاحها هذا بثقةٍ على التنمية البشرية، وفي إنتاج عقول وطنية، قادرة على الدفاع عن مصلحة شعبها القطري في أثناء الأزمات، بطريقةٍ تحتكم إلى مبادئ هذا الشعب وقيمه. وسواء كانت هذه النخبة من خريجي الجامعات القطرية أو الأجنبية، فإنها اشتركت في تبني خطاب هادئ وعقلاني، لا يحاكي إعلام الخصوم، ولا يستنسخ لغته، فقد حافظت الصفوة القطرية على أسلوب خطابي مهذب، من حيث اختيار المفاهيم واللغة المستخدمة.
انخرطت النخبة القطرية بكثافة وبقوة في علمية الدفاع عن بلدها وشعبها، فلم تكتف بالترقب والمتابعة من بعيد. وشكل هذا الامتحان التاريخي منبهاً مجتمعياً، جعل عقلاء قطر يعون حجم المهمة التي تقع على عائقهم والمسؤولية المترتبة عن أنهم متميزون، من حيث التحصيل العلمي والمستوى الثقافي. إذ يجسّدون عقل المجتمع وصوت الرصانة والحكمة فيه. والملاحظ أن النخبة القطرية لم تنفصل عن المجتمع الذي خرجت منه، وتكونت فيه، بل انحازت إليه، وإلى مصلحته، وراحت ترافع من أجله ضمن الأطر الأخلاقية والمهنية التي يؤمنون بها، والتي لا تشذ عن أعراف المجتمع القطري وتكوينه التاريخي الثقافي والديني.
لا يرى المجتمع القطري في نخبه التي تظهر في الإعلام الوطني والفضائيات الأجنبية موضحة موقف بلادها، ومدافعة عن مصالح شعبها، جماعات غريبة عنه فكرياً وطبقياً. بل يراها امتداداً غير متقطع للمجتمع ونظامه القيمي المتوارث. ويتفاعل الشعب القطري بإيجابية بالغةٍ مع نخبه، يظهر هذا لمن يتابع حسابات الشخصيات القطرية في مواقع التواصل الاجتماعي، فالمواطن القطري لا يرى صعوبة في فهم لغة صفوته وأسلوبها، ويعتبرها جزءاً منه. يعي ضرورة دخوله وانخراطه في عملية تكامليةٍ وتعاونيةٍ معها، من أجل تجاوز الأزمة، وتقديم صورة واضحة وحقيقية عن القيادة والشعب القطريين.
يستمد الشعب القطري ثقته بنخبته من ثقته وعلاقته القوية بقيادته، حيث يثبت الواقع أن المجتمعات التي تثق في حكامها وأنظمتها السياسية، هي تثق، بطريقة أو بأخرى، في نخبها الأكاديمية والإعلامية. هذا ما يبرّر تماسك الداخل القطري في أثناء الأزمة ووحدويته في مواجهة هذا الظرف الطارئ. يمثل هذا نقطة قوة قطر في هذا الظرف التاريخي الطارئ، ففي قطر على عكس الدول الأخرى، ليس هناك موقف شعبي وآخر قيادي وثالث نخبوي، وإنما هناك موقف وطني قطري متكامل ومتراص وواثق، نسجته الأزمة وثبتت أركانه. هنا، يمكن القول، إن من إيجابيات المنبه الذي أحدثته الأزمة الخليجية إيضاح مدى تكامل السياسي والمجتمعي والنخبوي، وتماسكه داخل الحاضنة المجتمعية القطرية، بحيث لا مكان للانقسام والتردّد.
إذا ما حللنا التركيبة القيمية للنخبة القطرية على ضوء الأزمة الراهنة، نجد أنها نخبة محافظة، متماسكة تنهج نهجاً دفاعياً على قيم الأمة، ملتزمة بصرامة بقيم المواطن القطري المتشبع بالأخلاق العربية والإسلامية. ولعل موطن القوة لدى النخبة القطرية، ولا يتوفر عند نخب عربية كثيرة، هو صفحتها التاريخية البيضاء، فأرشيفها يخلو من محطاتٍ هجومية في حق الآخر، ومن التحامل على دول وشعوب عربية، فلطالما كانت صفوة قطر صوت الحكمة والهدوء في المنطقة، في وقتٍ تورطت نخب كثيرة في مواقف أخلاقية كظلم قضايا الشعوب، والوقوف ضد خياراتها وتطلعاتها.
لم تقتصر جهود النخبة القطرية على العمل النخبوي الشخصي، ممثلاً في شخص المثقف أو الأكاديمي. بل تعدّاه إلى السلوك المؤسسي المنظم. وهنا، يمكن الإشارة إلى مهنية المؤسسات الإعلامية القطرية العمومية والخاصة، وكذا منظمات المجتمع المدني التي التزمت بقضايا شعبها ومواطنيه، واتخذت منها شعاراً لمرحلة الأزمة، ولعل الإعجاب الأكبر من صالح اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان، والتي دخلت في عملية استجابة محترفة مع ما أنتجه الحصار من تجاوزاتٍ في حق ساكني دولة قطر، مواطنين ومقيمين.
إن كانت الأعوام الماضية من تاريخ قطر أعوام زرع، فإن الحاضر يمثل لدولة قطر فترة حصاد، فسنين تشجيع التعليم، ودعم الإعلام، وابتعاث طلبة قطريين إلى الخارج، والتمسّك بالبحث العلمي ومأسسة المجتمع المدني، والاهتمام بكل ما من شأنه تعزيز قوة الدولة القطرية في شقها الناعم، أثمرت نخبةً قطريةً قادرةً على الدفاع عن مصالح الشعب وهويته. متصلةً بثقافة الفرد القطري وقضاياه غير منفصلة عنهما. وكذا حزمة مؤسّسية محترفة تعي أدوارها المجتمعية، ومسؤولياتها تجاه الدولة في الظروف العادية وفي الأزمات. إذن، أجابت الأزمة الراهنة عن سؤال النخبة القطرية: نعم، هناك نخبة قطرية مكتملة التكوين، واضحة القيم، هدفها محدّد، هو الدفاع عن شعبها وأمتها، والتصدّي لما من شأنه تهديدها أو التدخل في شؤونها الداخلية.
انخرطت النخبة القطرية بكثافة وبقوة في علمية الدفاع عن بلدها وشعبها، فلم تكتف بالترقب والمتابعة من بعيد. وشكل هذا الامتحان التاريخي منبهاً مجتمعياً، جعل عقلاء قطر يعون حجم المهمة التي تقع على عائقهم والمسؤولية المترتبة عن أنهم متميزون، من حيث التحصيل العلمي والمستوى الثقافي. إذ يجسّدون عقل المجتمع وصوت الرصانة والحكمة فيه. والملاحظ أن النخبة القطرية لم تنفصل عن المجتمع الذي خرجت منه، وتكونت فيه، بل انحازت إليه، وإلى مصلحته، وراحت ترافع من أجله ضمن الأطر الأخلاقية والمهنية التي يؤمنون بها، والتي لا تشذ عن أعراف المجتمع القطري وتكوينه التاريخي الثقافي والديني.
لا يرى المجتمع القطري في نخبه التي تظهر في الإعلام الوطني والفضائيات الأجنبية موضحة موقف بلادها، ومدافعة عن مصالح شعبها، جماعات غريبة عنه فكرياً وطبقياً. بل يراها امتداداً غير متقطع للمجتمع ونظامه القيمي المتوارث. ويتفاعل الشعب القطري بإيجابية بالغةٍ مع نخبه، يظهر هذا لمن يتابع حسابات الشخصيات القطرية في مواقع التواصل الاجتماعي، فالمواطن القطري لا يرى صعوبة في فهم لغة صفوته وأسلوبها، ويعتبرها جزءاً منه. يعي ضرورة دخوله وانخراطه في عملية تكامليةٍ وتعاونيةٍ معها، من أجل تجاوز الأزمة، وتقديم صورة واضحة وحقيقية عن القيادة والشعب القطريين.
يستمد الشعب القطري ثقته بنخبته من ثقته وعلاقته القوية بقيادته، حيث يثبت الواقع أن المجتمعات التي تثق في حكامها وأنظمتها السياسية، هي تثق، بطريقة أو بأخرى، في نخبها الأكاديمية والإعلامية. هذا ما يبرّر تماسك الداخل القطري في أثناء الأزمة ووحدويته في مواجهة هذا الظرف الطارئ. يمثل هذا نقطة قوة قطر في هذا الظرف التاريخي الطارئ، ففي قطر على عكس الدول الأخرى، ليس هناك موقف شعبي وآخر قيادي وثالث نخبوي، وإنما هناك موقف وطني قطري متكامل ومتراص وواثق، نسجته الأزمة وثبتت أركانه. هنا، يمكن القول، إن من إيجابيات المنبه الذي أحدثته الأزمة الخليجية إيضاح مدى تكامل السياسي والمجتمعي والنخبوي، وتماسكه داخل الحاضنة المجتمعية القطرية، بحيث لا مكان للانقسام والتردّد.
إذا ما حللنا التركيبة القيمية للنخبة القطرية على ضوء الأزمة الراهنة، نجد أنها نخبة محافظة، متماسكة تنهج نهجاً دفاعياً على قيم الأمة، ملتزمة بصرامة بقيم المواطن القطري المتشبع بالأخلاق العربية والإسلامية. ولعل موطن القوة لدى النخبة القطرية، ولا يتوفر عند نخب عربية كثيرة، هو صفحتها التاريخية البيضاء، فأرشيفها يخلو من محطاتٍ هجومية في حق الآخر، ومن التحامل على دول وشعوب عربية، فلطالما كانت صفوة قطر صوت الحكمة والهدوء في المنطقة، في وقتٍ تورطت نخب كثيرة في مواقف أخلاقية كظلم قضايا الشعوب، والوقوف ضد خياراتها وتطلعاتها.
لم تقتصر جهود النخبة القطرية على العمل النخبوي الشخصي، ممثلاً في شخص المثقف أو الأكاديمي. بل تعدّاه إلى السلوك المؤسسي المنظم. وهنا، يمكن الإشارة إلى مهنية المؤسسات الإعلامية القطرية العمومية والخاصة، وكذا منظمات المجتمع المدني التي التزمت بقضايا شعبها ومواطنيه، واتخذت منها شعاراً لمرحلة الأزمة، ولعل الإعجاب الأكبر من صالح اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان، والتي دخلت في عملية استجابة محترفة مع ما أنتجه الحصار من تجاوزاتٍ في حق ساكني دولة قطر، مواطنين ومقيمين.
إن كانت الأعوام الماضية من تاريخ قطر أعوام زرع، فإن الحاضر يمثل لدولة قطر فترة حصاد، فسنين تشجيع التعليم، ودعم الإعلام، وابتعاث طلبة قطريين إلى الخارج، والتمسّك بالبحث العلمي ومأسسة المجتمع المدني، والاهتمام بكل ما من شأنه تعزيز قوة الدولة القطرية في شقها الناعم، أثمرت نخبةً قطريةً قادرةً على الدفاع عن مصالح الشعب وهويته. متصلةً بثقافة الفرد القطري وقضاياه غير منفصلة عنهما. وكذا حزمة مؤسّسية محترفة تعي أدوارها المجتمعية، ومسؤولياتها تجاه الدولة في الظروف العادية وفي الأزمات. إذن، أجابت الأزمة الراهنة عن سؤال النخبة القطرية: نعم، هناك نخبة قطرية مكتملة التكوين، واضحة القيم، هدفها محدّد، هو الدفاع عن شعبها وأمتها، والتصدّي لما من شأنه تهديدها أو التدخل في شؤونها الداخلية.
مقالات أخرى
01 سبتمبر 2020
16 يوليو 2019
04 يوليو 2019